فتح بلاد ما وراء النهر وبلاد السند في عصر معاوية بن أبي سفيان

اقرأ في هذا المقال


فتح بلاد ما وراء النهر:

مدّ المسلمين فتوحاتهم لبلاد ما وراء النهر في شمال حدود خراسان المعروفة بـ (جيحون وقديماً أموداريا)، حيث كان يحدَّها من الجنوب النهر وبلاد خوارزم من الغرب ولم تكن حدودها من الشرق والشمال واضحة، ففي الشرق تدخَّل فيها فيما بعد بلاد الصين، وفي الشمال كانت تمتد للنهر المشهور في حدود بلاد التُرك باسم سيحون. وكان يسكن بهذه البلاد العديد من الشعوب الآسيوية غالبيتهم من الفُرس، إذ انتشروا في جميع أجزاء البلاد وكانوا يحكموها عن طريق المزاربة، وكان للفرس منطقة ثغور وكان نظامهم لا يعزز بعضهم البعض إلا بإذن من الملك.
وعندما استقامت الأمور عند معاوية بن أبي سفيان جعل الولاية لعبدلله بن عامر البصرة وحرب خراسان، وفي سنة 42هـ-43هـ عيَّن ابن عامر، عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس للولاية على سجستان لخبرته في المنطقة، فأتاها هو والعديد من الأشراف منهم عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي، وعبدلله بن خازم وغيرهم ففتحوا مدينة زرنج صلحاً ثُمَّ تقدموا إلى مدينة خواش وبست وخُشَّك وغيرها، بالإضافة إلى تمكنهم من فتح مدينة كابل بعد أن حاصروها استمرَّ لعدة أشهر.

حملة سعيد بن عثمان بن عفّان سنة 56هـ:

جاء سعيد بن عثمان بن عفّان لمدينة خراسان، فقطع الطريق ليصل إلى سمرقند وأخبر خاتون ملكة بُخارى لعبوره النهر، فجاءت إليه بالصلح الذي صالحت عليه عبيد الله بن زياد، وجاء أهل الصُّغد لسعيد في مائة وعشرين ألفاً، حيث التقوا ببخارى، حينها ندمت خاتون لأدائها الجزية، فقامت بنكث العهد ولكن الكثير من الجنود التي معها رجعوا عن مقاتلة سعيد، فأثَّر ذلك على معنويات الآخرين، وعندما رأت خاتون ذلك قامت بإعادة الصلح، ودخل سعيد حينها بخارى فاتحاً.
وغزا سعيد بن عثمان بن عفان سمرقند، فساعدته خاتون بأهل بخارى، فقام بالنزول لباب سمرقند، وحلف أن لا يذهب إلا وأن يفتحها، إذ قاتل المسلمون أهل سمرقند لمة ثلاثة أيام متتالية، حيث اشتد قتالهم باليوم الثالث وقد خسر سعيد حينها عينه ولزم أهل سمرقند أن يقوم بفتح القصر عنوة وقتل كل من فيه، حينها طلبوا الصلح فصالحهم على سبعمائة ألف درهم، على أن يعطيهم وعداً لأبناء عظمائهم ليتمكن من يشاء لدخول المدينة ويخرج من يشاء.

فتح بلاد السند:

امتدت فتوحات المسلمين إلى بلاد السند، وهي تقع في شرقي إيران، عبارة عن دلتا نهر السند العظيم على ساحل بحر الهند، وهي أيضاً تعتبر المدخل لقارة الهند، حيث كان سكانها عناصر آرية، تشبه سكان إيران، فكان سكانها من عناصر تدعى الهندية نسبت إليها البلاد حيث تميزت بلون أسود خاص؛ الأمر الذي جعل العرب يعتبرونهم من السودان، وسكنها أيضاً العديد من أصناف قبائل مجهولة الأصل مثل السيابجة والزط.
وكانت الهند حينها تنقسم للمالك متفرقة وتتفاوت بين القوة والضعف، وكان بعضها خاضع لحكم الفرس، وكانت مملكة الموريا من أقوى القبائل الهندية قبل أن يقوم الإسكندر الأكبر بغزوها، حيث بقيت مملكة موريا بعد الغزوة التي اسقطوا بها دولة الصين وغزوا بلاد ما بعد النهر، ثمَّ شكَّلوا منها مملكة راي القوية التي استمرت تحت حكمهم لمدة طويلة إلى أن جاء صصه قبل الفتح الإسلامي ثمَّ ابنه داهر، وهو ملك السند.
وازداد اهتمام المسلمين ببلاد السند بعد أن فتحوا شرق مكران، التي فتحت عنوة في أيام معاوية حيث أن المقاتلين حلفوا بطلاق نسائهم ألا يهربوا من ميدان الحرب وأن يقاتلوا للنهاية، اتخذ المسلمين مصراً ليغيروا منها على السند، وكانت حملات المسلمين حينها على السند من ناحية مفازة سجستان التي تقع شمالي مكران.
وبدأت حملات المسلمين على السند منذ عهد الخليفة عثمان بن عفّان وفي أواخر عهد الخليفة علي بن أبي طالب، إلا أنها اشتدت وتتالت في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان، وإن غالبية الحملات كانت على بلاد قيقان من أرض السند وكانوا أهلها من الأتراك وأيضاً ضد الخلج وهم من صنف الهياطلة، وكان رنبيل هو لقب ملوكها.
وكان أشهر من فتح نواحي السند في أيم معاوية هو المهلب بن أبي صفرة القائد الشهير، الذي تقدم لأعالي الهند وهزم أهلها عند نبه ولوهر، لكن الفتنة التي حدثت بعد موت معاوية، ثمََ فتنة ابن الأشعث بسجستان أيم عبد الملك حدَّت من نشاط المسلمين من هذه الناحية.
وكان فتح محمد بن القاسم لبلاد السند من أعظم الفتوحات، حيث سار صاعداً لشمال الهند وأخذ يقوم بفتح كل مدينة مر منها، كما انضمَّ إليه العديد من قبائل الزط، فعندما علم داهر بتقدم محمد بن القاسم استعداداً لمحاربته، جمع عديداً من الجيوش المزودة بالفيله، لكن المسلمين كانوا يتغلبوا على الفيله بقطع خراطيمها، وبهذه المرَّة استخدموا النفط للقضاء عليها، وعندما هرب داهر قُتل أيضاً.
وفي سنة 95هـ نزل محمد بن القاسم إلى ملتان وسماها المعموره، وبعدها تقدّم في شمال الهند وفتح مدينتي بيلمان وقندهار حتى وصل لحدود كشمير التي كانت بجوار الترك، وبهذا تكون فتوحات محمد بن القاسم لم يتجاوزها أحد، حيث كان فتح بلاد السند مريحاً جداً من الناحية المادية.


شارك المقالة: