دور الثقافة التنظيمية في بيئة العمل:
تعتبر الثقافة التنظيمية من أبرز الأسباب وراء عملية التحديث السيء داخل بيئة العمل في أيّة منظمة، وكما تعتبر أساليب الإدارة الثقافية في المنظمة ضمن واقع بيئة العمل من ضمن الأهمية الثقافية أيضاً، ولا بد من الملاحظة في وجود نمط إداري يتسم باللامبالاة، وهو أحد الأعراض التي إذا انتشرت فإنها تحتاج إلى معالجة تبدأ بالتشخيص لمعرفة الأسباب التي تؤدي إلى هذا السلوك الذي يتصف باللامبالاه، وإلى غيره من أعراض التنظيم السيء.
كذلك لا بد من الملاحظة على أنه عندما ندخل إلى أحد المؤسسات بعض الأجهزة، ويلفتنا سلوك العاملين بحماسهم وحسن تعاملهم، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو النمط الإدارى للمدير المشرف على هؤلاء العاملين، فكل موظف ناجح لا بد أن خلفه مديراً ناجحاً، كذلك يجب الإدراك الكامل حول أمر أن ثقافة المنظمة هي إحدى الوسائل التي يستطيع الفرد القائم على منظمة ما، أن يتمكن من خلالها وضع الإطار المرجعي والمنطلقات والأسس التي تسير وتحكم عمل الجميع، حيث تكون قيم العمل السائدة واضحة ومفهومة لدى الجميع، ويتم ترسيخها على الدوام عن طريق الإعلام والاجتماعات، والندوات ومناسبات النجاح.
كذلك لا بد من الإدراك التام بأن بعض المنظمات على سبيل المثال تتضمن من خلال تطبيق ثقافتها، عملية تشجيع الإبداع والمبادرات والأداء المتميز، وفي الكثير من الأحيان ما تؤدي هذه المساحة المتاحة للإبداع إلى مساعدة المنظمة في تحقيق النجاح والمنافسة بفاعلية، كذلك إن وجود مبادئ ومعايير للأداء والسلوك واضحة للعاملين في المنظمة، سواء كانت مكتوبة أو مجرد تقاليد متوارثة متجددة، تعتبر بمثابة الموجه والمراقب والمقيّم للعمل والعاملين سواء من الناحية الفنية أو السلوكية.
وهكذا عندما يتوافر أمر الثقافة داخل المؤسسة في بيئة العمل، فإن الأسلوب المطبق لا يسمح لها بعملية البقاء بشكل نهائي، فإما أن يتم تغييرها أو يطلب من الفرد القائم على العمل بها بالمغادرة ليبحث عن بيئة عمل لها ثقافة مختلفة ترحب بمثل هذا السلوك، ومن الملاحظ أن بعض المنظمات من حكومية وأهلية، تعمل ضمن إطار من الاجتهادات الفردية، والأعمال المنطلقة من كيان صغير مستقل لا يرتبط بحبل تنسيق أو تكامل مع الكيانات الأخرى داخل التنظيم، وقد يكبر هذا الكيان ويتحول إلى ما يشبه الدولة داخل منظمة ما.
وعند حدوث أمر غياب التنسيق والثقافة المشتركة، يصبح من الأمر الصعب عملية تحقيق مبدأ العمل بالوحدة الثقافية، وهذا الأمر يقود إلى التشتت الثقافي والتنافر، وفي هذه الحالة فإن هذه البيئة التي لا تنطلق من ثقافة واحدة سينعكس وضعها الفوضوي هذا على سلوك أفرادها، والمسؤولية بالتأكيد هي مسؤولية الإدارة التي تقع ضمن المستوى الأول من الهرم التنظيمي.
على الفرد القيام بزيارة ميدانية لبعض المؤسسات، وسوف يقابله في بعضها موظف يرحب بقدومه ويبتسم له ويبادر بخدمته من خلال تعاليم واضحة ومقننة وفعالة تجعله يشعر بالارتياح، ويخرج بانطباع مؤكد بأن هذه المؤسسة تستحق التقدير، وأنها تعمل في إطار تنظيمى واضح يستند إلى ثقافة يلتزم بها الجميع. وسوف يسأل عن اسم مدير هذه المؤسسة.
وسوف يصادف الفرد من خلال زيارته إلى مؤسسات أخرى أن طبيعة بيئة العمل المادية غير مريحة، ومظهر العاملين غير لائق، وسوف يجد من يستقبله بكل برود، وبإجراءات غير واضحة ومعلومات متناقضة، وسلوكيات تسيء إلى التنظيم وسوف يهمه أن يعرف من هو مدير هذا التنظيم أيضاً.
المثقف ودوره في المجتمع:
لا بد من معرفة أن المثقف يعتبر جزء مهم ضمن مفاهيم المجتمع، وأيضاً عاملاً من عوامل تطوره، وله القدر الأكبر في نشر الإدراك، وأمور المثقف التي تلزم عليه أن يكون متوفراً، ويبدي رأيه ويثير مجموعة من الأسئلة، وكذلك يمحي الغبار العالق عن كثير من مشكلاتنا، فغياب الإدراك الثقافي يؤدي إلى نشوء سلوكات ومفاهيم غريبة بين أفراد المجتمع من اللامبالاة، وعدم النظر للأمور بجدية، ويسود الفكر الواحد والأنانية وحب الذات، فكلما تمحور الإنسان حول ذاته، فقد بوصلته، وفقد تواصله مع الآخر.
ويمكن اعتبار التحديث الثقافي بأنه: عبارة عن عملية تعريف الفرد لنفسه، وأيضاً للأمور التي تحيط به إدراكاً واضحاً، وهو اللبنة الأساسية لأي معرفة، كما يوضح الوعي المعرفة التامة ويقصد بهذه المعرفة عملية إدراك الإنسان نفسه والبيئة المحيطة به، ولعل هذا يعني فهم الإنسان ذاته والآخرين عند تفاعله معهم، سعياً لإشباع حاجاته وقضاء مصالحه، وهو مدرك للعلاقات بينه وبين الآخرين والبيئة من خلال المواقف المختلفة.