محاولات فتح سجستان في عهد عبد الملك بن مروان:
قام الخليفة عبد الملك بن مروان بجعل أمية بن عبد الملك بن خالد بن أُسيد بن أبي العاص والياً، فوجه هذا ابنه عبد الله فقام رتبيل بمصالحته والقائم على ثلاثمائة ألف درهم، وعندما وصل ذلك إلى الخليفة عبد الملك قام بعزله، ثم قام الحجاج عام 78هـ بتولية عبيد الله بن أبي بكرة، فظلَّ سنة كاملة بدون أي غزو، وفي السنة التي بعدها تحرَّك لملاقاة رتبيل الذي كان مصالحاً لهم، ولكنه كان لا يلتزم بدفع الخراج.
وفي عام 79هـ دخل عبيد الله بن أبي بكرة لبلاد رتبيل غازياً، فحصل على الكثير من الغنائم منها، وهدم الحصون، وهرب أتباع رتبيل من الترك أمام الجيوش الإسلامية، وعندما وصلوا لعاصمتهم كابل بدأ الترك يأخذون على المسلمين الشعاب والمسالك، فسقط في أيدي المسلمن حتى شعروا بالضيق والهلاك، ممّا جعل عبيد الله يقوم بمصالحة رتبيل؛ حتى يستطيع إخراج المسلمين من أرض الترك وهم بخير، وكان أحد الأسرى شخصاً يعشق الجهاد يُدعى شريح بن هانىء.
وقام شريح بدعوة الجنود حتى يستكروا في الجهاد وطلب الشهادة، ومما جاء في كلامه: يا أهل الإسلام، من أراد منكم الشهادة فإلي، فقام باتباعه الكثير من الأُناس المتطوعون، وفرسان الناس، وأهل الحفاظ، واستمروا بقتال الترك حتى أصيبوا ما عدا القليل منهم، ولما عادوا من بلاد رتبيل استقبلهم الناس بالأطعمة.
ولم تحقق هذه الغزوة الأهداف العسكرية المتوقعة، مما دفع الحجاج بن يوسف الثقفي للاستئذان من الخليفة عبد الملك بأن يرسل جيشاً جديداً، حتى يعيد للدولة هيبتها ومكانتها، ففي عام 80هـ جهز الحجاج جيشاً عظيماً بلغ قوامه أربعون ألفاً، عشرون ألفاً منه من أهل الكوفة وعشرون ألفاً من البصرة، وحتى يشجعوا الجنود ولأن يرفعوا معنوياتهم، أعطاهم أُعطياتهم مسبقاً، وأنفق الكثير من الأموال فيها.
وبلغت الأموال التي أنفقها الحجاج قرابة المليونين درهم، وجعل عبد الرحمن بن الأشعث قائداً لهذا الجيش العظيم، وسار بالجيش حتى وصل إلى سجستان، ثم من بعدها انقلب ابن الأشعث على حكم الحجاج وعبد الملك، وتم فتح سجستان على يد قتيبة بن مسلم.