يعود تاريخ المستوطنات البشرية في منطقة هاربين إلى قبل أربع آلاف سنة، بدأت تُعرف باسم عاصمة سلالة جين الصينية الحاكمة وكانت تسمى شينغ في أراضي هاربين، في عام 1115 ميلادي أصبحت هاربين مستقراً لسلالة تشينغ، على الرغم من ذلك كانت لا تزال ريفية إلى حد كبير بأكثر من عشر قرى وأقام فيها قرابة ثلاثون ألف شخص حتى القرن التاسع عشر.
تاريخ مدينة هاربن الصينية
بدأت مدينة هاربن عام 1896 ميلادي بالنمو وتحولت من قرية صغيرة إلى مدينة متطورة؛ وذلك بسبب بناء السكك الحديدية الصينية الشرقية والتي تم بناؤها من قبل تمويل الإمبراطورية الروسية وتمت عملية توسيعها لربط السكك الحديدية المارة في سيبيريا واستمرت عملية توسعتها حتى عام 1903 ميلادي، في عام 1918 ميلادي قامت ثورة أكتوبر الاشتراكية الروسية العظمى تم فيها هزيمة الحرس الأبيض الروسي وبدأ اللاجئون بالهروب إلى هاربين والتي أصبحت فيما بعد مركزًا رئيسيًا للمهاجرين الروس البيض والشعب الروسي المقيم خارج الاتحاد السوفيتي.
كما كانت المدينة تعتمد نظام مدرسي روسي ويتم نشر الصحف الروسية، بعد انتهاء عام 1919 بدأت الجالية اليهودية الروسية التواجد في هاربن، في عام 1931 ميلادي وبعد انتهاء حادثة موكدين غزت اليابان أراضي منشوريا، استمر الجيش الياباني احتلال هاربين وأسسوا دولة مانشوكو العميلة، ثم أصبحت مدينة هاربن قاعدة عمليات رئيسية للمجرمين والذين كانوا يقتلون الناس.
عام 1923 تمت عملية تهدئة مانشكو وشارك في العملية عدد من الجنود التابعين للحزب الشيوعي الصيني والقوات العسكرية الصينية والذين كانوا يقودون حملات ضد الاستعمار الياباني، وحاول الحزب الشيوعي جمع أكبر عدد ممكن من القوات للوقوف في وجه الاستعمار الياباني والحصول على الاستقلال، تم بعد ذلك تأسيس أول منظمة للحزب الشيوعي في شمال شرق الصين، ثم أصبحت هاربين المركز الرئيسي حيث قاد الحزب الشيوعي الصيني الشعب في شمال شرق الصين لشن نضالات ثورية وشن حربًا لاحقًا ضد الغزاة اليابانيين.
بدأ ت بعد ذلك عملية تهدئة مانشوكو استمر جيوش المتطوعين في محاربة اليابانيين، وذلك حسب تعليمات الماركسية والتي تم إصدارها في عام 1919، تم تنظيم الحركات العمالية والطلابية المناهضة للإمبريالية والنضال الوطني في هاربن والتي قادها عدد من القادة العسكريين، في عام 1923 تم تأسيس أول منظمة للحزب الشيوعي والتي كان موقعها في شمال شرق الصين، ثم أصبحت مدينة هاربن المركز الرئيسي وتولى الحزب الشيوعي الصيني قيادة الشعب في شمال شرق الصين لخوض تمردات وحرب ضد الاستعمار الياباني.
في عام 1929 ميلادي هرب ألف وثلاثمئة من اليهود وذلك بعد الاحتلال الياباني، وذهب معظمهم إلى شنغهاي ومدينة تينيسي وكانت تلك الفترة هي فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، بدأ بعض اليهود الألمان الهاربن من النازيين إلى هاربن، قام المسؤولون اليابانيون في وقت لاحق بتسهيل الهجرة اليهودية إلى عدة مدن في غرب اليابان ومنها مدينة كوبي التي أصبحت تحتوي على أكبر كنيس يهودي في اليابان.
في عام 1932 ميلادي وقعت هاربن تحت سيطرة نظام الدمى اليابانية وعاش الناس في حالة من الدمار وكان تحت حكم الحزب الشيوعي الصيني، خاض أهالي هاربين تمردات كبيرة وبدأوا يسعون الحصول على الاستقلال وظهر فيها عدد من الأبطال والذين كان لهم دور كبير في عملية تحريرها.
تم بعد ذلك تأسيس جمهورية الصين الشعبية وساعد ذلك مدينة هاربن استرجاع الاقتصاد الوطني وقامت بتطويره بسرعة كبيرة، تم بعد ذلك وضع الخطة الخمسية الأولى وكانت هاربين واحدة من مدن الصناعية في الصين، تم تأسيس ثلاثة عشر مشروعاً وساعدها في بنائها الاتحاد السوفيتي في هاربن وأصبحت فيما بعد قاعدة صناعية مهمة في الصين، وتحولت فيما بعد من مدينة مستهلكة إلى مدينة صناعية جديدة.
في عام 1958 بدأت هاربن طريقاً تنمويًا متعرجًا وأصبح الاقتصاد فيهها يضعف وقد أدى ذلك تعرضها للكثير من المشاكل والصراعات الداخلية والمعاناة الطويلة مع قلة الاقتصاد واستمر الوضع كذلك حتى عام 1965 ميلادي، على الرغم من ذلك تمكن الاقتصاد الوطني والخدمة الاجتماعية من تحقيق إنجازات مهمة وذلك عند إدخال الإصلاحات الاقتصادية عام 1979 ميلادي، كما يتم إقامة المعرض الاقتصادي الصيني في مدينة هاربن، في عام 1990 ميلادي تم دمج مقاطعات هاربن مع عدد من المحافظات.
تاريخ مدينة هاربن القديم
يعود تاريخ المستوطنات البشرية في هاربن إلى عام 2200 قبل الميلاد وذلك خلال قيام العصر الحجري المتأخر، في عام 1115 ميلادي أسس وانيان أجودا سلالة جين، وتم خلال تلك الفترة تأسيس عدد من المدن فيها وقام الحكام الذين يحكمونها ببناء القصور والمباني الكبيرة، كما تميزت بوجود التماثيل الكثيرة، فقد كانت كل سلالة تسكنها تقوم بصنع التمثال الخاص بالإمبراطور الحاكم حينها.
في عام 1211 ميلادي تمت عملية الفتح المغولي لإمبراطورية جين وتم التنازل عن مدينة هاينينغ. في بداية القرن السابع عشر قام المانشو باستخدام مواد بناء والتي كان يحصلون عليها من مدينة تشانغ، وذلك من أجل بناء قصورهم في الشوكا، كانت مدينة هاربن في تلك الفترة تعد من المناطق الريفية وعلى الرغم من وجود الكثير من المباني فيها ووجود الحكام، إلا أنّ وضعها ما زال غير مستقر.
مع بداية عام 1898 ميلادي أصبحت مدينة هاربن أكثر تطورا وأصبحت مدينة يقام فيها السكك الحديدية، وساهمت الإمبراطورية الروسية والتي كانت موالية في حكمها للصين في بناء السكك الحديدية في مدينة هاربن وكان يتم إحضار المهندسين الروس للقيام بتلك الأعمال وقامت روسيا بعد ذلك بالسيطرة على سكة الحديد وتمكنت الحكومة الروسية من تطوير المدينة وجعلها أكثر ازدهاراً، كانت روسيا تسعى من خلال ذلك السيطرة على اكبر عدد في آسيا وبناء مستوطنات إمبريالية في المنطقة.
مع نهاية القرن التاسع عشر ميلادي بدأت جماعات شعب الهان الصيني بالانتقال إلى منشوريا وحاولوا الاستفادة من التربة الخصبة في المنطقة، وبدأت مدينة هاربن تتمتع بالتجارة الداخلية والخارجية، في عام 1904 ميلادي قامت الحرب الروسية اليابانية وقامت روسيا باستخدام مدينة هاربن كقاعدة عسكرية للقيام بالعمليات العسكرية في منشوريا، تم هزيمة روسيا في تلك الحرب وأدى ذلك إلى تراجع سيطرتها في المنطقة، بدأ عدد كبير من شعب فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا بالانتقال إلى هاربن وقاموا بتأسيس عدد من القنصليات والبنوك فيها.