دور الثقافة في التنمية الاقتصادية والأمن الوطني

اقرأ في هذا المقال


دور الثقافة في التنمية الاقتصادية والأمن الوطني:

تقوم الثقافة بالعمل على تعزيز قيم الإخلاص في العمل، فإتقان العمل يعني إظهار المنتج والمخرجات على أكمل وجه، وذلك أهم عامل من عوامل النمو الاقتصادي.

وكما تعمل أيضاً على تعزيز القيم الإيجابية التي تعمل في الجانب الاقتصادي، مثل أدآء العمل بصوره كاملة (عدم الغش)، واحترام الوقت (الاستفادة من الوقت كلّه)، وترشيد الاستهلاك، وعدم التبذير والإسراف. ولذلك كلّه انعكاساته الاقتصادية الإيجابية.

إنّ الأعمال الثقافية تعمل على تجهيز الجوانب الاجتماعية المتعددة “الشباب والنساء والأطفال” على مهارات معيّنة لها مردود اقتصادي عند اكتسابها وإتقانها والعمل بها.

وكما تستطيع الأعمال الإبداعية والفنية تفعيلَ دور التقدم التقني والفكر الخلاّق، وذلك بواسطة المضامين التي تتضمنها، ما يؤدي إلى تولّد مزيد من الأفكار التي يمكن أن تطبق في الميادين الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية أو التعليمية والعلمية وغيرها.

وفي ما يرتبط بدور الثقافة في التنمية السياسية، فإنّ السياسة يجب أن تقوم على قيم ثقافية وفكرية أصيلة ومدروسة، لأنّ الهدف من العمل السياسي بالأصل هو تحقيق استقرار المجتمع وأمنه وتقدّمه وسلامة علاقاته الداخلية والخارجية، وهذه أهداف لا تحملها إلاّ الروافع الثقافية المسؤولة عن تعزيز قيم الانتماء والإخلاص للوطن، وهي قيم يستطيع العمل الثقافي أن يسهم كثيراً في تحقيقها.

وكما أن الثقافة المتقدمة الجادّة على أخذ لواء العدالة ونشر الديمقراطية والعمل على إطلاق الحريّات واحترام الأساسيات والمتطلبات المختصة بالإنسان، وهي جميعها مبادئ وقيم إنسانية حديثة تمثل أهم منطلقات العمل السياسي المتطور.

ومن غيرها لا تنجح أمور السياسة وبتبسيط هذه المبادئ الثقافية التي تخنص بالإنسان تتمركز المجتمعات وتسير التخطيطات السياسية بترتيب ونجاح ولا تستطيع أي ثقافة أيضاً أن توصف بأنها ثقافة إنسانية متقدمة دون أن تتبنى الدفاع عن هذه المبادئ العالمية المشهورة ومن هذا الباب تتداخل الثقافة والسياسة تداخلاً كبيراً.

الثقافة والأمن الوطني:

تعتبر الثقافة مصدراً مهماً من مصادر تحقيق الأمن الوطني، وذلك لأنّ عناصر ثقافة الأمّة تمثل الجوامع المشتركة بين الناس، وهذه الجوامع مصدر التلاحم والتماسك داخل المجتمع في العادة، ومتى ازداد التلاحم والتماسك في المجتمع ازدادت حصانة المجتمع وقدرته على الصمود أمام التحدّيات والأخطار والأزمات التي يتعرض لها. ومتى ازدادت الحصانة والمنعة تحقّق الأمن الوطني.

وكما تعتبر للثقافة سلطة بالغة التأثير تتمثل في ما تفرضه على الناس أفراداً وجماعات من خلال أطرها المختلفة: اللغة والقيم والمبادئ والتراث والعقيدة والفنون وطقوس مكتسبة ومنتجة والعادات والتقاليد والأعراف والسمات الروحية والماديّة والخصائص العقلية الجماعية وغير ذلك، وهذه السلطات تطلق تأثيرها من داخل المرء وبطريقة تلقائية لا واعية وتوجّه سلوكه ومواقفه وأفعاله وأقواله، من غير أن يشعر بتأثيرها إلاّ بعد أن تكون فقد فعلت فعلها فيه، وهذه المؤثرات الثقافية تجد قبولاً ورضا من المرء أكثر من أي مؤثرات خارجية أخرى.

وكما أن الإنسان في أمر ما أو يُسأل فيه فإنّ عقلة ينصرف أوّل ما ينصرف إلى مرجعياته الثقافية والمعرفية كي يستمد منها إجابته التي ترضيه، ثم يأتي بعد ذلك دور السلطات والاعتبارات الأخرى غير الثقافية.

كما أنّ للذاكرة، وهي واحدة من أهم الأساسيات الثقافية لكل شخص ومجتمع، وكما تفرض نفسها بشكل كامل على ما ينتجه المرء أو يسلكه عن قصد وإرادة أحياناً وعن غير قصدٍ ولا إرادة في أحيان كثيرة، وأكثره تأثير غير ملموس في الحال.

الثقافة جزء أساسي في بناء الإنسان:

وكما تعتبر الثقافة جزء أساسي في بناء الإنسان، والحفاظ عليها والحفاظ على الإنسان، وتعزيزها يعني منح الإنسان الطاقة التي يحتاج إليها في حياته ويعزّز بها ثقة نفسه، كما أنّ إضعافها وتهميشها يضعف صاحبها ويجعله عرضة للآفات والأخطار.

إنّ إدارة الثقافة على المجتمع، هي مجموع تأثيراتها على الأشخاص وإمكانياتها على تيسيرأعمالهم اختيار تفكيرهم وأساليبهم ممّا يتمركز حولهم أو يعرِضُ لهم.

كما أنّها المعتمد لهويتهم، وهي التي تحرّكهم عند الشدائد وفي الأزمات، ولذلك نجد أنّ الأعمال الثقافية من شعر وقصة ومسرح ودراما وسينما والطرب والموسيقى والرسم ونحت وتصوير وغيرها من أشكال العمل الثقافي، لها قدرة بالغة على إحداث التغيير في وعي الناس ووجدانهم وسلوكهم .

وكم أن الثقافة تمتلك طاقة كبيرة جداً وعظيمة عن استفزازها أو حفزها وكما تعمل على إسناد الشعوب عند تعرّضها للمحن والشدائد، لأنها تبث فيهم روح الصبر والصمود والمقاومة والمواجهة والتحدّي، وتجعلهم يستمدون من أعماقها ما يعزّز صمودهم ويشحنهم بالأمل بالمستقبل والثقة بالنفس.

إنّ تلاشي أبناء المجتمع عن الثقافة الإيجابية الأصلية يؤدي بالنتيجة إلى التقليل من أثرها فيهم، فكيف سيكون لهذه الثقافة سلطة عليهم وهم يتخلّون عن قيم الوفاء والصدق والتسامح والتعاون والإيثار والتضحية، ويتخلّون عن اللغة الصافية السليمة، ويتقاعسون عن القراءة والمطالعة.. كلّ ذلك يخْلي الساحة للثقافة السلبية أو الطارئة والعشوائية ويؤدي إلى إفساد المجتمعات والناشئة وتعطيل الطاقات وإعاقة فرص التقدم والتطوّر.

كما يتم اعتبار الثقافة والنشاط الثقافي في أي مجتمع هي المسؤولة عن الارتقاء بأذواق الناس وصقل مشاعرهم، وزيادة إحساسهم بالجمال والحياة، كما أنها مسؤولة عن بناء وعيهم وضميرهم الوطني، وتحديد سلوكهم وتعاملاتهم.

ولذلك فإنّ علينا إذا ما طمحنا في التقدم والنجاح والتطوّر والتميّز، وإذا أردنا أن نحظى احترام الآخرين لنا، أن نكون أوفياء لحضارتنا وتراثنا وقيمنا ومبادئنا السامية وأفكارنا الأصيلة ولغتنا وثقافتنا، وأن نسعى للحفاظ على هذه الثقافة والدفاع عنها وإبقائها حيّة في نفوسنا وتناقلها عبر الأجيال وإغنائها بإنجازاتنا الفكرية والثقافية الجديدة دون غلق الأبواب في وجه الثقافات الإنسانية الجديدة، على أن نكتسب من تلك الثقافات ما يعزز ثقافتنا ويخدم تطلعاتنا نحو التقدّم والتميّز والارتقاء.

من المستحب وكما نأمل أن يكون هناك في كل قرية وبلدة ومدرسة مكاتب عامة تمنح الأفراد حرية اللجوء إليها لاستعارة الكتب وذلك لممارسة الأفراد هواية المطالعة والفراءة وأيضاً من المستجب أن يكون في كل منزل مكتبة خاصة تضم كتب قليلة وأن يكون في داخل البلدة او المدرسة معاهد موسيقية لتدريب الموسيقى ومراكز للفن ورسم لوحات فنية متنوعة ومتعددة.

وأيضاً أن يبنى في كل محافظة مسرح كبير وأن يذهب الناس إلى هذه المسارح بشكل منتظم، وذلك لمشاهدة المسرحيات المتقدمة وأعمال الفرق الموسيقية المتدربة وأن يعتاد الأفراد على الذهاب إلى المعارض التي تختص بالفنون المتنوعة ومن المستحب أن تكون الثقافة هي جزء من أحاديث الأفراد وكل هذا لإنشاء مجتمعات متحضرة وسليمة من المشاكل الاجتماعية والأخلاقية.


شارك المقالة: