كيف تم القضاء على حركة مصعب بن الزبير؟

اقرأ في هذا المقال


القضاء على حركة مصعب بن الزبير:

في عام 71هـ قام عبد الملك بن مروان بن الحكم بالذهاب إلى العراق؛ حتى يقوم بمحاربة مصعب بن الزبير بن العوام، وعندما وصل إلى بطنان حبيب كان مصعب ينتظره في باجميرا حيث كان يعسكر هناك، وعندها كان قد أتى فصل الشتاء فلم تحصل بينهم أي حرب، فعاد كل من الجيشان إلى بلده، وكان عبد الملك قد استغلَّ غياب مصعب عن البصرة فكتب إلى أنصاره من الأمويين يدعوهم إلى الوقوف معه ضد مصعب، ووعدهم بالهدايا السخية.

نجح عبد الملك بن مروان في إقناع أنصاره الأمويين للوقوف في صفه فأرسل إلى عبد الله بن أُسيد الذي استطاع أن يسيطر على البصرة، وكان حينها قد ذهب سراً واختبأ عند أحد أشراف المدينة في قبيلة باهلة؛ لأن ولاء أهلها للأمويين كبير، ثم قام خالد بطلب المساعدة من بكر بن وائل رئيس القبيلة في البصرة، وساعدته قبائل الأزد وعبد القيس وتميم وثقيف وسدوس، وكانت القبائل التي تناصر مصعب بن الزبير غالبيتها من القبائل المضرية.

وكان على رأس القبائل التي تناصر معصب بن الزبير عمرو بن عبد الله بن معمر التميمي، وهو والي مصعب بن الزبير على البصرة، وهذا يؤكد أن العصبية القبلية كان لها دور رئيسي، والعامل الذي أدّى لحصول خالد بن عبد الله بن أُسيد على دوره هذا هو الامتيازات السخية التي كانت تُعطى لأنصار الأمويين في البصرة.

وحدث الاصطدام بين الجيشان في الجفرة في عام 70هـ وهي منطقة في المريد، وكانت نهاية هذا الاصطدام هو انتصار مصعب بن الزبير، وبعدها دخل الطرفان في مفاوضات أعطت الإذن لخالد بن عبد الله بن أُسيد والذين أيدوه بأن يرجع إلى دمشق، وكان خالد قد حاول كثيراً أن يصل إلى البصرة قبل أن يخرج خالد ولكن عبثاً، ومع كل هذا عاقب أنصار الأمويين الذين بقيوا في البصرة.

وقد حان الوقت لعبد الملك بن مروان بأن يلتقي مع خصمه مصعب بن الزبير، فخرج بجيش عظيم من دمشق وكان يريد العراق فعسكر في مسكن، وعندما سمع ابن الزبير ذلك ذهب لمعسكره الذي كان في باجميرا ووقعت حرب بينهم في دير الجاثليق الذي يقع بين مسك وباجميرا في عام 72هـ، وكتب الكثير من الحاقدين على ابن الزبير إلى عبد الملك يعرضون عليه المساعدة مقابل ولاية أصفهان.

وكان مصعب بن الزبير قد جلب لنفسه نقمة وكره الكوفيين؛ بسبب قتله ستة ألآف من أتباع المختار بن أبي عبيد الثقفي، كما أنَّ أهل البصرة كانوا حاقدين على ابن الزبير؛ لأنه قام بمعاقتهم عقاباً قاسياً بعد أن فشل خالد بن عبد الله بن أُسيد بالحرب ضده، وهذه من العوامل التي عزلته عن أهل البصرة والكوفة، وعندما أحسَّ بذلك حاول أن يتقرب منهم بإعطائهم العطاء مرتان في السنة ولكن دون جدوى.

نهاية جيش مصعب بن الزبير:

وكان أهل البصرة قد طلبوا من مصعب بن الزبير أن يبعد خطر الخوارج عنهم قبل الحرب مع عبد الملك بن مروان، فاضطر لقبول ذلك فأرسل المهلب بن أبي صفرة على رأس جيش ليحارب الخوارج، ولم يستمع إلى التحذيرات التي تلقاها من ابن الأشتر بعد أن استلم رسالة من عبد الملك بن مروان يطلب منه الانضمام له، وقال ابن الأشتر لابن الزبير: أيها الأمير لست أشك أن عبد الملك قد كتب إلى عظماء أصحابك بنحو ما كتب إلي وأنهم مالوا إليه فأذن لي في حبسهم إلى فراغك.

وعندما التقى الجيشان تم قتل الكثير من قادة مصعب بن الزبير وعلى رأسهم إبراهيم بن الأشتر، وهرب عتاب بن ورقاء وكان حينها على خيل أهل الكوفة مع ابن الزبير، وكان فطن عبد الله الحارثي قد رفض هو ومن معه من قبيلة مذحج، وحجار بن أبجر محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني بأن ينصاعوا للأوامر التي كان يعطيها  مصعب بن الزبير، وذهبوا من ساحة المعركة وتركوه.

وبسبب الصداقة التي كانت بين عبد الملك بن مروان ومصعب بن الزبير، قام عبد الملك بالإرسال إلى ابن الزبير يقول له: يا مصعب قد علمت ما جرى الله بيني وبينك منذ ثلاثون عاماً، وخذ لي بيعة هذين المصرين والأمر أمرك لا تعصي ولا تخالف، وإن شئت اتخذتك صاحباًَ لا تخفى ووزيراً لا تعصى.

فردّ عليه مصعب بن الزبير قائلاً: ولكن بعد أن قتلت عمرو بن سعيد لا يُطمأن إليك وهو كان أقرب رحماً مني إليك، فكان لا بُدّ للحرب من أن تدور وتسحق الكثيرين ومنهم مصعب بن الزبير.


شارك المقالة: