تاريخ مدينة جيانغشي الصينية

اقرأ في هذا المقال


تقع مدينة جيانغشي في جنوب شرق وسط الصين، ويحدها من الشمال مقاطعة آنهوي ومقاطعة هوبي، أما من الشرق يحدها مقاطعة تشجيانغ ومقاطعة فوجيان، ومن الجنوب مقاطعة قوانغدونغ، أما من الجهة الغربية ويحدها مقاطعة هونان، وتشبه مدينة جيانغشي في شكلها شكل حبة الكمثرى.

مدينة جيانغشي

اسم نة مدينة جيانغشي يعني باللغة الصينية غرب نهر، وتقع جميع أراضي المقاطعة في الجهة الجنوبية، وعبر تاريخ الصين القديم تم إجراء عدد من التغييرات التي أقامتها الصين في التقسيمات الإدارية خلال تاريخها القديم، في عام 733 ميلادي وعند بداية حكم سلالة تانغ تم تأسيس أراضي جيانغشي في الغرب من جنوب نهر اليانغتسي، تقع جيانغشي في الوسط من المرتفعات الغربية للصين والسلاسل الساحلية  الموجودة في مقاطعة فوجيان، وهي عبارة عن ممر يربط مقاطعة قوانغدونغ في الجنوب بمقاطعة أنهوي والقناة الكبرى في المناطق الشمالية.

خلال التاريخ الصيني القديم كان لمدينة جيانغشي دور مهم في الأمور السياسية والعسكرية في الصين، ولعل السبب في ذلك؛ الموقع المتميز للمدينة، حيث أن طريقها يعد طريق مهم للتجار الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى دوره في نقل القوات العسكرية والسكان بين الماكعات الصينية، وأهم ما يميز المقاطعة وجود الجبال فيها والتي تربط بين المقاطعات الصينية ويوجد فيها الممرات الداخلية وقد سهل ذلك حركة المرور بين المقاطعات وزاد من أهمية مقاطعة جيانغشي، كما يوجد جبال في شمال ووسط المقاطعة، بالإضافة إلى الوديان الصغيرة.

يعد نهر غان هو النهر الرئيسي لمقاطعة جيانغشي والذي يسير عبر جميع أراضي المقاطعة ويربط بين المناطق الشمالية والجنوبية، كما يوجد أنهار جيانغشي والتي تشكل أحواض نادرة مميزة وأهم ما فيها المناطق الشمالية الشرقية والغربية، ومن بين تلك الأنهار نهر شين، وقد ساعدت تلك الانهار مدينة جيانغشي بشكل كبير وجعلتها منطقة بحرية ذات أهمية كبيرة وحسنت من مستواها الزراعي والذي بدوره دعم الاقتصاد فيها.

الهجرات إلى مدينة جيانغشي

خلال العصور القديمة تعرضت مدينة جيانغشي إلى عدد من الهجرات الكثيرة والتي كانت من شمال الصين، ويتكون معظم سكانها من شعب الهان الصيني، كما تحتوي على مجموعة من الأقليات الشعبية ومنهم شعوب همونغ وشعب هوي، وتعد لغة الماندرين هي اللغة اللغة الرسمية التي يتم التحدث فيها كما يوجد فيها لغة جان ولغة فوجيان الغربية، بالإضافة إلى لغة الكاتونية، يقيم جميع سكان مدينة جيانغشي في الريف، كما يوجد فيه السكك الحديدية والتي تربط بين الأنهار والطرق البرية في المقاطعات الصينية، كما يوجد فيها مركز الثقافة والتجارة في وادي جان.

من أهم المعادن الموجودة فيها معدن النحاس ومعدن المغنيسيوم، تمكن العلماء من العثور على رواسب واسعة في الجزء الجنوبي من المقاطعة، كما تم العثور على مناجم الفحم وغيرها من المعادن التي تشتهر فيها المدينة وقد أدى ذلك إلى جعلها ذات أهمية صناعية كبيرة منذ القدم وحاولت عدد من الدول السيطرة عليها، للاستفادة من الخبرات الموجودة فيها، مما يوجد فيها معدن الزنك والحديث وبكثرة وتعد من أكثر المدن الصينية التي تحتوي على مصادر طبيعية ومعادن كثيرة، ومقام حكام المدنية ببناء محطات الكهرومائية، كما تم بناء محطة على نهر جان الموجود في مدينة وانان.

عُرفت مدينة جيانغشي منذ القدم بوجود التجارة والحرف اليدوية فيها، ومع بداية عام 1949 ميلادي بدأت عملية الصناعة الحديثة ولم تكن متطورة بشكل كبير في البداية وكانت محدودية العمل، وبعد ذلك العلم بدأت المدينة بتطوير الصناعات، وقامت بتأسيس مجموعة من المصانع الكبيرة والصغيرة ومن بينها محطات توليد الكهرباء ومصانع النسيج وقطع السيارات، ومن أهم المؤسسات الموجودة فيها كانت مؤسسة معالجة الأغذية.

تاريخ مدينة جيانغشي

عاش شعب جيانغشي تحت حكم ثقافة الكونفوشيوسية لمدة ألفي عام، حيث أنّ المدينة كانت الحياة فيها عبارة عن حياة ريفية ويعمل سكانها في الزراعة وكانت الحكومة هي المسيطر على قطاع الثقافة وساعد ذلك إلى وجود مجموعة من العلماء أصحاب الثقافات المختلفة وقدم إليها العلماء من خارج أراضيها لتعلم الثقافة والشعر، وكان لها دور كبير في تخريج أعظم القادة العسكريين في الصين وخلال فترة حكم سلالة مينغ وسونغ فيها تم إخراج أعظم القادة العسكريين في تاريخ الصين القديم، وأهم ما تتميز فيه المدينة وجود الفلاسفة الذي تم معرفتهم عالمياً وقاموا بتأسيس مدارس للفلسفة.

في عام 770 قبل الميلاد بدأت فترة الربيع والخريف وكانت بداية حكم سلالة تشو في عام 1046 قبل الميلاد وفي ذلك الوقت كانت مدينة جيانغشي جزء من أراضي مملكة تشو، وعند بداية حكم فترة الدول المتحاربة اللاحقة 475 قبل الميلاد، قامت مملكة وو بضم المنطقة الواقعة شرق بحيرة بويانغ إلى حكمها، وفي عام 206 قبل الميلاد بدأ حكم سلالة هان وتم تأسيس إمبراطورية موحدة، وأصبحت مدينة جيانغشي جزء من مقاطعة هانغتشو وخلال تلك الفترة بدأت المدينة بالنمو  وتوسعت ثقافياً وزاد عدد سكانها بشكل ملحوظ.

في عام 220 قبل الميلاد بدأت فترة السلالات الست وخلال تلك الفترة أقامت نسبة كبيرة من شعب شمال الصين والذين هربوا من غزاة على مدينة جيانغشي، في البداية كان هناك مجموعة من الصراعات بين القادمين من الشمال ومع السكان الأصليين،  تم إدخال الفنون والثقافة والمهارات الإدارية إلى المناطق الشمالية من المقاطعة، وأصبح وادي نهر جان هو الطريق السريع للإمبراطورية، في عام 618 قبل الميلاد بدأ حكم سلالة تانغ ونمت التجارة فيها والسكان في جيانغشي أكبر مما كان عليه في الأزمنة السابقة. نتج هذا أولاً عن افتتاح القناة الكبرى.

في عام 960 قبل الميلاد وخلال حكم سلالة سونغ أصبحت مدينة جيانغشي نسخة للدولة الكونفوشيوسية وكانت واقعة تحت حكم العلماء، وتم تأسيس أكاديمية يتم من خلالها تعليم الكونفوشيوسي، في عام 1069 ميلادي تولى وانغ أنشي الحكم وأراد إلغاء الحكم التقليدي، مع نهاية فترة سونغ وطوال وبدأ الغزو المغولي على الصين، بدأت قوة جيانغشي السياسية والثقافية بالتراجع وكانت الحكومة تتبع نظام القمع في حكمها.

في عام 1368 وعند نهاية حكم سلالة مينج خرج من مدينة جيانغشي رجال عظماء، وقامت الحكومة برفع الضرائب؛ ممّا أدى إلى غضب الشعب، مع بداية القرن السادس عشر قام قطاع الطرق محاربة الفلاحين الذين يقيمون في الجبال، استمرت الصراعات حتى بداية حكم سلالة تشينغ في عام 1644 ميلادي وعاشت المدينة في حالة من السلام وتم توحيد أراضيها، عادت مدينة جيانغشي من جديد من أغنى مدن الصين، غلا أنّها مع بداية القرن التاسع عشر ميلادي بدأت المدينة بالضعف؛ وذلك بسبب قيام تمرد تايبينغ في عام 1850 ميلادي ضد حكم سلالة كينغ وتم عقد معاهدات مع الدول الغربية وتم تحويل التجارة إلى السواحل.

مع بداية القرن العشرين قامت مجموعة من الثورات في المدينة وقامت الصراعات بين الأحزاب الحاكمة وبعد انتهاء الحكم الياباني في الصين وقعت المدينة تحت الحكم الشيوعي واستمر حكم الشيوعيين فيها حتى عام 1949 ميلادي وأعلنت الحكومة الصينية عن استقلالها ومنحتها الحكم الذاتي.

تعد مدينة جيانغشي أحد المدن الصينية الواقعة في الجزء الشمالي منها وتتميز بوجود المعادن ومن أهمها المغنيسيوم، كما يوجد فيها مناجم الفحم وقد أدى ذلك إلى قوتها الاقتصادية وخاضت المدينة الصراعات الداخلية ووقعت تحت حكم اليابان خلال الحرب العالمية الثانية.


شارك المقالة: