كيف كانت حياة العبيد في العهد العثماني؟
كان نظام العبيد في الإمبراطوريّة العثمانيّة مختلفًا تمامًا عن نظام حياة المزارع في الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي، ويمكن أن يكون الذكور إما عبيدًا عسكريين أو محليين وإناثًا دائمًا تقريبًا، ضمن الفصل بين الجنسين. وكان هناك تسلسل هرمي عرقي في العمل أيضًا، كانت النساء الأفريقيات طباخات ويتم تكليفهن بأعمال بسيطة، بينما تؤدي العبيد البيض مهام أكثر تخصصًا مثل صنع القهوة وتقديمها أو حضور صواني العشاء أو العمل كممرضات، وذكرت النساء الأوروبيات الزائرات في القرن التاسع عشر أنّ النساء العبيد يتمتعن بقدر كبير بشكل مذهل من وقت الفراغ وحرية التعبير والعمل داخل الحريم، ولقد رأوا أنّ حياة العبيد أفضل من حياة خدم المنازل في الغرب.
كما أنّ العبودية كانت مؤقتة، أُجبرت النساء البيض على العمل كعبيد لمدة تسع سنوات، ولكن النساء السود من إفريقيا سبع سنوات فقط، حيث كان يُعتقد أنهن أقل ملاءمة للمناخ الأكثر برودة، عندما تمّ تحرير المرأة من العبودية، حصلت على شهادة تحرير سارية المفعول قانونًا، يمكنها أنّ تطلب البقاء مع عائلة سيدها السابق مدى الحياة وسيتم الاعتناء بها، أو يمكنها طلب الزواج، إذا اختارت الزواج، فقد أعطيت لها حقيبة ومجوهرات وأثاث منزلي وغالباً ما تحصل على منزل خاص بها.
وتلقى العبد المحرّر معاشًا مدى الحياة من سيده الحالي أو سيده السابق، وسيحافظ على علاقات قوية مع أسرته السابقة، فالعديد من النساء (العبيد) السابقات، ولا سيما المتدربات في حريم النخبة، المتزوجات من الرجال ذوي المناصب الرفيعة، ونتيجة لذلك، كان من الممكن رؤية العبوديّة كوسيلة للتنقل العلوي، وسلمًا اجتماعيًا، وليس شارة ازدراء، لذا تطوع العديد من الفتيات الصغيرات من العائلات الفقيرة ليصبحوا عبيدًا، أو قامت أسرهم ببيعهم كعبيد، معتقدين أنّه سيكون لديهم مستقبل أفضل.
بينما كان يُؤخذ بعض العبيد خلال الغارات القبليّة ويتمّ بيعهم لتجار العبيد من أجل الربح، سواء أكان العبوديّة طوعيّة أم قسريّة، فقد اعتبرها كل من الأطفال والآباء على أنها مرحلة انتقاليّة تؤدي إلى التقدم الاجتماعي. وكان هناك عامل جذب آخر، وهو المعاملة الحميدة التي تلقاها العبيد في الحريم العثماني، تمت تربية الفتيات الصغيرات من العبيد كجزء من الأسرة، وغالبًا ما يتمّ شراؤهن في سن السادسة أو السابعة أو حتى كرضيعات وبعد ذلك يتمّ تزويدهن بممرضات، سيتم إعطاء الطفل اسمًا جديدًا ويتمّ تخصيص سيدة خبيرة لتربيته.
وكانوا العبيد الصغار يأكلون نفس طعام الأسرة وكانت ملابسهم من نوعية مماثلة، وتمّ تدريبهم على الآداب العثمانيّة المُتقنة، ومارست من خلال انتظار العبيد الأكبر سناً قبل خدمة الأسرة مباشرة، وكان يتمّ تعليمهم التحدث وقراءة اللغة التركيّة، وكذلك تدريس المعتقدات والممارسات الأساسيّة للإسلام.
كما تم ّتعلمهن الخياطة والتطريز، وإذا كانت لديهن موهبة موسيقيّة، فقد تمّ تعلميهن العزف على آلة أو الغناء أو الرقص، كل من أليس وليديا في فيلم (A Tale of Two Sisters)، مفتونتان في أوقات مختلفة بمهارات النساء اللواتي يعشن معهن.
وفي بعض الأحيان، يتم شراء العبيد الشابات كرفيقات للفتيات الصغيرات في الأسرة ومنحهن نفس التعليم، تعلم العبيد قراءة الفارسيّة والعربيّة، وفي القرون اللاحقة، تعلموا اللغة الإنجليزيّة والفرنسيّة، وبعضهن تدرَّبن على رعاية أطفال الأسرة.
وبعد الانتهاء من فترة العبوديّة، كانت الفتيات العبيد يتزوجن من رجال عثمانيين، أو قد يتمّ إطلاق سراحهم قبل انتهاء فترة خدمتهم، حيث كان تحرير العبيد يعتبر عملاً ذا قيمة أخلاقيّة كبيرة في الإسلام، كانت الفتيات العبيد يتمتعن بالسحر والجمال، كانت هؤلاء الفتيات مرغوبات بشدة كعرائس وغالبًا ما يتزوجن في العائلة التي نشأوا فيها.
وغالبًا ما يفضل الرجل الفتيات العبيد لأنهن أقل تكلفة بكثير للزواج، تحرير المرأة العثمانيّة من الطبقة الحاكمة يقع واجب العثور على زوج للفتيات الرقيق، على عاتق سيدة المنزل وكان من دواعي الشرف أنّ تتزوج عبيدها جيدً. وإذا اختارت الفتاة عدم الزواج، فقد تمّ الاعتناء بها لبقية حياتها، تمّ تنظيم الرق بدقة من قبل الشريعة الإسلاميّة، تمّ تحديد حقوق الفتاة الرقيق ومسؤوليات السيد أو العشيقة تجاهها بوضوح، بمجرد شرائها، لا يمكن أنّ تخرج أي فتاة من الرقيق إلى الشوارع.
وكان على المالك إما بيعها أو تحريرها أو إعطائها لشخص آخر أو إعالتها بنفسه، إذا كان سيدها وقد أنجبت طفلًا منه، فقد اكتسبت الوضع القانوني “أم لطفل” ولا يمكن بيعها أو التنازل عنها وتصبح حرة عند وفاة سيدها، إذا لم يتم تحريرها مسبقًا. وكان يتمّ الاعتراف بالطفل على أنّه شرعي وحر ويمكنه أنّ يرث نفس الطفل من زواج قانوني، كانت الأم تتزوج في كثير من الأحيان من سيدها أو من شخص غريب وتُعطى مهرًا.
وإذا كان العبيد غير سعداء، فيمكنهم طلب إعادة بيعهم والحصول على الدعم القانوني من القانون، إذا رفض الملاك، فيمكنهم الهروب ولكنهم لا يستطيعون الحصول على الحرية بهذه الطريقة قبل انتهاء مدة خدمتهم، إذا هربوا، يجب عليهم تقديم طلب إلى تاجر العبيد الذي سيبيعهم لمالك جديد ويبلغ السيد السابق.
وفي الحريم الإمبراطوري، كانت العبيد في المقام الأول خادمات، على الرغم من استخدام بعضهن كمحظيات بحلول نهاية القرن الرابع عشر، لعبت المحظية دورًا رئيسيًا في التكاثر الملكي، كان هناك عدد من الفوائد للسلالة العثمانيّة، فكان من الأفضل أن يكون لديك رفيقات كان ولاءهن حصريًا للسلطان بدلاً من وجود زوجات من مجموعة من النبلاء الوراثيين، الذين قد يتحدون سلطة السلطان.
وعادة ما يكون للقرينة الملكيّة ابن واحد فقط لأنها كمرشد للأمير وكذلك والدته، كانت بحاجة إلى تكريس نفسها بالكامل لتدريبه وحمايته، لم يكن من الممكن قانونًا إجبار الزوجة المسلمة الحرة على تقييد نفسها بابن واحد، مع ارتفاع معدل وفيات الرضع بسبب المرض، كان من المنطقي أكثر عدم الاعتماد على قدرة امرأة واحدة على إنجاب الأبناء لاستمرار السلالة.
ولم تكن معظم الفتيات الرقيق محظيات – فقط أولئك في أعلى نظام تدريب القصر، اللائي برعن في الذكاء والشخصية والإنجازات بالإضافة إلى الجمال، هن مؤهلات للترشح، بالإضافة إلى كونه سكنًا للعائلة المالكة، كان الحريم الإمبراطوري مؤسسة تدريبية – نوعًا من مدرسة التشطيب الملكية.
وغالبًا ما تدربت والدة السلطان نفسها النساء المقدرات لأنّ يصبحن محظيات تتمتع (Valide Sultan) في قصة أختين بالسيطرة الكاملة على كل امرأة وكل عبد في حريم الإمبراطوريّة العثمانيّة، وهي في المرتبة الثانية بعد السلطان نفسه. وبالنسبة للغالبية العظمى من الرقيق اللواتي لم يكن محظيات، كانت هناك فرصة للترقي في الرتب الإدارية والتمتع بمهنة دائمة داخل الحريم الإمبراطوري، أو الزواج من زوج في النخبة العسكريّة أو الإداريّة العثمانيّة.