المنافرات بين بنو أمية وبنو هاشم:
كانت المنافرات من العادات العربية الاجتماعية قبل الإسلام، وقد حصل بين العديد من النابهين الأكفاء في المجتمع القرشي العديد من المنافرات، والمنافرة تعني المفاخرة والمحاكمة، وتأتي بالمعنى الاصطلاحي بأنها مفاخرة العربي على غيره بالفضل والحسب ثُمَّ يحكم بينهم حكيم أو كاهن، ويكون حكمهم بأن يبينوا من هو الأفضل من الآخر.
منافرة حرب بن أمية لعبد المطلب بن هاشم:
يحكى أن السبب في المنافرة بين حرب بن أمية وعبد المطلب بن هاشم أن تاجراً يهودياً من نجران كان يقوم بالمتاجرة في أسواق تُهامة، وكان هذا التاجر في حماية عبد المطلب، فكان حرب مغتاظاً منه، فقام بتحريض أحد فتيان قريش لقتله، فطالب عبد المطلب بدمه، وقام بالمنافرة لدى نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عدي، فكان حكمه لعبد المطلب وخسر حرب مائة ناقة في هذه المنافرة، وحصلت الفرقة بين الطرفين.
وساءت العلاقة بين بنو أمية وعدي بن كعب وأرادوا أن يخرجوهم من مكة، ووقف معهم في ذلك بنو شمس بالإضافة لبنو نوفل بن عبد مناف، فاضطر حرب بن أمية أن يكف عنهم بعد أن وقفوا جميعهم ضده، ولكن ظلَّت الفرقة ما بينهم، وقد روي أن صاحب المنمق في أخبار قريش، أن الرسول صلَّ الله عليه وسلم قال لعمّه العبَّاس: إنَّا لَمْ نَزل يا عم وهذا الحيُّ من عَبْد شمس، ويجمعنا نسبٌ واحد، حتى فَّق بيننا وبينهم عبد المطلب، فَكُنَّا أمحضهم أنساباً، وأعظمهم أخطاراً.
وتم تأليف العديد من الكُتب عن المنافرة، وذكر منه النديم الوراق ستة ألفها: أبو عبيدة، معمر بن المثنى، هاشم بن الكلبي، خالد بن طليق الخزاعي، المدائني، علان الشعوبي، محمد بن القاسم التميمي، وكما قام محمد بن حبيب البغدادي بالاهتمام بشكل خاص في كتابه المنمق في أخبار قريش والمحبر، وكان الظهور التام والحاسم لبنو هاشم بظهور الرسول صلَّ الله عليه وسلم، مما جعل البيوت الأُخرى ومنهم بنو أمية يترقبوا فرصة حتى يثبتوا وجودهم.
واستبعد العديد وقوع المافرة بين بنو هاشم وبنو أمية ومن هؤلاء ديلافيدا وصدر شرف الدين وحسين مؤنس، وذلك لقساوة الحكم وصغر سن أمية، وأيضاً يمكننا القول بأن ابنة حرب بن أمية أم جميل زوجة أبي لهب عبد العزى بن عبد المطلب عم الرسول صلَّ الله عليه وسلم، وهي من دُعيت حمَّالة الحطب التي كانت تساعد زوجها الذي كان يُعرف بكرهه وعدائه،في إيذاء النبي صلَّ الله عليه وسلم.