عادات الولادة في الإمارات

اقرأ في هذا المقال


عادات الولادة في الإمارات:

مجيء طفل جديد إلى الأسرة الإماراتية يعتبر من أهم مظاهر السعادة والبهجة في البيت، فهي تجد أن كثرة الأطفال في المنزل يكون عزوة، وأن البنات وجودهن في البيت والأولاد يكون لشد ظهر الوالدين عند التقدم في العمر، وما أن يصرخ المولود صرخة الحياة الأولى في حياته، تبدأ عبارات التبريكات على الوالدين من جميع الأهل والأصدقاء، إذ يقف الأب ليؤذن في الأذن اليمنى للمولود، ويقيم الصلاة في الأذن اليسرى، يكون ذلك اقتداء بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لتبدأ بعدها رحلة من العناية المتوارثة بهذا الضيف الجديد في البيت.

في الزمن الماضي قبل بناء المستشفيات، كانت النساء يلدن بمساعدة “الولّادة” والتي يطلق عليها المسمى الشعبي الداية، وهي امرأة تقوم بمختلف العلاجات الشعبية وتطبب أهل المدينة جميعاً، وتقوم أيضاً بأعمال القابلة عند مخاض أي امرأة في الولادة.

وخلال الفترة التي تقارب الأربعين من الأيام، التي كانت ما تقضيها الأم حديثة الولادة عادة في بيت أمها، تمنع المرأة في الإمارات حديثة الولادة من حضور الأعراس أو كافة المناسبات الأخرى، أو زيارة النساء حديثات الزواج، أو الذهاب إلى مكان الأحزان، وكذلك تمنع أي امرأة آتية من عزاء أو متزينة لعرس من الدخول إلى المرأة الحديثة الولادة قبل أن تغتسل وتزيل زينتها أو ملابس العزاء التي تلبسها؛ خوفاً من حدوث ما يعرف بين المدارسة أو المشاهرة، وهو مفهوم تقليدي يعتقد معناه أن المرأة المربية ستصاب بحمى شديدة قد توصلها إلى العقم أو الموت، أو اعتقاد أن المولود سيموت أو أن يصيبه ضرر آخر، وبرغم أن هذه المعتقدات لا تجد ما يؤكدها إلا أنها ما زالت تتوارث في معظم العوائل والأسر الإماراتية.

من عادات الولادة أيضاً الخوف من الحسد والعين، وهذا ما يجعل الكثير من السيدات يخفين جنس المولود إلّا عن الأقارب، أو يتعمدن إبقاءه أصلع بعد أن تنتهي العقيقة لعدة أشهر، أو يخفى عن الأعين بالتظاهر أنه نائم دوماً إلى أن يكبر، خاصة إن كان مولوداً جميلاً.

يوضع المولود في سرير منخفض يصنع من الخشب، وقريب من الأرض، بحيث يسهل للأم وضع الطفل وحمله من دون أن تضطر للوقوف لحمله، هذا السرير الذي يمكن هزه وتحريكه يسمى “المنز“، ويغطى عادة بعدة طبقات من القماش لمنع التيارات الهوائية والحشرات من إيذاء الطفل وهو نائم.

ومن أهم ما يوضع في “المنز” وسادة دائرية من القماش القطني الجديد تصنعها الأم لابنها، تكون مفرغة الوسط وشكلها يشبه العقال، توضع تحت رأس الطفل وهو مستلق على ظهره؛ لحماية عظام رأسه اللينة في الشهور الأولى للولادة حتى يتشكل الرأس في شكل دائرة مع تسطيح خفيف من الخلف ويمنع استطالته وتشوهه.

كذلك “المهاد” أو “القماط” وهي قطعة شكلها مستطيل تصنع من القماش يلف بها الطفل ليبدو كالشرنقة، ويتعمد البعض شدها حول جسد الطفل لتستقيم عظامه وتقوى مفاصله، ومع أن كثرة الشد تؤذي عظام الطفل كما أثبت الطب المتقدم.

في فترة النفاس أيضاً يتبادل الجيران إرسال الأطعمة الدسمة للأم، ويعدون لها العديد من المشروبات والمأكولات الخاصة بهذه الفترة، وعلى رأسها “الحريروة” أو “السخونة” وهي أشبه بالحساء المُعد من الحليب البلدي والحبة الحمراء والجبن البلدي، يضيف البعض التوابل عليه وهناك من يُعده دون توابل، ومن الأطعمة أيضاً خبز الرقاق المهروس بالحليب الساخن والسمن المحلي “الدهنة الطيبة“، وهناك أيضاً الرقاق المدهون بالسمن والسكر أو بالدبس أو بالعسل.

وبعد مرور أربعين يوماً على الولادة يتم تحسين المولود أيّ حلق شعره، على يد أحد كبار السن في العائلة ممن يعرفون كيفية التعامل مع المواليد الصغار، وتُسمى تلك المناسبة “الطلوع“، أي خروج الطفل وأمه من فترة النفاس، وكان أحد الأهالي يقوم بجمع شعر المولود الجديد بعد حلقه وتوزينه وتوزيع ذهب بمقداره أو مال.

وبعد مرور الأربعين يوماً، يتم طهي الهريس وتوزيع الحلويات على الأهل والجيران، ترافق تلك العادات والتقاليد عودة الأم ووليدها إلى منزل العائلة، وتجدر الإشارة إلى أن رحلة الأم إلى بيت أهلها للولادة تتم عادةً في الولادة الأولى، بحيث تستعين بوالدتها لتعليمها والسهر معها إلى جانب المولود الجديد، حيث تجهل المرأة تفاصيل التعامل مع الطفل، والتي تكتسبها من والدتها أثناء مكوثها عندها.


شارك المقالة: