غايات في أطر اجتماعية موجهة عند بارسونز:
لقد توقف بارسونز عند حد القول بأن الغايات تتضمن جملة الشؤون المستقبلية، التي تتوجه نحوها عملية الفعل، إن هذه الصيغة من قبيل التضليل، لكنها تتوافق مع مجهولية وضع الفاعل عند بارسونز، ينبغي أن يكون للفعل غاية، على الأقل في إطار الطوعية، ولكن الغايات داخل المجتمع ليست عشوائية، فهي منظمة في مستوياتها، وفي طريقة بلوغها كذلك.
ومن هنا، فإن طرح أنظمة الغايات يشير إلى أمرين: الأمر الأول هو أن الغايات متصلة بمحتوى اجتماعي، وثقافي معين، يبيّن للفاعلين منظومة الغايات، التي يمكن أن يبلغوها أو يفكروا بها، والأمر الثاني، يبيّن أن الغايات متصلة بمستويات اجتماعية متمايزة داخل المجتمع، وهذا يقود إلى اعتبار الغاية وطبيعتها معياراً لتفاضل القوة بين الفاعلين الاجتماعيين.
إذن الغايات التي يساهم صاحب القوة إلى إنجازها، تختلف عن الغايات التي يساهم الخاضع، أو الفاعل الضعيف إلى تحقيقها، وتظهر هذه الحقيقة، في اختلاف الغايات بين مستويات الغنى ومستويات الفقر، التي تعبر عن تفاضل القوة، ومن الطبيعي أن تأخذ هذه الغايات صيغة شبه نمطية بموجب انعقادها بالأنظمة الاجتماعية التي تحكم المستويات الاجتماعية المتنوعة، وكذلك فهي تأخذ حيزاً لها في أنماط الوعي وتترجم في حافزية الفاعل وعملية الاختيار.
طالما أن الغايات لا توجد في قبضة اليد، فهي دون شك بعد مستقبلي، غير أن حيادية الزمن في ائتلافه مع إنجاز الغايات، قد تظهر فقط في تجريدات بارسونز، فالواقع أن مستقبيلة الإنجاز، تنطوي على اعتبارين، الأول: يتضمن في أن الغاية تمثل آمالاً أو أمنيات مستقبيلة، والاعتبار الثاني: يتضمن في أن الغاية تمثل توقع مستقبلي متحقق فعلاً بعد انقضاء الخطوات الضرورية للتحقيق، والفارق أن الاعتبار الأول ينطوي على توقع ذو مجهولية وربما يصل إلى فقدان الأمل في التحقيق، بينما الاعتبار الثاني ينطوي على توقع واضح يمكن أن يتحقق.
وبناء على ذلك، فإن من الأمور المهمة التي تكشف عنها مقولة تغاير أنظمة الغايات، أن النظر إلى الغاية باعتبارها شأنها مستقبلياً، يركز الانتباه نحو البعد المستقبلي الزمني، ويصرفه عن قواعد الانطلاق نحو الغايات، والأطر الاجتماعية التي توجد فيها، وهذه المسألة يمكن أن تقود إلى طرح ظاهراتي معدل يعترف بخارجية الغايات وموضوعيتها من جانب، وباستقرارها نظامياً في وعي الفاعلين ومدركاتهم من جانب آخر، وهذا ما يوضح بالفعل، أن تغاير أنظمة الغايات تعين علاقة بنى الوعي بالواقع الموضوعي وعناصره المادية ومتطلباته، ولذلك فقد تمت الإشارة إلى أنظمة الغايات تعين ما يمكن أن يفكر المرء بتحقيقه، وكذلك ما يمكن أن يتمناه.