الأدوات المنهجية لعلماء الاجتماع الطبي

اقرأ في هذا المقال


الأدوات المنهجية لعلماء الاجتماع الطبي:

1- البحوث التجريبية وشبه التجريبية:

على الرغم من أن التجريب طريقة منهجية لا خلاف على أهميتها في البحوث العلمية، إلا أنه أكثر استخداماً في العلوم الطبيعية وأكثر احتراماً في نفس الوقت، فلا يستطيع الباحث في علم الاجتماع الطبي أن يتخلى عن البحث في العلاقة بين التدخين والسرطان مثلاً، بحجة أن الطرق العشوائية والتصميم التجريبي الكلاسيكي لم تعد مقبولة الآن.

وإنما عليه أن يتبع التجريب في دراسة هذه العلاقة، بعد أن يطلع على الجديد في مناهج وطرق البحث الاجتماعي، ولعل ذلك التأكيد على استخدام الطريقة التجريبية يعود إلى المسببات التالية، أولاً أن المتغيرات التي تستجيب للدراسة في التصميم المنهجي التجريبي، تعتبر أكثر أهمية من غيرها، وبالتالي يحسن دراستها بالطرق المنهجية الأنسب بها ألا وهي التجربة، ثانياً إن منطق البحث العلمي التجريبي لم يكن بارزاً في تجارب النموذج الكلاسيكي، والنماذج الأخرى للبحث الاجتماعي.

2- البحوث التقييمية:

يشهد مجتمعنا المعاصر تطوراً ملحوظ في جهود تقييم برامج الخدمات الاجتماعية التي تستهدف تحسين الصحة وتحقيق الرفاهية، في ظل ظروف تصبح الموارد فيها ضئيلة، وتزداد معدلات الطلب على الخدمات المختلفة، ولا حل لهذه المعادلة الصعبة إلا من خلال استغلال الطاقات المتاحة.

ولذلك فإن الوسائل والأدوات المنهجية التي تستعملها في تقييم مدى جدارة هذه البرامج، تسمى بالبحوث التقييمية ذات المنهجية الخاصة، والتي تتراوح بين الإعلان عن نجاح البرنامج بطرق ذاتية خاصة أو رسمية، والمجهودات النمطية التفصيلية، وبين تقديم تصنيف للبرنامج وتقييم علمي له.

ونلاحظ هنا أن العديد من بحوث التقييم تدور بشأم خدمات الصحة العامة، والصحة العقلية، نظراً لضآلة الموارد، أهمية التعايش مع هذه الخدمات ومتابعتها ليتسنى إصدار القرارات باستمراريتها، وعلى الرغم من أن هذه البحوث تستند على المعطيات الكمية، إلا أنها تستخدم كلا من المعطيات الكمية والكيفية، فالإفراط في الاعتماد على المعطيات الكمية يمكن أن يحجب المعرفة الكيفية بهذه البرامج والسياسات والخدمات، وإذا كانت بحوث التقييم تثير قضايا محددة، وبعض الأسئلة المتعلقة بأهداف البرنامج وهوية المستفيدين منه، وأسباب هذه الاستفادة، فإن الباحث يرتبط هو الآخر بأهداف البرنامج، مثلما يتساءل عما ينبغي أن يحققه، وماذا يجب عليه أن يكون.

3- نماذج المعادلات البنائية:

أدى الاهتمام الكثير بالعلاقات السلبية في العلوم الاجتماعية، إلى خلق مجالات حديثة للبحث الاجتماعي، أثبتت كفائتها أحياناً، وأدت إلى تقدم الأدوات والأساليب الإحصائية في دراسة الظواهر الاجتماعية كالتحليل الارتجاعي، ومن بين هذه الأساليب والأدوات ما يعرف بنماذج المعادلات البنائية، وما تحويه من أنساق المعادلات الآتية، كما تسمى في الجبر والمخططات العلية الخطية، والتحليل المجازي، ونظرية اختبار المستوى.

وفي الحقيقة أن استخدام المصفوفة الجبرية، والإحصاءات الرياضية يلقي الضوء على العلاقة السببية التي تسير في أحد اتجاهين، فإما أن تكون العلاقة سببية خطية، حيث تتماشى في اتجاه معين، بمعنى ألا توجد علاقة تبادلية بين المتغيرين في التأثير، وإما أن تكون الارتباط وظيفي، بمعنى وجود علاقات تفاعلية بين التحولات يتبادل فيها الفعل ورد الفعل التأثير والتأثر، لذلك فإن العلاقات والارتباطات السببية تستمد من خلال المعادلات الرياضية بين المتغيرات، وإن تأكيد هذه العلاقات يعتمد على فحص معاملات الارتباط.

وإذا كانت هذه النماذج قد تعرضت للنقد باعتبارها بالغة التجريد، وتقيد أفكار الباحث، وتعرقل انسيابها المنطقي، إلا أن استخدامها في علم الاجتماع الطبي يتزايد حالياً بحكم الاعتماد على الحاسوب في المجتمعات الغربية، والإفراط في التحليلات الإحصائية في البحوث الاجتماعية.

4- البحوث المسحية:

من الملاحظ أن بحوث علم الاجتماع الطبي صارت تعتمد على المسح بصورة متزايدة، ولذلك يحوي تراث هذا العلم تصميمات منهجية أساسية تتضمن عديداً من المسوح القطاعية التبادلية والمسوح الرأسية أو الطولية، ولعل الاختلاف بين هذه المسوح راجع إلى تحقيق أغراض خاصة تتوائم مع طبيعة الدراسة ذاتها، ضمن ما يسمى في مناهج البحث باللياقة المنهجية، وبالتالي فإذا أخذنا عينة أخرى من عدد آخر منهم، في ضوء قواعد طريقة القياس الاجتماعي.

ويتم جمع البيانات بطريقة المسح المستعرض في وقت معين، ومن عينة ممثلة للمجتمع حتى تعكس طبيعته وخصائصه الاجتماعية العامة، أما بالنسبة للمعطيات المستمدة من المجتمع بطريقة المسوح الرأسية، فإنها تجمع على فترات مختلفة ليتسنى الوقوف على معدلات التغير الطارئ وأهم معالمه، وقد تكون غاية هذا البحث المسحي وصف ظاهرة اجتماعية طبية معينة، فيكون مسحاً وصفياً، وقد يستهدف تفسير هذه الظاهرة فيعد مسحاً تفسيرياً.


شارك المقالة: