الطموح هو جانب طبيعي وصحي لرغبات الإنسان الفطرية في الأداء والنمو بأفضل ما لديه، ليصبح أفضل ويحقيق المكافآت من جهوده، وكلها تعكس هوياته الفريدة، ويمكن أن تكون هذه الرغبات مفيدة إذا تم دراستها واستغلالها، وعند التفكير في المسارات الوظيفية المستقبلية أو تنقيح الإحساس بالهدف في العالم أو تقوية القيادة لفرص أوسع يمكن أن تكون الطموحات بمثابة بوصلة توجه المرء نحو النجاح المؤثر الذي تخيل أن يصبح.
ما هو الطموح
الطموح إنه ذلك الحلم الذي يطمح المرء إلى أن يكون في مرحلة ما في حياته ولماذا يتطلع؟ فقط لأنه يحب القدر وعندما يحب المصير، يجب أن يحب الطريق أيضًا، كما أن الطموح من وجهة نظر العديد من علماء الاجتماع بأنه تلك الرغبة والأصرار والعزم على تحقيق الفوز والنجاح، كما إنه يعتبر وسيلة من وسائل تحقيق الأهداف الرئيسية والمرجوة.
كما أن الطموح من الممكن أن يكون خطيراً بالرغم من ذلك، ففي بعض الأحيان يُنظر إليه على إنه شكل من أشكال الجشع أو الوجه المقبول للجشع، والذي يمكن تعريفه على إنه الرغبة المفرطة في أكثر مما هو مطلوب أو مستحق، ليس من أجل الصالح العام ولكن لمصلحته الأنانية.
ويعتقد علماء الاجتماع أن الطموح الزائد يضر بالسمعة والعلاقات ويمكن أن يؤدي إلى فشل ذريع، ومن ناحية أخرى فإن قتل الطموح يمكن أن يجعل الشخص المعني يبدو كسولًا وغير متحمس، علاوة على ذلك يمكن أن يؤدي إلى أداء متواضع والملل وإحساس كئيب لذلك فإن قتل روح الطموح هو مشكلة اجتماعية.
قتل روح الطموح كمشكلة اجتماعية
إن تعزيز مستوى صحي من الطموح ليس بالأمر السهل، فاوسط الكثير من عدم اليقين قد يبدو إنه أولوية منخفضة، لكن الطموح المتوازن يؤدي إلى الإبداع والابتكار ومستويات أعلى من الأداء ومستويات أعمق من الفرح والرضا في العمل، أينما كان العمل، وإن الضغط على زر الإيقاف المؤقت كما كان الحال في معظم حياة البشر يجعل هذا وقتًا رائعًا للتراجع والتأمل في تطلعاتهم المهنية.
ويمكن أن تكون كل من رغبات واستياء المرء بمثابة إرشادات حول مدى ارتفاع الهدف، وربما يكون المرء غير راضٍ عن عدم قدرة المجتمع في تعزيز مواهبه وقدراته أو قد يكون السبب هو التخوف من القوانين المنتشرة والصرامة والتي تمنع المرء من تحقيق طموحاته وأهدافه أو ربما تجمد المناهج الدراسية التي لا تعمل على تطوير المواهب وتقتل الأهداف المرغوبة فيجد المرء نفسه مقيد في تعلم مال ليس يحب وما ليس ضمن قدراته وطموحاته فيستسلم ويرضخ ويصبح غير مبالياً.
فقتل الطموح هو عبارة عن قتل للروح وليس فقط قتل الطموح فالطموح من وجهة نظر الكثيرين هو أساس ارتباط الشخص بالحياه والأمل والأصرار عل التقدم والمسير دون ملل أو توقف، أما عند قتل هذا الأرتباط وهذا الأمل يصبح الشخص غير مبالي ومكتئب ومن الممكن أن يؤدي هذا الشعور إلى الكثير من الأمور الخطيره فقد يلجأ الشخص المكتئب إلى التغلب على هذا الشعور بطرق غير مشروعة كالتعاطي والإدمان أو إلى الجريمة وفي نهاية المطاف إلى الإنتحار، لذلك فإن قتل روح الطموح ليس بالأمر السهل فه قتل للروح البشرية والمجتمع.
إطار لتعزيز الطموح
إطار تعزيز الطموح له ثلاثة أبعاد: الأداء والنمو والإنجاز، ويتم تحقيق درجة صحية من الطموح من خلال تطوير كل بُعد بالتساوي مع التعرف أيضًا على التوترات الطبيعية بينهما:
طموح الأداء
وهو تحقيق نتائج أعظم للنفس وللمجتمع، ويبدأ الطموح بفهم تطلعات النفس والمجتمع، وغالبًا ما يتم التعبير عن هذه التطلعات في شكل أهداف تحدد النتائج المرجوة، ومعرفة مدى الوصول إلى أي طموح معين هو المفتاح لتسخير الطموح الصحي، ويساعد تحديد الأهداف التي تتطلب المستوى الصحيح من الصعوبة وعدم الراحة على ضمان دفع النفس والمجتمع لتجاوز القدرات الحالية، وإذا كان التحدي كبيرًا جدًا فإن ذلك يؤدي إلى المخاطرة بالاستسلام أو الإحباط عندما يتم التقصير، وإذا لم يكن التحدي كبيرًا بما يكفي فأن هناك مخاطرة بأن يصاب المرء بالملل أو لا يدرك مطلقًا الإمكانات الكاملة لجهوده.
طموح النمو
وهو الوصول إلى مستويات جديدة من الإتقان الفني والشخصي، ففي حين أن طموح الأداء أمر حيوي لإحراز تقدم يفترض العديد من علماء الاجتماع إنه كل ما هو موجود، لكن لا ينبغي أن يركز الطموح حصريًا على الوصول إلى النتائج المرجوة وكسب المكافآت الناتجة، بل لكي يكون ناجحًا يحتاج إلى موازنة هذه الرغبة مع طموح النمو أو الدافع للتخطيط لكيفية تحقيق هذه النتائج بالفعل، ويمكن أن يكشف التباين بين مكان وجود الأشياء اليوم والمكان الذي يريده الشخص هو بسبب فجوات التعلم التي قد يحتاج إلى سدها من أجل تحقيق تطلعاته.
طموح الإنجاز
وهو الحصول على المكافآت للنفس وللآخرين، وسواء أكان شعورًا أعمق بالهدف والمساهمة أو راتبًا أعلى أو ترقية أو تقديرًا للخبرات فإن الناس مدفوعون جزئيًا بالمكافآت التي سيكسبونها وهذا هو الجانب من قتل الطموح الذي غالبًا ما يصبح منحرفًا، وعندما تتراجع عناصر الأداء والنمو في الطموح إلى الإنجاز تبدأ علامات الجشع بالظهور والانغماس في الذات.
هل يؤثر الطموح على السعادة
يجيب علماء الاجتماع على هذا السؤال ب لا، وذلك لأن السعادة من وجهة نظرهم تأتي من الداخل، أي إذا لم يكن المرء سعيدًا الآن فمن المرجح إنه لن يكون سعيدًا عندما يكون ناجحًا، فلا يجب أن يدع أي شخص يخبره بشكل مختلف أن الطموح القوي والسعادة معًا يمكن أن يجعلوه لا يمكن إيقافه، إذ يعتمد ذلك على تعريفه الخاص للطموح.
ويرى علماء الاجتماع إنه إذا كان طموح المرء لا يمنحه السعادة فأنه بالتأكيد اختار الطموح الخطأ، إذ أن ما يقتل السعادة في أغلب الأحيان هو التوقعات، خاصةً عندما تبنى السعادة على تحقيق أهداف دنيوية في محاولة استبدال النفس الداخلية، ولأن الطموح هو كل شيء يمكن أن يكون مفيدًا إذا تم استخدامه بشكل صحيح، يتم إيجاد أشخاصًا مشغولين في محاولة الوصول إلى نهاية مكان ما ولا يجلسون أبدًا راضين ويستمتعون بالعمل الذي قاموا به حتى الآن، فالوصول إلى نهاية الرحلة ليس هو الهدف أبدًا، بل الاستمتاع بالرحلة في كل خطوة على الطريق الصحيح، وقصص الناس الناجحين هي انعكاس لهذا.
ولكن عندما يصلون إلى مستوى معين من التحصيل أو عمر معين فكروا في الحياة وأدركوا أنهم ليسوا راضين كما كانوا يأملون، كما يرى علماء الاجتماع أن الطموح يشبه أن يكون المرء في حلقة مفرغة من الرغبة دائمًا في إحداث التغيير، وبمجرد تحقيق النتيجة المرجوة سيشعر بنقطة سعادة مؤقتة، لكن هذه النقطة أمر لا مفر منه، والشعور سريع الزوال لذلك يستمر في التحرك للعثور على الارتفاع التالي في السعادة.
كما يشير علماء الاجتماع إلى أن السعادة لا تُمنح للإنسان أبدًا بل تأتي السعادة من حل المشاكل، ونوع المشاكل التي يواجهها ويحلها، لذا يشعر بالسعادة من خلال حل المشاكل، فالجميع يحلون وحدتهم من خلال التواجد حول الأصدقاء والعائلة وبالتالي السعادة، كما إنهم يحلون مشكلة كونهم غير صحيين من خلال الانضمام إلى صالة الألعاب الرياضية والتمرين وبالتالي الشعور بالسعادة.