تجديد مفهوم الثقافة

اقرأ في هذا المقال


تجديد مفهوم الثقافة:

جددت البحوث في صيرورة التثاقف بعمق التصور الذي كان للباحثين عن الثقافة، وقد أدى أخذ العلاقة بين الثقافة وكذلك الوضعيات التي تنعقد فيها بعين الاعتبار إلى تعريف ديناميكي للثقافة.

بل إن المنظور قد تغير، وتمت عملية المراجعة عن الانطلاق من الثقافة لفهم التثاقف، حيث أصبح الانطلاق من التثاقف لفهم الثقافة، وما من ثقافة توجد على حال صافية مماثلة لذاتها منذ الأزل، من دون أن يمسها أي أثر خارجي، كذلك إن صيرورة التثاقف هي عبارة عن ظاهرة كونية، حتى وإن كانت ذات أشكال ودرجات شديدة الاختلاف.

إن مبدأ الصيرورة التي تتضمنها كل ثقافة من الثقافات، تكون في وضعية تماس ثقافي أي صيرورة هدم البنية الثقافية وإعادتها، وفي الواقع تتبع المبدأ ذاته في تطور أي نسق ثقافي.

كل ثقافة هي صيرورة دائمة البناء والهدم وإعادة البناء، وما يختلف هو أهمية كل مرحلة من المراحل تبعاً للوضعيات، وربما توجب استبدال كلمة ثقافة بكلمة تثاقف، وهي متضمنه للتأكيد على البُعد الديناميكي للثقافة.

ومثلما بين ذلك العالم باستيد، فإن دراسة مراحل الهدم باعتبار أهميتها مقتصرة من الناحية العلمية، لا تقل أهمية لأنها ليست أقل وفرة في المعلومات الدراسية لإعادة البناء الثقافية، كذلك إنها تكشف عن نزع الثقافة وهذه ليست ظاهرة سلبية حتماً، تؤدي بالضرورة إلى تحلل الثقافة، في حال كان النزع الثقافي قد وجد للقاء بين الثقافات.

فإن بإمكانه أن يفعل بوصفه سبباً في إعادة البناء الثقافي، حيث يستند العالم باستيد أيضاً إلى المثال الأمثل، ذلك بوصفه الأقصى للثقافة.

العالم باستيد والعالم ليفي ستروس وتصورهم لمفهوم البنية الثقافية:

كما يعارض العالم باستيد، العالم ليفي ستروس وتصوره لمفهوم البنية الذي يعتبره حاد الجمود في الثقافة عبارة عن بناء تزامني يتكون كل لحظة عن طريق الحركة الثقافية المتناسقة، كما أن العالم ليفي ستروس منسجماً مع نظريته البنيوية، بالرغم من رؤية الكثير من التشاؤم لظواهر نزع الثقافة في المجتمعات الواقعة تحت الاستعمار.

عملية هدم البنية الثقافية لا تكون غالباً إلا في مرحلة أهم من مرحلة إعادة تركيب ثقافة جديدة، إلا هذا الحد أو ذاك، ويتحدث العالم باستيد في هذه الحالة عن تثاقف شكلي، ويكون التثاقف في هذه الحالة مادياً.


شارك المقالة: