صور لتكوين الدولة في علم الاجتماع السياسي:
يوجد هناك خلافاً في التفريق بين مفهوم الدولة ومفهوم السلطة، بل نجد شك في صحة ما ذهب إليه اتباع الاتجاه الفكري الذي يمزج بين مفهومي السلطة والدولة، ويقول أن نشأة السلطة أو الحكومة موضوع مستقل بنفسه، لذلك قامت دراسته من هذا المنطلق، أما الدولة فإنها تنشأ منذ اكتمال العناصر الثلاثة المكونة ﻷركانها، وهناك من يضيف الاعتراف كعنصر مهم في تكوين الدولة، حيث إن عدم الاعتراف بقيام الدولة من المجتمع الدولي، يجعلها ناقصة السيادة، إلا أن ذلك في نفس الوقت لا يلغي وجودها، ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن هناك ثلاث صور لتكوين الدولة وهي:
1- قد تنشأ الدولة عن توافر عناصر جديدة بشكل كلي:
حيث أن تلك العناصر لم تكن في السابق تكون دولة، كأن تستقر جماعة معينة منظمة على إقليم كانت تقطنه جماعات همجية غير منظمة، وتستوطن تلك الجماعة بشكل رسمي، وتأسس سلطة تنظيم شؤونها، وبذلك تكتمل عناصر قيام الدولة، إلا أن جميع الذين ذهبوا للأخذ بهذه الصورة، يتفقون على أنها نادرة الحدوث خاصة في العصر الحديث.
2- قد تنشأ الدولة عندما يتم انفصال إحدى الدول عن الدولة الأم:
وذلك نتيجة لعدة عوامل منها قيام حركة انفصالية تقوم بفصل إقليم عن دولة كبرى أو إمبراطورية، أو استقلال إقليم معين عن كيان كان يتبعه، وبعد الانفصال أو الاستقلال وبمجرد ما تتوافر العناصر الثلاثة المكونة للدولة، تنشأ دولة جديدة لم تكن موجودة من قبل، ويشهد التاريخ السياسي الحديث على أن هذه الصورة من صور نشأة الدولة هو الأكثر شيوعاً، ومثال على ذلك، أنه بعد عام 1990 عندما تفكك الاتحاد السوفيتي، ظهر عدد كبير من الدول ناتج عن ذلك التفكك، وصل إلى ثمانية عشر دولة تقريباً.
3- تنشأ الدولة عن اتحاد دولتين أو أكثر:
وهي إنشاء دولة متحدة واحدة حديثة، فإذا كان الانفصال ينتج عنه عدد من الدول عندما تتفكك الدولة الأم أو الإمبراطورية، فإن هذه الصورة ينتج عنها قيام دولة واحدة، تكون أكبر وأقوى من مجموعة الدول المكونة لها.
ويرى بعض أتباع هذا التوجه الفكري بأنه مهما تعددت وجهات النظر، واختلفت الآراء وتباينت صور نشوء الدول، فهي لا تتعدى إحدى الصور الثلاثة المعروفة، والتي يضيف إليها بعض رجال القانون الدولي عنصر السيادة أو الاعتراف الدولي، ليكتمل بذلك قيام الدولة.