اقرأ في هذا المقال
- إصلاح شؤون هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عهد الملك فيصل
- مسيرة الإصلاح والتنمية في عهد الملك فيصل
- الإصلاح الإداري في عهد الملك فيصل
- نظام المقاطعات في عهد الملك فيصل
- الإصلاح المالي في عهد الملك فيصل
لقد كان أول عمل قام به الملك فيصل بعد تولي أخيه سعود الملك، هو قيامه بتعديل مجلس الوزراء، الذي تم إنشائه قبل شهر من وفاة والده الملك عبد العزيز، حيث لم يقبل فيصل قيامه بتولي رئاسة الوزراء إلا بعد موافقة الملك سعود على تعديل نظام مجلس الوزراء؛ ليصبح نظام متطور في طريقة تكوينه واجتماعاته وكيفية اتخاذ قراراته ومحاكمة أعضائه وعلاقته بالملك وكان ذلك في عام 1377/ 1958 ميلادي.
فقد ورد في هذا النظام: بأن يقوم مجلس الوزراء بوضع السياسة الداخلية والخارجية، وضرورة منح الإفتاء عناية كبيرة، بحيث يغطي الفقهاء في الدولة السعودية دوراً إيجابي هام، فعمل في تشكيل لجنة لبحث ما يستجد من مشاكل الأمة، وذلك من خلال تأسيس مجلس للإفتاء يضم عشرين عضواً من الفقهاء والعلماء.
إصلاح شؤون هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عهد الملك فيصل:
على الحكومة القيام بإصلاح شؤون هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بحيث تتطابق مع الأهداف الإسلامية التي وضعت بالأساس من أجلها، ومتابعة النهوض بالمستوى الاجتماعي للأمة، وخاصة هيئة تقديم العلاج والدواء بالمجان لجميع المواطنين وإقرار نظام الضمان الاجتماعي ونظام الحماية من البطالة وتأمين التعليم المجاني في جميع مراحله، وكذلك اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لوضع برامج إصلاحية بالشكل الكلي، بحيث ينتج عنها ازدهار مستمر للأوضاع الاقتصادية، التي تتضمن المواصلات ومصادر المياه وإقامة السدود والعمل بجميع طرق تطوير الزراعةوالصناعة.
فقد قام الملك فيصل بمتابعة جهوده طوال تلك الفترة بتحقيق وتطبيق مضمون هذا البيان الإصلاحي، وحقق خطوات مهمة في جميع المجالات منها: المالية والاقتصادية والتعليمية والدفاعية وجميع الشؤون العامة للدولة، ويقوم بعملية الإشراف على تنفيذها، بحيث تبقى السلطة التنظيمية الإدارية بيده فقط، ويعتبر المرجع الأساسي للشؤون المالية ولجميع الشؤون المرتبطة في جميع وزارات الدولة، وهو المسؤول عن اتخاذ التدابير اللازمة في ذلك، أما فيما يتعلق بالمعاهدات فلا تعتبر المعاهدات والاتفاقات الدولية مأخوذ بها إلا بعد موافقته عليها.
ونشير هنا أنّ القرارات المتخذة من قبل مجلس الوزراء تعتبر قرارات نهائية لا سبيل في الرجوع عنها إلا في ما يحتاج من تلك القرارات لأمر ملكي، وبعد مدة قليلة من توليه الحكم في عام 1384/ 1964 ميلادي، قام الملك فيصل في عملية التعديل على نظام مجلس الوزراء فقد نص ذلك التعديل على جعل الملك رئيساً لهذا المجلس، كما جاء بموجبه القيام بعقد الاجتماعات برئاسة الملك أو نائب رئيس مجلس الوزراء، وإنّ القرارات المتخذة من قِبله لا تعتبر قرارات نهائية إلا بعد تصديق الملك عليها، وفي ذلك الوقت أصبح تعيين وإعفاء الوزراء يتم بأمر ملكي.
فقد أصبح مجلس الوزراء يتمتع ويتميز بصلاحيات واسعة وشاملة في مختلف القطاعات التشريعية والتنفيذية والإدارية والمالية، بالإضافة إلى ذلك قام الملك فيصل بالعمل على ترسيخ مبدئ حكم الشوری وذلك من خلال تعزيز مجلس الشورى الذي أسسه والده في الحجاز، عندما قام بتعينه نائباً له على تلك البلاد.
مسيرة الإصلاح والتنمية في عهد الملك فيصل:
في عام 1382/ 1992 ميلادي قام الملك سعود بسبب سوء حالته الصحية وازدياد المخاطر التي كانت تحلق بالمملكة في استدعاء أخيه الأمير فيصل من أميركا وكلفه بتكوين وزارة جديدة، كما وضع بيده جميع السلطات، وفي أول اجتماع لمجلس الوزراء الجديد، ألقي الفيصل خطاباً، جاء بموجبه قيامه بالوعد بوضع نظام ومرتكز أساسي للدولة السعودية.
وقام أيضاً بحد المستوى الإصلاحي لجميع أوجه النشاط العام في الدولة السعودية والتي كان من أبرزها: العمل على إصدار نظام للمقاطعات يوضح طريقة الحكم الداخلي المحلي لجميع مناطق الدولة المختلفة، وذلك لدفع عملية التطور الإداري والسياسي والاجتماعي في البلاد بالشكل السريع، والعمل على مضاعفة الجهود لإنشاء نظام لاستقلال القضاء يعزز لحرمته ومكانته ويتمسك بزمامه مجلس أعلى للقضاء، وتأسيس وزارة للعدل، تقوم بعملية الإشراف على الشؤون الإدارية لهذا القطاع، ويلحق بها نيابة عامة للدولة تهتم بمصلحة الشعب وتدافع عن حقوقهم.
الإصلاح الإداري في عهد الملك فيصل:
لقد قام الملك فيصل في العديد من الإصلاحات في القطاع الإداري في الدولة السعودية، وتجسد فيما يلي: قيامه في عام 1380/ 1960 ميلادي بتأسيس معهد الإدارة العامة للتنظيم الإداري، لتكون مهمته زيادة كفاءة موظفي الدولة من خلال تدريبهم على جميع مستوياتهم، والعمل على تصنيف الوثائق الإدارية والمشاركة في عملية التنظيم الإداري وتقديم المشورة الإدارية للوزارات والمصالح.
نظام المقاطعات في عهد الملك فيصل:
إصدار الملك فيصل في عام 1383/ 1963 ميلادي نظام المقاطعات الذي أقره مجلس الوزراء، وهو عمل فعّال لإصلاح نظام الإدارة وتطويره، وذلك من خلال إصدار نظام الحكم المحلي، وتأسيس مجالس المقاطعات التي تشترك مع حكام المقاطعات في إدارة الوحدات الإدارية الجديدة. وفيما يخص ذلك الشأن يعتبر حكام المقاطعات موظفين إداريين تابعين بوزارة الداخلية. وفي عام 1383/ 1963 ميلادي قيام الملك فيصل بإنشاء اللجنة العليا للإصلاح الإداري.
الإصلاح المالي في عهد الملك فيصل:
كان من أهم ما قام به الملك فيصل دوره في إنقاذ البلاد من أسوء كارثة مالية حلت بها، منذ تأسيسها، وذلك عام 1378/ 1958 ميلادي، وكانت تلك الكارثة قد تؤدي إلى تدمير بنية الدولة السعودية، وفي هذا الوقت بالذات تسلم فيصل رئاسة مجلس الوزراء، فقد قلق وحزن عندما علم أنّ خزانة الدولة لا تملك سوی القليل من الأموال، فبادر بالشكل السريع إلى اتخاذ مجموعة إجراءات استثنائية لإنقاذ الموقف.
فقد قام الملك فيصل باللجوء إلى المصارف السعودية للحصول على قروض، تمكن بواسطتها من تسديد رواتب الموظفين، وفرض على شركات البترول تسديد حصة الدولة من عائدات النفط، وتأجيل ما يترتب لها من دیون على خزينة الدولة لوقت لاحق، ثم طلب إعادة دراسة الموازنة من جديد، معتمداً السير على سياسة التقشف القاسية في عملية الإنفاق. وسرعان ما أعطت هذه الإجراءات نتائجها الإيجابية؛ فعملت بشكل كبير في توقف الانخفاض المالي، دون أن تضطر الحكومة إلى الاستعانة بالقروض الخارجية التي تؤثر على سيادة الدولة واستقلالها.
وفي عام 1381/ 1961 ميلادي عمل الملك فيصل على إصدار العملة السعودية الورقية بناء على قواعد وأسس جديدة ومتينة، بحيث تصبح بديل عن العملة التي كانت متداولة حتى ذلك الوقت، وكذلك تمكن الملك فيصل من حل مشكلة البنوك التي تطرح إشكالية الربا المحرم بالشريعة الإسلامية، بعد قيامه بالتشاور مع العلماء، باعتبار إنّ مصارف الخاصة بالمؤسسات لا بد منها، وذلك لسير الاقتصاد الحديث والتجارة الداخلية والخارجية، إنّ الفائدة المصرفية ضرورية لدفع رواتب الموظفين في هذه المؤسسات، والنفقات المصرفية الأخرى الضرورية للاقتصاد الوطني.