عادات وتقاليد الأردن في الضيافة:
إكرام الضيف:
أينما نتواجد في جميع أنحاء المملكة الأردنية الهاشمية والبوادي القريبة منها نتذكر الكرم، وعندما يقال عن الطيب والكرم في الحال يأتي ذكر أهل البدو، حيث يعتبر الكرم والطيب صفتين مرتبطتان بالبدو ويشتهرون بهما، حتى أنهم يتسابقون في إكرام الضيف، وإن الضيف إذا أقبل على البيت أمير وإذا جلس يعتبر أسير أهل البيت، وإذا قام قام كالشاعر محمل بالكلام الجميل، هذا الكلام يعني أن الضيف عندما يقوم من عند “المعزب” يتحدث عن ما رآه من كرم ضيافة عند هذا الشخص أو العكس.
عندما يدخل الضيف إلى بيت أهل البدو يكرموه أولاً بتقديم القهوة، ثم بعد ذلك يقدمون له اللبن وهو المشروب الأساسي لديهم، ثم يأتي دور الطعام فإذا كان “المعزب” أو صاحب البيت ميسور الحال وعنده أغنام، ذبح له ذبيحة، والشخص الفقير الذي لا تتوافر عنده الأغنام، يُقدم له مما تيسر عنده من بيته حتى لو كانت لقمة خبز وتمرة، المهم من ذلك أن لا يترك ضيفه جائع ويذهب بدون أن يضيفه، وكان البدو يتناوبون على إكرام الضيف.
للشعب الأردني مقوله شائعة “دار الكرم ما تخلى من الطعام”، وكان من الدلائل أيضاً على كرم صاحب البيت أن الرفّه تكون مليئة بالدهن من أيدي الضيوف، ففي القديم كان الرجل بعد الانتهاء من تناول الطعام يمسح يديه بالرفه، و”الرفه” هي نهاية الشقاق و”الشقاق” هو طرف بيت الشَّعر فيكون قريباً من أيديهم فيمسحون به وهذا دليل على أن الضيف قد تم إكرامه في هذا البيت، وأيضاً كانت الجواعد في البيت دليل على كرم أصحابها، إذاً فالبدوي مرتبط ارتباط كلي بالكرم.
من أوجه إكرام الضيف عند أهل البدو الضيف مكرم ومعزز من دخوله البيت وحتى خروجه من عند المضيف، وكرم الضيافة عند البدو يكون ثلاث أيام وثلث، ولا يسأل الضيف عن سبب مجيئه أو زيارته لهم، إلا بعد ثلاث أيام وثلث؛ لأنه يعتبر من الأمور المشينة، ويقدم للضيف أفضل أنواع الطعام والشراب طول مدة مكوثه عند “المعزب”.
للضيف عند العشائر الأردنية، أهمية خاصة وواجب كبير، فعند حضوره يتم الترحيب به وبالمتواجدين جميعاً، ويتم ذبح ذبيحة له؛ تقديراً لواجبه الكبير عندهم، وأثناء وجوده في البيت مع الضيوف يبقى المعزب واقف ولا يجلس وحينها يطلب منه الضيف الجلوس فيرفض بعبارة “اهلاً وسهلاً كرمال واجبك”، وعادة ما يكرر الضيف هذه العبارة بأن يجلس المعزب فيرفض مردداً نفس الجملة “أهلا وسهلاً كرمال واجبك”.
وفي معظم الأحيان يقف الضيف ويمسك بيد المعزب ويرجوه أن يجلس فيوافق بناءً على طلب الموجودين، وإذا خرج الضيف من المجلس لقضاء حاجة وعاد فيقول “يمسيكم بالخير”، فيقف الجميع احتراماً له ولا يجلسون إلا عندما يجلس هو ويطلب منهم الجلوس، ويقدم المعزب المناسف البلدية ويغمرها بالسمن البلدي الخالص.
عادات الضيافة عند أهل البدو أمر أساسي لا يمكنهم التنازل عنه، وإكرام الضيف هي العادة المعروفة عن البدو، فالضيف يتمتع بمكانه عظيمة عندهم، وذلك عند دخول الضيف مضاربهم وحل في حماهم، يقدم للضيف حق الضيافة حتى ولو كان عدواً لهم ما دام قد دخل بيت معزبه فقد أمَّن على نفسه، وخاصة اذا تناول طعاماً أو شراباً، فيصبح في مأمن ومن مسميات الضيف عند البدو المسايير وفردها مسير، والجميع في البيت يهتمون بالضيف كلاً حسب اختصاصه.
من عادة الشخص البدوي الترحيب بالضيف والفرحة تغمره بقدومه، إذا حل الضيف بالبيت يستبشرون بقدومه ويلتزمون بعادات الكرم والطيب، سواء شخص قريب أو غريب ويقوم بذبح ذبيحة على شرفه؛ ترحيباً به وتكريم له.
ويقوم المعزب بالدعوة أو عزيمة الأهل والأقارب والجيران على العشاء أو الغداء، الذي قام بتحضيره للضيف وجرت العاده بعد ما ينتهوا من وجبة الغداء أو العشاء، يتسابق المدعوين لعزيمة الضيف على بيوتهم اذا كان عنده الوقت أو أنه متأخر بزيارته لعدة أيام.
يجب المعرفة أن من عادات البدو القديمة عدم مواجهة الضيف عن غايته، إلّا بعد أن يأخذ واجب الضيافة، وعندما يزورهم ضيف فيقومون بواجبه على أكمل وجه، يكون ذلك من خلال الترحيب به وتجهيز الطعام له، وكانوا يعزمون الجيران والأقارب على “زاد الضيف”، ويستمر الترحيب بالضيف ثلاثة أيام، وبعد ذلك يقوم المعزب بسؤال الضيف عن هويته وغايته وحاجته، ومساعدته في قضاء حاجته.