مدحت باشا
مدحت باشا (18 أكتوبر 1822 – 26 أبريل 1883) كان ديمقراطيًّا عثمانيًّا وأحد رجال الدولة البارزين خلال أواخر فترة التنظيمات، كان والده حاجي إير أفندي، ولقد كان من سكان روس، أمضى شبابه في منزل والديه في فيدين، لوفتش ولاحقًا في إسطنبول، حيث تولى والده منصبًا قضائيًّا، تولى مدحت باشا مناصب عديدة منها الصدر الأعظم، ووزير العدل، وكان واليًا لبغداد ودمشق وسالونيك.
كان مدحت باشا حافظًا للقرآن الكريم، وكان يتمتع بالذكاء والبراعة في الكتابة ساعده ذلك على العمل في مجلس الصدر الأعظم ككاتب وما لبث أنّ تقدم في مناصب عديدة في الدولة العثمانيّة، وكان يتقن لغتين ماعدا التركيّة، اشتهر بقيادته للحركة الدستوريّة العثمانيّة عام (1876) وإدخال العصر الدستوري الأول، ولكنه كان أيضًا شخصيّة قياديّة للإصلاح في الإدارات التعليميّة والإداريّة، كان جزءًا من النخبة الحاكمة التي أدركت الأزمة التي كانت الإمبراطورية فيها واعتبرت الإصلاح حاجة ماسة.
قيل عن مدحت باشا بأنّه شخص له ينادي بالليبراليّة (والليبراليّة هي فلسفة سياسيّة أُسست على مبدأ الحرية والمساواة)، وغالبًا ما يُعتبر أحد مؤسسي البرلمان العثماني، وقد كتبت عنه كارولين فينكل بأنّه “مُمثل حقيقي لتفاؤل التنظيمات، الذين اعتقدوا أنّ النزعات الانفصاليّة يُمكن مواجهتها بشكل أفضل من خلال إظهار فوائد الحكومة الجيدة”. كان يمتاز بقوة الشخصيّة، حيث كانوا يعتقدون أنّ مدحت باشا لا يُمكن أن ينجح، مُستشهدين بالطبيعة الفاسدة للدولة العثمانيّة، والطبيعة المُمزقة لمجتمعها، ولكن بالرغم من كل هذه الإدّعاءات إلّا أنّ بيئة الدولة العثمانيّة كانت من أرقى البيئات وأفضلها.
انقسمت الدولة العثمانية إلى قسمين القسم الأول مع السلطان عبد العزيز والمقربون منه، والقسم الآخر مع مدحت باشا والشباب المفكرين وأصحاب الحرف والعمال الذين يدعون إلى التجديد وإنقاذ البلاد من الفساد، وظلت الأحوال تسوء يومًا بعد يوم وتظاهر الشعب من جامع السلطان محمد الفاتح إلى الباب العالي وعلى رأسهم مدحت باشا وكان يرددون بعزل الصدر الأعظم محمود نديم وعندما شاهد الشعب يثور فرّ الصدر الأعظم وعُيّن مكانه مدحت باشا.
وبعد ذلك تكونت مجموعة من الأحرار يريدون عزل السلطان عبد العزيز، وتمّ عزل عبد العزيز ووضع مراد سلطانًا، وساعد هذا الانقلاب مدحت باشا على تكوين مجلس شورى من أجل تنظيم أمور الدولة وإنقاذها، وفي 5 نيسان عام (1876) انتحر السلطان عبد العزيز وعلى أثر ذلك رمى السلطان مراد بنفسه بالحوض بثيابه، وانتشر خبر جنون السلطان مراد، أثناء ذلك كان مدحت باشا يجتمع مع السلطان عبد الحميد الثاني لتنصيبه سلطانًا شريطة إعلان الدستور وقيل أنّ السلطان وافقه على ذلك ووعده بتنفيذ الاتفاق ولكن كثرت الدسائس حول مدحت باشا وجعلته في معزل عن السلطان.
وقام السلطان عبد الحميد بمحاكمته بتهمة اغتيال السلطان عبد العزيز، وحُكم عليه بالإعدام، وبعد ذلك خُفّف الحكم إلى المؤبد وتمّ نفيه إلى الطائف ومات مخنوقًا في السجن ولم يُعرف الذي قام بذلك، ونُقلت رفاته إلى تركيا وتم دفنه هناك.