ما هي النظرية التفاعلية الرمزية؟
تعتبر النظرية التفاعلية الرمزية من أسبق تقاليد التحليل السوسيولوجي قصير الأجل، فقد عرف هربرت بلومر التفاعل الرمزي بأنه: خاصية ممتازة واستثنائية للتفاعل الذي يكون بين أفراد المجتمع، وما يجعل هذا التفاعل فريداً هو أن أفراد المجتمع يفسرون ويؤولون أفعال بعضهم بدلاً من الاستجابة المجردة لها، إن استجابتهم لا تصنع مباشرة، وبدلاً من ذلك تستند إلى المعنى الذي يلصقونه بأفعالهم.
ويبيّن بلومر أن المستندات المعرفية الرئيسية للتفاعلية الرمزية، تتضمن في أن الناس يتعاملون حيال الأشياء على أصل ما تحدده بالنسبة إليهم، أي عن طريق المعاني المرتبطة بها، وهذه المصطلحات هي حصيلة للتفاعل الاجتماعي في المجتمع الإنساني، وهي تحور وتعدل، ويتم تداولها عبر عملية تأويل يستخدمها كل فرد في تعامله مع الإشارات التي يواجهها.
إن التفاعلية الرمزية، وبشكل خاص كما يبيّن من توظيف بلومر لمقولة مؤشرات الذات عند ميد، تقترف الخطأ ذاته الذي تتهم به الفكر السوسيولوجي الذي يستند على البناءات واﻷنساق والقوى الاجتماعية والمؤسسات، ويظهر هذا عن طريق إنكارها للقوى التي تؤثر في الشخص وتقع خارجه، وتمثل حقائق داخل المجتمع.
إن الرمزيون كما يؤكد بلومر، لا يتقبلون هذه الطريقة في فهم المجتمع، ﻷنها تتصرف مع الأشخاص وكأنهم وسائط تعمل هذه البناءات عن طريقها، وتتجاهل أن اﻷشخاص هم الذين يقومون بتكوين مؤشرات الذات.
إن مؤشرات الذات كما يبينّها بلومر من طروحات ميد تكون في اتجاهين: فهي من جانب تشير إلى أن البشر يستطيعون جعل ذاتهم موضوعات لتأملاتهم، ومن جانب آخر أن الفعل الإنساني يتكون عن طريق الشخص، عبر ملاحظة وتأويل أوجه الموقف الذي يولد فيه، وقود ذلك إلى فهم المجتمع باعتباره، ما يمكن ملاحظته إمبريقياً في تفاعلات الأفراد، ومن هنا فليس لعالم الاجتماع أن يتحدث عن موضوعات ليس لها مؤشرات ميدانية مباشرة.
إن هذه الطريقة في التفكير جعلت بلومر يبتعد عن ذكر أي مؤثرات خارجية يمكن أن تقع على الأشخاص في صياغته لتعريف التفاعل الرمزي، الذي كونّه على التفسير، أو المرتكزات المعرفية للتفاعلية الرمزية التي كونّها على المعنى.
ويُعقّب إرفنج زايتلن على طرح بلومر هذا بقوله: هنا يترك بلومر فلسفة ميد الجدلية ويستبدلها بتأويل أحادي الاتجاه، ويتجاهل فيه كلياً العلاقات الاجتماعية والبناء الاجتماعي والتنظيمات الاجتماعية، فيصبح المجتمع من وجهة النظر هذه فارغ المضمون، وذات غير منطقية.