تطور دولة الكويت الاجتماعي والاقتصادي والسياسي

اقرأ في هذا المقال


تطور الحياة الاقتصادية في دولة الكويت:

في بداية القرن الثامن عشر ترأس الحكم في دولة الكويت الشيخ صباح الأول، وكان ذلك في أثناء وصول جماعة العتوب إلى الكويت، فقد كان هناك أثر كبير للموقع الاستراتيجي الذي تتميز به دولة الكويت ولطبيعة سكانها المسالمين وعملهم بالتجارة والنقل البحري في زيادة عملية النمو والتطور للدولة، حيث نجح العتوب من خلال تحالفهم البحري مع غيرهم من القبائل المجاورة، فقد تمكنوا في تثبيت ودعم وجودهم في موطنهم الجديد، واستطاعوا أن يمدوا نفوذهم في تلك الأراضي، وقاموا أيضاً ببسط نفوذهم على المناطق المجاورة لهم.

في تلك الفترة أصبحت دولة الكويت مركز للقوافل المسافرة بين حلبوشرق الجزيرة العربية إلى جانب القوافل المارة بالكويت، فكانت تلك القوافل تحمل معها الكثير من البضائع التي تصل من خلال السفن الكويتية، فقد كان النقل البحري والبري يشكل المصدر الأساسي للعوائد المادية والاقتصادية لتلك المنطقة، بالإضافة إلى الدخل الناتج عن الغوص للبحث عن اللؤلؤ، فقد ظهرت النواة الأولى لهذا التطور والازدهار منذ بداية حكم الشيخ صباح بن جابر.

التطور السياسي في دولة الكويت:

إنّ دولة الكويت في عهد الشيخ صباح بن جابر شهدت عملية تحول سياسي، فقد كان ذلك من خلال العديد من العوامل الداخلية والخارجية، فقد كانت القوة البحرية التي قام بتكوينها جماعة العتوب للنقل والغوص والتجارة مزودة بأدوات عسكرية، وفي الربع الأخير من القرن الثامن عشر تم تعزيز تلك القوة، فقد تأسست دولة الكويت في بداية ظهورها في ظل حكم بني خالد وتحت حمايتهم، وكان ذلك عامل مهم يسمح للكويت بالتطور والازدهار دون انشغالها في العقبات الخارجية التي تتعرض تقف في طريقها.

فقد كان بني خالد يتمتعون بالقوة الكبيرة، حيث كانوا على استعداد كامل للتصدي إلى أي عدو يقرب من ممتلكاتهم، وكانوا يقومون في حماية من يستنجد بهم، وفي إطار ذلك تأسست دولة الكويت وتطورت، وفي القرن الثامن عشر وقعت العديد من الخلافات الأسرية لقبلة بني خالد، فانتهز العتوب هذه الفرصة لكي ينفردوا بحكم المناطق التي استقروا بها، وفي تلك الفترة كانت للأوضاع السياسية في العراق العثمانية دوراً بارزاً؛ لأن تحظى دولة الكويت بتلك المكانة المرموقة في المنطقة.

وفي تلك الفترة الممتدة من أواخر القرن السابع عشر إلى بداية القرن الثامن عشر، وقعت هناك الكثير من الخلافات، فلم تتمكن القوات العثمانية من الوقوف في وجه بني خالد؛ وذلك بسبب القوة الكبيرة التي يمتلكونها.

وفي عامي 1776/1779 وقعت البصرة تحت الاحتلال الفارسي، فقد كان له تأثير سياسي و اقتصادي كبير على الكويت، فقد دفع الكثير من سكان البصرة من الهجرة إلى المناطق المجاورة ومنها الكويت، وذلك أدى إلى زيادة أعداد سكان الكويت، مما أدى إلى زيادة مسؤولياتها السياسية تجاه السكان الجدد، فقد ترتب على عاتقها الكثير من الأمور كان من أبرزها قيامها في اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لتتمكن من الوقوف في وجه المحاولات الفارسية للامتداد إلى الكويت، إضافة الى دعم المركز السياسي للكويت لدى القوى المحلية العربية والأجنبية المتمثلة بالشركات التجارة.

التطور التجاري لدولة الكويت:

بعد تأسيس دولة الكويت، أخذت الدولة تتطور وتزدهر بشكل ملحوظ، فقد زادت الأهمية التجارية لها، وفي تلك الفترة قام سكان الكويت بالتحالف عن طريق البحر مع غيرهم من القبائل التي تجاورهم، وبذلك نجحوا في تثبيت وجودهم ليتمكنوا من مواجهة بني خالد الذين كانوا يسيطرون على جميع المناطق الشمالية والشرقية للجزيرة العربية.

حيث استمرت دولة الكويت في ذلك التطور والازدهار إلى أثناء تمكنها من توثيق تجارتها مع العراق والهند واليمن، فقد تم ذكر دولة الكويت في سجلات شركة الهند الشرقية البريطانية، وكان ذلك في عام 1758 عندما ذكر أحد رجالها المعروفين وهو الدكتور ایفز الذي كان قد توجه من الهند إلى بريطانيا عن طريق الخليج العربي، ونزل في جزيرة خرج في ضيافة البارون رئيس الوكالة الهولندية التجارية في الخليج العربي.

فقد قال ايفز: أنه سأل البارون عن أسرع طريق يسير به حتى يصل إلى حلب، بحيث يكون ذلك في فترة قليلة، فأجابه البارون إنّ أسرع طریق هو طریق القرين، فقد ذكر ايفز أنّ حاكم دولة الكويت أو واحد من رجاله قد أرسل الى جزيرة الخرج؛ ليقوم في التفاوض معهم، ولكنهم لم يصلوا إلى أي اتفاقیة.

قام العديد من تجار الكويت بتمثل دوراً هاماً في نقل التجارة بالشكل البري والبحري، وذلك من خلال طريق القوافل من الكويت عبر الخليج، ومن الهند والتي كانت تحملها سفن التجار الكويتيين إلى دولة الكويت، فقد كانت تلك القوافل تمثل المرتكز الأساسي في المصادر الأولى للاقتصاد الكويتي، بالإضافة إلى الغوص فقد عد مصدراً آخر من مصادر دخل الكويت.

وفي عام 1765 يقول الرحالة المشهور نيبور: إنّ دولة الكويت كانت تشكل ميناء تجاري بالغ النشاط، يرتكز فيه حوالي عشرة آلاف شخص يعيشون على تجارة اللؤلؤ وصيد الأسماك والنشاط التجاري، فقد وصل في تلك الفترة عدد القوارب المستخدمة لهذا الشأن بحوالي 800 قارب، فقد كانوا سكان الكويت يقومون بشكل متواصل بعملية الإبحار بتجاه الجنوب من الخليج العربي؛ طلباً للغوص للبحث عن اللؤلؤ على ساحل بني خالد في شرق الجزيرة العربية في اتجاه البحرين.

فقد كانت دولة الكويت في بداية ظهورها عبارة عن أحياء صغيرة الحجم، حيث أطلق على هذه الأحياء أسماء الأسر التي استقرت بها، فقد كانت تلك الأحياء على علم بالعديد من الأمور منها: الجهة والاتجاه، فقد نزلت كل جماعة أو قبيلة منهم في الأقطار العربية، ومنها المدينة التي كانت مقسمة إلى حي الشرق وقبلة وهو الغرب بالنسبة للاتجاهات الأربعة؛ لأنّ ذلك الحي يشير الى اتجاه مكة، ثم حي الوسط الذي كان مقر الحكم.

وفي النصف الثاني من القرن الثامن عشر وكانت دولة الكويت محيطة بسور، حيث كان ذلك السور في فترة حماية بنب خالد لها، فأخذ يضعف ذلك السور بسبب الصراع الداخلي والتنافس بين شيوخ قبيلة الخوالد على الحكم وخاصة بعد وفاة سليمان بن محمد آل حمد، فقد بدأ يقل نفوذ تلك القبيلة على شرق الجزيرة العربية، وكان السور مبنياً من الطين، فقد كان يشكل حاجز يتمكن من حمايتها من أي هجوم  تتعرض له من القبائل المجاورة للمدينة.

لقد كان المرتكز الأساسي الذي يقوم عليه المؤسسين الأوائل لدولة الكويت، هو صيد الأسماك والتجارة، فقد اعتبرت جزء من النشاط الإنتاجي الذي يعتمد على العمل في البحر، فقد كان ذلك النشاط يعتمد على تسير القوافل في الطرق الصحراوية الصعبة المليئة بالمخاطر.


شارك المقالة: