فترة حكم سليم الثاني

اقرأ في هذا المقال


السلطان سليم الثاني


وُلد السلطان سليم الثاني في (28-5-1524) وهو ابن سليمان القانوني وزوجته حريم سلطان المعروفة روكسلانا، تعلّم سليم الثاني كغيره من الأمراء، ومن معلميه جعفر أفندي، وحليمي أفندي، وعطاء الله أفندي، عُين سليم الثاني والياً على كوتاهيا ومانيسا، عُرف بحبه لأعمال الخير، وكان كريمًا ومِعطاءًا، وكان له عشرة أبناء ( أسماء خان، وعثمان، وجوهر سلطان،وشاه سلطان، ومصطفى، ومراد الثالث (ولي العهد)، وسليمان، وجهاكير، ومحمد، وعبدالله.

حكم سليم الثاني


كان سليم مُرشحًا غير مُرجّح للعرش حتى توفي شقيقه محمد بالجدري، وخُنق أخيه غير الشقيق مصطفى بأمر من والده، وتوفي شقيقه جيهانغير من المرض بعد فترة وجيزة من هذا الإعدام الأخير، وكان شقيقه بايزيد قُتل بأمر من والده بعد تمرده على سليم، حكم السلطان سليم الثاني من عام (1566) حتى وفاته عام (1574)، تولى الحكم وكان عمره(44) عامًا.

كان يشغل منصب الصدر الأعظم آنذاك محمد باشا الصقلي، وأخفى موت السلطان سليمان القانوني، تحسبًا من ثورة الانكشارية، حتى تسلّم سليم الثاني الحكم.
اضطربت الأمور الداخليّة، فقام الصدر الأعظم بضبط الأمور ومُحاسبة الذين سببوا الفوضى، كما حدث اختلال كبير باليمن، وقيل أنّ الصدر الأعظم أرسل جيشًا كبيرًا على رأسه عثمان باشا واستطاعوا قمع الثورة، إذ كان لليمن أهميّة كبيرة لأنّها كانت قاعدة ضد البرتغاليين في البحر الأحمر والمحيط الهندي لصد أي هجمات، وفي بغداد والبصرة حصل تمرّد وأستطاع والي البصرة ضبط المُتمرّدين، وفي عام (976) حصل تزعزع بالأوضاع في طرابلس، فبعث السلطان أسطولًا فأُعيد الأمن فيها.
أرسل مسلمو الأندلس نداء استغاثة إلى السلطان من ظلم الإسبان وأرسل إليهم مدد، وكادوا يسترجعون غرناطة غير أنّ طلبهم القوات للمرة الثانية من السلطان لم يتحقق بسبب انشغالهم باليمن وحرب قبرص التي انتهت بسقوط قبرص بيد العثمانيين.
كما غزا الإسطول جزر كريت وقام بإحتلال مدينتين على ساحل البحر الأدرياتيكي العثماني علي يد لالا مصطفى باشا عام (978هجري)، خاف البنادقة والمسيحين من هذا التوسع فجهزوا أسطولًا مُشتركًا، فحصلت معركة ليبانتو التي هُزم بها الأسطول العثماني وحصلت خسائر فادحة للعثمانيين، فقد كانت خبرتهم قليلة كما أنّ القادة البريين قادوا المعركة بدل القادة البحريين وكان على رأسهم زاده علي باشا، الذي لم يستمع لنصيحة القادة البحريين بالتحصن في إحدى الجُزر وأصر على ملاقاة العدو، فلقي مصرعه وأُخذت رايته المُطرزة بالذهب.
كان نجاحهم في هذه المعركة قد بث الأمل في المجتمع المسيحي بأكمله بأنّ العثمانين يُمكن أن يُهزموا، أمّا قائد البحريّة المعروف ب (بكلربيك الجزائر) استطاع الاستيلاء على راية سفن رهبان مالطا، كما وحافظ على العديد من السفن التي كانت تابعة له، وعند عودته من المعركة لقبه السلطان بالسيف ورفعه إلى منصب قائد القوات البحريّة.

بعد هذه الهزيمة قام محمد باشا الصقلي بإعادة بناء الإسطول البحري، مُستغلًا فصل الشتاء الذي يصعُب الإبحار به، وتبرع السلطان من ماله الخاص وبجزء من قصره لبناء السفن، حتى أنّه لم يمضِ سنة حتى استطاعوا تجهيز (250) سفينة جديدة، ممّا أوقع الرعب في البندقيّة، التي قامت بالتنازل عن قبرص ودفع غرامة ماليّة مقدارها (300) ألف دوكا، ولم تتجرأ أي دولة مسيحيّة من الخوض بحرب بحريّة مع العثمانيين آنذاك.

طلب الفرنسيون من السلطان سليم الثاني، أنّ تفرض نفوذها على الجزائر لحماية المسلمين آنذاك مقابل مبلغ من المال، ولكن السلطان رفض ذلك، وبعد إلحاحهم الطلب تمّ منحهم إمتيازات تجاريّة.

قام السلطان بنهج أبوه وأجداده وذلك بالحفاظ على المُقدّسات الإسلاميّة، إذ أمر بالزيادة المُضاعفة لمُخصصات الحرمين الشريفين، كما وأتمّ بناء جامع في أدرنة سُمي بإسمه، وبأمر من السلطان تمّ ترميم مسجد آيا صوفيا الذي اُلحق به الضرر من الزلازل، وقام بشراء البيوت المُجاورة له وبنى مكانها ميدان ومدرسة.

استطاع السلطان سليم الثاني من ضمّ تونس للدولة العثمانيّة، إذ خلصها من الإسبان الذين أحتلوها عام (980)، بقيادة وزير الحربيّة سنان باشا، كما وأقام صلح مع النمسا، وجدد الصلح مع فرنسا التي اتفقت مع السلطان بتعيين أخو الملك الفرنسي ملكًا على بولونيا وأصبحت تلك البلاد تحت الوصاية العثمانيّة.
تمّ توجيه الكثير من الإنتقادات للسطان سليم الثاني بأنّه لم يقم بالمشاركة بالحروب، ولم يكن ذو شخصيّة قوية إلاّ أنّه تمّ تحقيق الكثير من الانتصارات وإخماد الكثير من الثورات في عهده، ويعود الفضل للصدر الأعظم.

ينسب الكثير من المؤرخين قوة الدولة في عهده، أنّه ورث من والده إمبرطوريّة قويّة ذات نظام مُحّكم، بالإضافة إلى وجود الصدر الأعظم محمد باشا الصقلي الذي كان من أكبر القادة في الحكم العثماني.

توفي السلطان سليم الثاني في أسطنبول في رمضان عام (1574م) عن عمر يُناهز (52)، تولى الحكم بعده السلطان مراد الثالث الذي قام بالتخلص من إخوته للجلوس على العرش بمساعدة والدته.



شارك المقالة: