بعض العادات والتقاليد في إربد في شمال الأردن

اقرأ في هذا المقال


العادات والتقاليد في إربد في رمضان:

شهر رمضان الكريم هو الشهر الذي ترتد فيه الشياطين، ويتغلب فيه الخير على الشر وينطلق الشهر من معانيه إلى نبل ورسالة سماوية، تؤكد دلالات فضائل الشهر من خير عبادته، وكذلك هو الشهر الذي يحافظ الجميع على طقوسه وموروثاته، وخصوصية لياليه خاصة في فصل الصيف، ففي ليالي رمضان جرى العرف والتقليد في محافظة إربد أن يقترن المساء بطقوس رمضانية عند الكبار والصغار على حد سواء، لعل أبرزها السهر للكبار واللعب للصغار في الشوارع أماك البيوت والحارات.

قليل ما نجد أمسية من أمسيات شهر رمضان الكريم في إربد، لا يتواجد فيها المفرقعات النارية بعد حلول وقت وجبة الإفطار بساعات معدودة، لأنه يُعدّ من هواية أبناء الحارات الصغار في هذه المحافظة، الذين لا يتوانون لحظة واحدة عن إشعال الصواريخ الكرتونية وإطلاقها باتجاه الفضاء؛ لينفجر بعد ثواني من إطلاقه مخلفاً وراءه صوت انفجار، لا يخيف ولا يرعب بل يبعث الرضا في نفوس الصغار وربما الكبار أيضاً.

ولعل شقاوة الأطفال في محافظة إربد تدفعهم إلى استعجال تناول وجبة الإفطار وشرب ما تيسر من العصائر، ليغادروا البيت نحو الحارة، ويطلقون صافرة الاستعداد للّعب عبر وضع الاصبعين بالفم وإطلاق الصفير المعتاد، ليخرج بعد ذلك أقرانهم الصغار من بيوتهم، ويَعقِدون حلقة السهر وتجميع ما تبقى من مصروفهم اليومي والذهاب إلى الدكان لشراء الصواريخ الكرتونية والمفرقعات النارية.
الجميل في الأمر أن كبار السن في إربد يجلسون بالعادة أمام البيوت أو المحلات التجارية؛ للحديث والنقاش في شؤون الحياة جميعها، من النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها أيضاً من الأمور العائلية، وهم أول من يراقبون الأطفال بالنظر إلى إنطلاق الصواريخ الكرتونية والمفرقعات النارية.

سهر وازدحام ليالي رمضان في اربد:

وفي الجانب الآخر من مدينة إربد، وتحديداً جنوب إربد بالقرب من جامعة اليرموك، حيث تكثر مقاهي السهرات الشبابية والعائلية، ومحلات الكوفي شوب، والخيمات الرمضانية الخيرية التطوعية، لا يختلف كثيراً عن وسط المدينة إلّا بالقدر الذي تستدعيه خصوصية الأمكنة ومكانتها في نفوس سكانه، ففي جنوب مدينة إربد يزدحم الشارع الرئيسي بالمارة والسيارات، وتزدحم الأماكن بالناس من مختلف الأطياف وتنتشر مجموعات من الشباب والعائلات حول الطاولات، فمنهم من يتحاور بقضية ما ومنهم من يتحدث عن الطموح النفسي، ومنهم من يتفق بإقامة وليمة إفطار جماعية لجميع الأشخاص الحاضرين في هذه الجلسة.

في الخِيم الرمضانية ومحلات الكوفي شوب، تدور حكايات وقصص من الزمن الماضي ومقارنتها بهذا الزمن، منها المقارنة بين ليالي شهر رمضان الكريم في الأردن وجميع المحافظات فيه، أو في دول الجوار العربي والخليجي، فثمة فتيات يتفقون أن لا اختلاف بين هنا أو هناك، الطقوس واحدة والتقاليد كذلك، ورمضان كريم والأجر من عند الله.

تبدأ محافظة إربد لياليها الرمضانية من العشر الأوائل، بعد وجبة الإفطار بساعتين تقريباً إذ يعود النشاط الى الشوارع والحارات والأمكنة بعد الإفطار بساعتين، حيث يحكم الاكتظاظ قبضته على الطرقات وعلى كل شيء، وسهر متواصل يمتد الى ما بعد منتصف الليل وفي بعض الأحيان يمتد السهر من الفطور إلى السحور.

أشهر الأطباق الرمضانية في إربد:

المكمورة الربداوية:

تعتبر وجبة المكمورة من أشهر المأكولات الرمضانية في محافظة إربد، وتقوم النساء بتحضيرها باستخدام قطع العجين غير المختمر، وتجليلها بشرائح البصل وقطع الدجاج، وتزيينها بالمكسرت على اختلاف أنواعها.

المطابقة الربداوية:

تشبه المطابقة كثيراً طبق المكمورة، لكن الفرق بينهما أن طبقات العجين هنا أقل سماكة، ومرتبة فوق بعضها بشكل متوازي.

منسف البرغل:

يتكون هذا الطبق من البرغل والحمص المسلوق، وهريس حبات البطاطا المسلوقة، وشرائح البصل ولبن الجميد واللحم أو الدجاج، وهذا الطبق يكثر إعداده في الليالي الأخيرة من شهر رمضان في محافظة إربد.

الكبة أو الكباب الربداوي:

هذا الطبق من أهم الأطباق التي تتواجد على المائدة الرمضانية في محافظة إربد، حيث تقوم النساء بإعداده باستخدام البرغل البلدي الذي يزرع في أراضي إربد.

شوربة الجعدة:

الجعدة: هي عشبة طبيعية تتواجد بكثرة في محافظة إربد، إذّ تتميز بمرارتها وفوائدها الصحية، وهذه الشوربة لا تخلو موائد الإفطار الرمضاني منها.

الكعاكيل أو الشعاشيل:

من أشهر الأطباق الخفيفة التي تقوم النساء في محافظة إربد بإعدادها كوجبة للسحور، وهو عبارة عن قطع من العجين توضع في لبن الجميد، وتقدم مع طبق من الأرز.

عادات وتقاليد الأعياد في إربد:

الأعياد تعني للأطفال الشيء الكثير، إذّ يعني العيد لهم الملابس الجديدة التي كانت تخيطها بعض الأمهات على ماكينة الخياطة “سنجر” التي لم يخلو منها بيت من بيوت الميسورين في محافظة إربد. العيد في محافظة إربد يبدأ في الاستيقاظ مبكراً، لارتداء الملابس الجديدة وشرب القهوة العربية، ليتجمَّع جميع أطفال كل حارة من المحافظة؛ ليسيروا وراء الشباب والرجال الذين يجوبون شوارع إربد وأزقتها في طريقهم إلى أحد المساجد القريبة لمنازلهم، وهم يُكبـًّرون بتكبيرات العيد، ويتبارى الأطفال في رفع أصواتهم بالتكبير حتى يصبح تكبيرهم أقرب إلى الصراخ المرتفع، وعند الوصول إلى المسجد يستمر التكبير مع الرجال والشباب.

تكون وجبة الإفطار في صباح اليوم الأول من أيام العيد عبارة عن المعلاق المقلي، كما تقوم كل عائلة في هذه المحافظة على صنع كعك العيد “المعمول”، ومعظم العائلات في إربد تصنع ما يسمى “قرص العيد” وهو يشبه رغيف الخبز من نوع “الكماج”، وقرص العيد يصنع من طحين القمح البلدي المجبول بزيت الزيتون البلدي بدلاً من الماء، وتضاف إليه حبة البركة “القزحة” والعصفر لإعطائه اللون الأصفر الزاهي. ويذهب في هذا اليوم الأطفال إلى ساحة الأفراح لركوب المراجيح الخشبية التي كانت تنصب في ساحة الأفراح والساحات العامة، برفقة الأهل والأصحاب والأقارب، وجلوسهم على شكل حلقات جماعية، مليئة بالمحبة والاحترام.

ومن الألعاب التــــي يقبل عليها الأطفال في هذه المحافظة، “صندوق العجايب” أو “صندوق الدنيا”، وهو صندوق مجوَّف من الخشب، له عدَّة فتحات في واجهته الأمامية، والأطفال يجلسون على كرسي صغير من القش ويضعون أعينهم على الفتحات ليشاهدوا صوراً مختلفة، صاحب الصندوق يحرًّكها تباعاً وهو يشرح كل صورة من الصور الموجودة في الصندوق الخشبي.

وأيضاً كانوا يستمتعون في مشاهدة لعبة “الأراجوز” وعرفت في مصر والبلدان العربية باسم لعبة “العرائس المتحركة”، وفي الأعياد يذهب الأب وإخوته إلى الأقارب؛ لزيارتهم وتهنأتهم بمناسبة حلول العيد، ومن ثم الذهاب لزيارة الأرحام، كالأخوات والبنات والحفيدات والعمات والخالات، وتقديم ما يسمى “بالعيدية” وهي عبارة عن مبلغ مالي بسيط، ولكن هذا المبلغ يدخل الفرحة والبهجة لهنَّ؛ لاعتبارة من باب الاحترام والتقدير.


شارك المقالة: