اقرأ في هذا المقال
تقع مقاطعة هيلونغجيانغ في شمال مقاطعة شنغ والتي تقع في شمال شرق الصين، وتحدها من الشرق والشمال روسيا والذي يمتد على طول نهر أمور ونهر أوسوري، أما من الجنوب يحدها مقاطعة جيلين الصينية، ومن الجهة الغربية يحدها أراضي منغوليا الداخلية، وتحتوي أراي هيلونغجيانغ على أجزاء كبيرة من أراضي منشوريا وأكثر من ثلث سكانها من شعب منشوريا، تم اشتقاق من هيلونغ جيانغ.
مقاطعة هيلونغجيانغ الصينية
معظم سكان مقاطعة هيلونغجيانغ من شعب الهان الصيني، كما يوجد مجموعات عرقية أخرى والتي تعد من أهم المجموعات العرقية في جنوب شرق آسيا، ومنهم شعب المانشو والكوريون وهوي والمسلمون الصينيون والمغول، كما تشمل أيضاً على مجموعات عرقية صغيرة، وبعد أنّ تم تشكيل الحكومة الشيوعية تمت عملية تأسيس مقاطعة ذاتية الحكم والعديد القرى التي كانت تتمتع بالحكم الذاتي وكانت تلك المناطق يقيم فيها أقليات عرقية.
كانت شعوب المانشو تشكل أكبر مجموعة أقلية وتم انتشارها بشكل كبير في الجزء الجنوبي من المقاطعة، وقامت شعوب الهان باستعيابهم ثقافياً، وكان معظم سكانها يعملون في الزراعة، وكان أسلوب حياتهم يشبه أسلوب عيش شعب الهان وكان نظام الزواج عندهم نظام مختلط وكان منتشراً كثيراً بين طبقة النبلاء وطبقة المثقفين.
في بداية القرن التاسع عشر ميلادي بدأت الهجرة الكورية وفي عام 1910 ميلادي وحد اليابانيون بلادهم، فقام عدد كبير من الكوريين بالهجرة إلى مقاطعة هيلونغجيانغ ومقاطعة جيلين، وقاموا بتحويل مساحات كبيرة من أراضي المستنقعات القاحلة إلى حقول أرز، وكان يعيش معظمهم في جنوب شرق هيلونغجيانغ، حيث تم تأسيس عدد من القرى الكورية المستقلة في حكمها، يعيش شعب الهوي ويعمل معظمهم في المدن الكبرى وتجار وصناع يدويين ويملكون مطاعم لحوم البقر، وكانوا يقيمون في أندا وتشاودونغ ويقومون بتربية الماعز والأبقار، وكان المغول يقيمون في الجزء الغربي وكانت أكثر المناطق جفافاً في المقاطعة، وكانوا يمارسون الزراعة وتربية الحيوانات.
وكان الكثير منهم يقيم في الجزء الغربي مقاطعة منغوليا ذاتية الحكم، كان المغول يقيمون في أعالي وادي نهر نين، وعلى الأرض الشرقية لسلسلة جبال دا هينغجان، ويقال أنّهم في القرن السابع عشر ميلادي أتوا من الجانب الشمالي لنهر أمور، أصبح الصيادون في الأصل مجموعة واحدة من أوائل المزارعين في هيلونغجيانغ، ثم استقروا في جبال كانغن وكانوا يعملون مزارعين وصيادين، كما قاموا بترية الغزلان وكانوا يسمون باسم راكبي الغزلان.
من بين السكان القدامى في لأمور العلوي والوسطى، انتقل أفراد قبيلة إيفينك إلى المقاطعة خلال القرن الأول الميلادي، يقول العلماء أنّ أصلهم من نسل قبائل سوشن والتي تعود إلى سلالة زو، ويقيم عدد قليل بشكل رئيسي بالقرب من نيهي في وادي نهر نين. كانوا في السابق صيادين وفي عام 1949 ميلادي بدأوا بتعلم الزراعة.
تاريخ مقاطعة هيلونغجيانغ القديم
مع نهاية القرن التاسع عشر ميلادي قدم الروس إلى المقاطعة، وبعد نهاية الثورة البلشفية وصل عدد كبير من المهاجرين الروس، أقام بعضهم فيها وأصبحوا جزء من الشعب الصيني، وكان كثير منهم من النساء المتزوجات من الرجال الصينيين، وكان يقيم معظم الروس الباقين في مقاطعة هاربين، ويقال أنّ سكان المنطقة في عصور ما قبل التاريخ كانوا يتكونون من مجموعة من الأشخاص كانوا يقومون بتربية الخنازير والخيول وسيطروا على جزء كبير من شمال شرق آسيا، وكان الصيادون في العصر الحجري يقيمون على طول الأنهار والساحل، كما تم العثور على أدلة أثرية على احتلالهم في عدة مواقع في هيلونغجيانغ، في عام 1982 ميلادي عثر علماء الآثار على جزء من أحفورة جمجمة بشرية.
كانت هيلونغجيانغ منذ القدم مأهولة وكان يقيم فيها والصيادين الذين كانوا يستخدمون الزوارق ومزلاج الكلاب والرنة كوسيلة للنقل، كانت بلدة سان تشينغ مكاناً لإقامة أسلاف نورهاتشي، عند نهاية القرن السادس عشر ميلادي صعد زعيم قبيلة المانشو إلى السلطة وذلك خلال الصراع الذي قام بين قبائل جوتشين المتنافسة والتحالفات مع الجماعات المرتبطة بشعب مانشو، حكم نجل نورهاتشي ، الأمير دورغون ، كوصي على العرش خلال حكم شانزي وكان يعد أول أول إمبراطور تشينغ في الصين.
عند بداية القرن السابع عشر ميلادي أصبحت المقاطعة مكاناً للصراع بين روسيا والصين، كانت مجموعات من القوزاق الذين يحملون البنادق تدفع الجزية في الفراء من القبائل التي تعيش على طول نهر أمور، وفي عام 1650 ميلادي قامت روسيا ببناء حصن روسي في ألبازينو على الضفة الشمالية للنهر، في عام 1683 ميلادي قامت سلالة تشينغ بتعيين حاكم عسكري لإدارة المنطقة وتم تدمير حصن البازينو، وفي عام 1689 ميلادي تم عقد معاهدة نيرشينسك والذي تم من خلالها اعتراف الحكومة الروسية بالحكم الصيني على الأراضي الواقعة على جانبي نهر أمور.
لم تستطيع قبائل المنطقة استعادة قوتها العددية بعد صعود مانشو إلى الحكم وحتى بعد تراجع ثقافة المانش، على الرغم من نوايا أباطرة تشينغ في الحفاظ على لغتهم الأم وطريقة حياتهم، على الرغم من أنّ مساحات كبيرة من هيلونغجيانغ خصبة، وكانت التنمية الزراعية تسير ببطء كبير؛ وذلك بسبب حكام أسرة تشينغ الذين لم يسمحوا بتأسي مزارع في وطنهم الرعوي التقليدي، بقيت المنطقة قليلة الاستقرار؛ وذلك لأنّ عملية الوصول إليها كان صعب وكان ذلك قبل بناء خطوط السكك الحديدية وخلال القرن التاسع عشر ميلادي كانت معرضة للتوسع الروسي والياباني في أراضيها.
تاريخ مقاطعة هيلونغجيانغ الحديث
في عام 1858 ميلادي قامت روسيا بضم المنطقة الواقعة شمال نهر أمور إلى مصبه وبعد ذلك بعامين المنطقة الواقعة شرق نهر أوسوري إلى بحر اليابان، في عام 1900 ميلادي سيطرت روسيا على هيلونغجيانغ واستمر حكمها فيها لمدة خمسة أعوام وبقيت محافظة على سيطرتها فيها، في عام 1905 ميلادي تعرضت روسيا للخسارة في الشرق الأقصى على يد اليابان، إلا أنّها كانت مسيطرة على سكة حديد شرق الصين الاستراتيجية، التي تمر عبر المنطقة من الغرب إلى الشرق.
في عام 1917 ميلادي وبعد انتهاء الثورة الروسية قام البلاشفة بالتخلي عن الامتيازات الخاصة بهم في شمال منشوريا، حيث كانوا يسعون من خلال ذلك إقامة علاقة ودية مع الصين، بقيت هيلونغجيانغ تحت الحكم الصيني حتى قامت اليابان بغزو منشوريا في 1931 ميلادي وأصبحت جزء من الدولة اليابانية العميلة مانشوكو واستمر الوضع كذلك حتى عام 1945 ميلادي.
في نهاية 1945 ميلادي، وقبل أنّ تعلن اليابان استسلامها في نهاية الحرب العالمية الثانية، قامت القوات السوفيتية بالدخول إلى أراضي منشوريا وقامت بالسيطرة عليها فيما بعد؛ وذلك من أجل فتح المجال أمام القوات الشيوعية الصينية، في عام 1960 ميلادي قام الصراع الصيني السوفياتي، كان هناك عدد من الصراعات المسلحة على طول حدود الدولة واستمر الصراع الحدودي لفترة طويلة، وتم في عام 2005 ميلادي حل الخلافات بين الصين وروسيا وبدأت مدينة هيلونغجيانغ بالنمو وأصبحت من أهم المناطق الاقتصادية في الصين.
تعد مدينة هيلونغجيانغ واحدة من أهم المدن الصينية التي دار فيها الصراعات بين روسيا والصين واليابان للسيطرة عليها ووقعت في فترة من الفترات تحت الحكم الروسي ومن ثم وقعت تحت حكم اليابان وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تمكنت الصين من استعادتها وجعلها من أهم المدن الاقتصادية والسياسية فيها.