عادات وتقاليد شهر رمضان في السنغال

اقرأ في هذا المقال


عادات وتقاليد شهر رمضان في السنغال:

تتميز طقوس الاحتفالات بشهر رمضان الكريم في دولة السنغال عن غيرها من دول غرب أفريقيا ذات الطابع المسلم، بالرغم من تمسك هذه الشعوب في اللغة والطقوس الدينية والعادات والتقاليد، فإن دولة السنغال تضع الصائم هناك في أجواء روحانية واجتماعية فريدة ومختلفة عن غيرها من الدول المسلمة الأخرى.

تتميز هذه الدولة بتنوع العادات المتبعة في شهر رمضان الكريم، خصوصاً العادات الشعبية السنغالية، التي عرفت في غرب العاصمة من خلال اتباع الدول المجاورة، فوصلت إلى مالي وغامبيا وغينيا، ما إن يهلّ شهر رمضان الكريم حتى يتسابق أبناء الشعب السنغالي في إقامة سهرات وحلقات دينية وأمسيات رمضانية مخصصة لفن الإنشاد وحلقات الذّكر الدينية ذات الطابع الجماعي.

يحشد القائمون على الطرقات السنغالية، كالتجانية والمريدية للمشاركة بكثافة في تلك الحلقات التي تجري بشكل جماعي، وتتخللها ابتهالات وتضرعات للتزود بالنفحات الإيمانية.

من مظاهر الاحتفال في شهر رمضان الكريم في السنغال، الموائد الخيرية والتعاون الخيري بين الناس، وطقوس الزينة السنغالية المميزة التي تمنح كل من جلسات الذكر ومجالس الحفلات الدينية والحلقات الدينية روحانية خاصة لكل منها، ويحرص أبناء الشعب السنغالي على تلاوة القرآن الكريم بشكل مستمر، وممارسة العادات الشعبية السنغالية، ولعلّ أهمّها طلب الصفح وإصلاح ذات البين، إذّ يبدأ الجميع الصيام بعيداً عن المعاصي كصفحة بيضاء خالية مما يعكر أجواء الصوم.

شهر رمضان في دولة السنغال له رونق خاص ممزوج بالحياة الروحانية الإسلامية السنغالية، بالإضافة إلى الصبغة الخاصة بأهل التصوف، ما يضع الصائم في جو روحاني حقيقي يلزمه بالحفاظ على الصلوات في أوقاتها في المسجد، ويشجعه على قيام الليل وأداء صلاة التراويح بشكل يومي وحضور حلقات الذكر.

إذا كان الكثير من أبناء الشعب السنغالي يتفرغون للعبادة والصلاة في رمضان وختم القرآن الكريم وحضور الدروس الدينية، فإنّ بعض أتباع الصوفيّة يذهبون أبعد من ذلك، فيعتزلون في خلوة للعبادة، أو يعتكفون في المساجد حيث يخصصون كامل يومهم للذكر والصلاة.

تنتشر في شهر رمضان الكريم في دولة السنغال المساعادات الخيرية التطوعية، ويقدم الشعب السنغالي اهتماماً كبيراً بالفقراء والمحتاجين، إذّ ينظمون جلسات الموائد التطوعية ويوزعون المساعدات على العائلات الكريمة الفقيرة؛ لتشجيعها على الصيام والالتزام بالتعاليم الدينية، في هذا البلد الذي يعاني من الفقر المتفشي في جميع أنحائه، وترتفع فيه درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في فصل الصيف، ما يجعل صيام الفقراء مسؤولية الأغنياء، بحسب ما يعتقد السنغاليون.

لا تغلق المساجد أبوابها أبداً في الشهر الفضيل، التي تتزين بالأنوار في هذا الشهر في الليالي الرمضانية بل تمتلئ بالمصلين وقراء القرآن الكريم والمفتين والعلماء الذين ينظمون الدروس الدينية فيها، ويقاطع الشباب في السنغال السهر الليلي والاستماع إلى الأغاني؛ احتراماً لقدسية هذا الشهر الكريم، فتجدهم يستمعون إلى الأناشيد الدينية، ومنهم من يتدرب على غناء الموشحات الدينية ورفع الأذان وفق الطريقة الأفريقية المميزة في السنغال.

في القرى السنغالية يعيش نحو 60 في المئة من مجموع سكان البلاد بأكمله، إذّ يحمل الرجال حفظة القرآن الكريم من الأطفال والشباب على الأكتاف ويطوفون بهم في الشوارع السنغالية، ويحرص الجميع على ارتداء الملابس الأفريقية المميزة بألوانها الممزوجة الزاهية.

وبفضل العائلات ذات الامتداد الكبير وتعدد حالات الزواج لديهم، إذّ يجد السنغاليون رونق خاص لشهر رمضان الكريم في الريف؛ لتطبعها اللمّة العائلية وإقامة الولائم البسيطة احتفاءً بهذا الشهر الفضيل.

يعتبر الأرز المضاف إليه البهارات والتوابل السنغالية المعروفة، الوجبة الأساسية في دولة السنغال، كما هو الحال في دول غرب أفريقيا، ويحتفظ السنغاليون بالأرز كوجبة رئيسية في رمضان، خصوصاً الأرز بالسمك الذي يطلقون عليه “جيب جن”.

يحرص مسلمو السنغال في وجبة الإفطار على تناول حبات التمر السنغالي وحليب الماعز والعصائر الأفريقية، التي تحضّر من نقيع أعشاب ونباتات سنغالية معروفة، وبعد صلاة المغرب يتناولون حلوى “لاخ” المصنوعة من الدقيق المطبوخ من اللبن والسمن والسكر، بالإضافة الى السمك المشوي تصاحبه جلسة شاي أفريقي، وبعد صلاة العشاء يتناولون الوجبة الرئيسية المكونة من الأرز والخضروات والسمك أيضاً.

وهذه الأطباق متوفره بكثرة في السنغال وتباع بأسعار في متناول أيدي جميع الطبقات الاجتماعية، ويحصلون عليه من سواحلهم الغنية المطلة على المحيط الأطلسي، بالإضافة الى طبق الأرز بالسمك يتميز المطبخ السنغالي بأطباق مميزة أخرى، من بينها أطباق دخيلة جلبتها الجاليات الموريتانية واللبنانية الأكبر عدداً والأوروبية، ويكتفي السنغاليون بالعشاء من دون تناول السحور، فالأطباق الدسمة التي يتناولونها وقت الإفطار والعشاء تكفي كي لا يشعروا بالحاجة إلى الأكل بعد منتصف الليل.

المصدر: تاريخ واسط، أسلم بن سهل الرازيموجز تاريخ العالم، هربورت جورج ويلز، 2016دول العالم حقائق وأرقام، محمد الجابريآثار البلاد وأخبار العباد، أبو يحيى القزويني، 2005


شارك المقالة: