عناصر تشكل موضوع اهتمام علم الاجتماع عند باريتو في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


عناصر تشكل موضوع اهتمام علم الاجتماع عند باريتو في علم الاجتماع:

1- الرواسب في علم الاجتماع:

وهي عبارة عن اتجاهات نفسية ثابتة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعواطف والغرائز، وتقع في مركز وسط بين العواطف والفعل الإنساني، وأسماها بالرواسب، ﻷنها ثابتة وغير متغيرة، ودراسة هذه الرواسب تمكننا من التعمق في أسباب الأفعال الإنسانية، رأى باريتو أنه على مر تاريخ الغرب وجدت دائماً ست فئات من الرواسب التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بغرائز إنسانية أساسية معينة هي:

أ- غريزة الترابط:

هي عبارة عن الميل إلى إقامة علاقات بين الأفكار والأشياء واستخلاص استنتاجات من مبادئ معينة والميل إلى التفسير، وهذه الغريزة هي التي جعلت الإنسان إنساناً وجعلت لديه أفعالاً وتعبيرات ونظريات وتبريرات، وهذه الغريزة هي السبب في تقدم الفكري للإنسان وفي تطور الذكاء والحضارة، وحين تكثر هذه الفئة من الرواسب في مجتمع ما فإنه يكون مجتمعاً متقدماً.

ب- استمرارية الترابطات:

ويعني بذلك الميل الإنساني إلى الحفاظ على الارتباطات التي أقامها الإنسان بين الأشياء والأفكار ورفض التغير، وهذا الميل الفطري عكس غريزة الترابط السابق الحديث عنها، فبعد أن تتكون ارتباطات معينة بين الأشياء والأفكار تبدأ غريزة الاستمرارية عملها بدرجات مختلفة من القوة لكي تحول دون الفصل بين الأشياء التي تم الربط بينها، أي أنه إذا كانت الفئة الأولى من الرواسب الترابط تؤدي مهمة التغيير فإن هذه الفئة تؤدي مهمة الثبات في المجتمع.

ج- الحاجة إلى التعبير عن العواطف بأفعال خارجية (التعبير عن الذات):

مثال ذلك اللجوء إلى طقوس معينة مثل التصفيق أو صيحات المرح أو الغضب.

د- الرواسب التي ترتبط بغريزة تكوين مجتمعات والانتماء إليها:

وترتبط هذه الفئة من الرواسب بالفئة الثانية الخاصة باستمرارية التجمعات، وتتصل اتصالاً وثيقاً بالنظام في المجتمع، فجميع الناس لديهم ميل فطري لتكوين روابط أو تجمعات، وخاصة الروابط الاختيارية، وهذه الروابط مثل فريق قومي لكرة القدم أو حزب سياسي، تستثير عواطف تحافظ على استمرار بقائها، كما أن جميع الناس لديهم ميل إلى الوحدة في الشعور والتفكير، يجعلهم يعاقبون من يخرج على هذه الوحدة، وهذا الميل إلى الوحدة في الشعور والتفكير يوجد حتى لدى من يدعون إلى حرية العقيدة، ويعبر هذا الراسب عن نفسه في أسلوب اللبس والتصرفات المختلفة الموحدة، وترتبط به عواطف مثل الشفقة والقسوة والخوف المرضى من الجديد.

و- راسب تكامل الشخصية:

ويشير إلى الدافع نحو المحافظة على الذات وحمايتها من أي شيء يمكن أن يصيبها بالأضرار وهذا الراسب هو الذي يجعلنا نقاوم أي هجوم على ذاتنا أو على المجموعة التي تنتمي إليها أو على المركز الاجتماعي الذي نحتله أو على المجتمع الذي نعيش فيه.

2- الأفعال في علم الاجتماع:

هي تلك التصرفات الظاهرة والملموسة التي يمكننا ملاحظتها، وهذه الأفعال أما منطقية أو غير منطقية، وقد سلم باريتو منذ البداية أن غالبية أفعال الإنسان غير منطقية، وقد عرف باريتو الأفعال المنطقية بأنها: تلك التي تستخدم أساليب ملائمة لغاياتها والتي تصل بين الأساليب والغايات اتصالاً منطقياً، وهذا النوع من الأفعال لا يتوفر إلا في المجال العلمي والاقتصادي، أما ما عدا ذلك من المجالات فالأغلبية للأفعال غير المنطقية، فالإنسان بطبعه لا عقلاني وتحركه قوى غير منطقية والأفعال غير المنطقية، تنجم أساساً عن حالات سيكولوجية وعواطف ومشاعر لا شعورية، ووظيفة علم النفس هي بحث هذه الحالات ووظيفة علم الاجتماع هي وصف الأفعال غير المنطقية، وتصنيفها وربطها بالعواطف أو بالرواسب الثابتة المؤدية إليها وبالتبريرات الفكرية التي يقدمها الإنسان ﻷفعاله غير المنطقية هذه.

وليس من وظيفة علم الاجتماع دراسة الأفعال المنطقية، وعلى ذلك فحين يقرر باريتو أن هدف علم الاجتماع هو دراسة المجتمع الإنساني بوجه عام وتقديم نظرية عامة عن المجتمع، فإنه يعني دراسة السلوك أو الفعل غير المنطقي ودوافعه وتبريراته وما يترتب على ذلك من تنظيمات اجتماعية.

3- المشتقات في علم الاجتماع:

إذا كان السلوك الإنساني في معظمه سلوكاً غير منطقي وغير عقلاني، وتحركه قوى ثابتة ذات طابع بيولوجي وفطري، هي الغرائز أو العواطف التي تتصل بها الرواسب التي ذكرها باريتو، فإن هناك تبريرات فكرية غير ثابتة ومتغيرة يلجأ إليها الإنسان ليكسب أفعاله غير المنطقية الصفة المنطقية وهذه التبريرات تتمثل في الأديان والعقائد والأيديولوجيات والنظريات غير العلمية والقيم والمثل العليا.

ويرى باريتو أنه من الخطأ أن نعتبر هذه الأشياء الأسطورية سبباً في السلوك الإنساني ﻷن الأسباب الحقيقية للسلوك تكمن في العواطف والرواسب، ومثال على ذلك أن لدى الإنسان رعباً حقيقياً من القتل وتلك عاطفة أو غريزة ثابتة لديه، ولذلك فإنه لا يقتل، ومع هذا فإنه يبرز عدم ارتكابه للقتل بأن يقول لنفسه أن الآلهة تعاقب القتلة، ويتصور أن هذا هو السبب الذي يجعله يمتنع عن القتل.


شارك المقالة: