تصنيف أمراض الجسم حسب فصول السنة في علم الاجتماع:
اشتمل التراث القديم اختيارات كثيرة بشأن تصنيف أمراض البدن حسب فصول السنة، حيث بيّنت العلاقة الوطيدة بين كل فصل وما يعرضه من أمراض، مما يندرج الآن تحت مبحث أسباب وعوامل المرض وعلم الأوبئة.
وفي الحقيقة أن عملية تصنيف الأمراض على هذا الشأن، تعود إلى نظريات الأطباء عن المرض، فعلى سبيل المثال ابن سينا له نظرية أساسها أن العناصر تتكون من أربعة وهي تراب وهواء وماء ونار، وطبيعتها أربعة بارد حار، ورطب وجاف، ولا يكون الفرد في صحة سليمة إلا إذا توازنت الأخلاط في بدنه، فالأخلاط هي أبدان سيالة يستعصي إليها الطعام.
فالدم له صفات الهواء ما بين الرطوبة والحرارة، والفراء لها صفة النار وتكون جافة وحارة، والبلغم له سمة الماء يمتاز بين الرطوبة البادر، والطحال له صفة التراب بارد جاف، والمرض في عين ابن سينا هو خلل في نسبة إنشاء هذه الأدمجة في البدن، وهذا أقرب ما يكون لنظرية خلل الغدد الليمفاوية التي يقر بها الطب في وقتنا الحالي.
إذن المرض يتضمن حالة تنتج عن عدم الاعتدال المزاجي، وهكذا فهناك أمراض تتكون عن التجاوز في الحر في فصل الصيف ومن هذه الأمراض الجدري والحصبة والرمد، وهناك أمراض تتكون عن الإسراف في البرد ومن هذه الأمراض حالات الآلام المفاصل والصداع المستمر والصرع والرشحة ونزلات البرد، أما في فصل الربيع تزداد التحسس والدمامل والكحة ووجع في الآلام المفاصل والربو والسكتة، وفي الخريف يكثر عسر البول وأمراض الطحال والكحة والجرب أمراض الرئة، حيث يجزم ابن سينا أن مرض الحصبة يزداد انتشاراً ومعدية في فصلي الربيع والخريف.
مساعدات العلماء في تطوير علم الاجتماع الطبي:
ومن الأمثلة التي تكرس مساعدات العلماء في تطوير علم الاجتماع الطبي بشأن هذه الأفكار، على سبيل المثال، ما قاله ابن جزلة البغدادي في كتابه تصحيح وتعديل الأجسام، عن بعض أمراض البيئة وعلاقتها بفصل الصيف بالأخص، وباقي فصول السنة عامة، حيث يذكر في هذا الكتاب لسع العقرب، ولسعة الأفعى وعضة الإنسان والحيوان، ويعتبر أن لسعة العقرب ينتشر في البلاد الجنوبية في فصل الصيف بين الشيوخ ذوي الأمزجة البادرة، وهي إصابة خطيرة وتعالج بجزء من العقرب وتعقيم مكان الإصابة بها.