اقرأ في هذا المقال
نشأة الشيخ عبد العزيز الرشيد:
لقد كان الشيخ عبد العزيز الرشيد مؤرخ الكويت الأول من المتفوقين، يتميز بالعديد من الصفات الحميدة، فقد كان الشيخ عبد العزيز ذات طموح وهمة عالية، وكان ذلك متجسداً من خلال سفره إلى العديد من البلاد المتطورة في وقت كانت فيه وسائل النقل محدودة وبطيئةً بالنسبة إلى ما هو متواجد في وقتنا الحاضر، من وسائل نقل تتميز بالسرعة والراحة، بحث تعتبر من الوسائل المتطورة التي لا تكلف المسافر إلا بعض من الجهد.
فقد سافر الشيخ عبد العزيز إلى عدد من الدول منها: العراقومصروالحجازوالبحرين، فلم يكن يطمح الشيخ من خلال سفراته تلك للتجارة أو أي كسب مادي آخر، ولكن كان همه الوحيد اكتساب العلم والثقافة، وكذلك الجهاد في سبيل نشرهما بين الناس، ولقد كان رحمه الله يتمتع بشخصية قوية، ويتضح لنا ذلك من خلال توليه للعديد من المناصب في كثير من البلاد التي سافر إليها وقضى بها جزءًا من الوقت، فقد عرف عنه بأنه كان محباً للتنقل من بلد إلى آخر؛ لأنه كان من الذين يرون في اكتساب الثقافة والعلم متعة لا يساويها شيء.
وخلال تلك الفترة أبدى أهل المدينة المنورة رغبتهم بأن يجعلوا الشيخ عبد العزيز قاضياً عندهم، ولكن بسبب وجود منافس من أهل المدينة حال بينهم وبين ما كانوا يرغبون به، غير أنهم في وقت لاحق تمكنوا من توليته مهمة أن يصبح مدرساً في الحرم النبوي الشريف، ولكنه في ذلك الوقت لم يكن في المدينة، فقد كانت المدة التي مكثها هناك تقدر في عام واحد أو بعض أعوام.
سمات شخصية للشيخ عبد العزيز الرشيد:
لقد كان أبرز ما تميز به الشيخ عبد العزيز بأنه كان رحمه الله صادق اللهجة واضح في آرائه المقتنع بها، فقد كان لا يتمكن من السكوت على الذين يخالفونه في آرائه، فقد لقي في ذلك الوقت بطبيعة الحال انكار كثير من الناس، حيث كان يرى بأنّ هناك واجب مطالعة الكتب العصرية وقراءة الصحف والمجلات، فأعلن هذه الآراء ودعا الناس إلى اعتناقها كما دعاهم الى الابتعاد عن تعلم اللغات الأجنبية.
أخذ فكر الشيخ عبد العزيز يتسع شيئاً فشيء، فقد تبين له أنه كان مخطئ فيما دعا إليه، فقد قام بعد ذلك بالإعلان للناس يطلب منهم الاستمرار بالحركة الفكرية وتعليم اللغات الأجنبية، بل لم يكتفِي بذلك وإنما دعم ذلك من خلال إنشائه لمجلة الكويت المعروفة، ولقد استطاع أن يجتذب إليها كبار الكتاب في ذلك الوقت، وكان الشيخ عبد العزيز قوي الإرادة لا يشغل فكره من يقف في طريقه.
وفي عام 1921 ميلادي تأسس النادي الأدبي، حيث طرح فيه أول محاضرة وكان موضوعها (الخطابة)، وخلاصة القول إنه كان حريصاً كل الحرص على نشر الثقافة والعلم مهما كلفه ذلك من جهد ومشقة، وكان يرى الشيخ عبد العزيز إنّ اللازم على العالم القيام بالاشتراك مع جميع المواطنين في الدفاع عن الوطن.
وقد نشير من خلال ذلك إلى المستوى الفكري والثقافي الذي كانت عليه الكويت في ذلك الوقت، فيتصور العديد أنّ الناس كانوا يتساءلون في ما بينهم عن جواز تعلم اللغات الأجنبية ومطالعة الصحف والمجلات، ويبدو أنّ هذا التساؤل كان مهماً بشكل كبير، فقد ألف الشيخ عبد العزيز رسالة شرح فيها وقال: إنّ مطالعة الصحف والمجلات وتعليم اللغات الأجنبية من الأمور التي لا تخالف قواعد الشريعة الإسلامية.
دراسة الشيخ عبد العزيز الرشيد:
لقد ذهب الشيخ عبد العزيز إلى العراق لمدينة الزبير، ليتلقى تعليمه بها عند محمد بن عبد العوجان أحد أبرز الشيوخ في ذلك الوقت، فقد بقى عبد العزيز في العراق لمدة سنة كاملة ليتعلم الفقه الحنبلي، وفي عام 1903 عاد إلى الكويت، وقام الشيخ عبد العزيز بالزواج وكان يبلغ من العمر السادسة عشر، وبعد مدة من الزمن قام الشيخ عبد العزيز بالتوجه إلى الأحساء في عام 1906، ليتلقى العلم عند الشيخ عبد الله بن علي آل عبد القادر، ولم يترك الأحساء إلا بعد أن قام والده بالطلب منه العودة إلى الكويت، ولكن الشيخ عبد العزيز بعد عودته إلى الكويت هرب منها راجعاً إلى الأحساء في عام 1908.
بعد ذلك وبالتحديد في عام 1911 قام الشيخ عبد العزيز بالتوجه إلى بغداد؛ ليتم تتبعه للمدرسة الداودية عند محمود شكري الآلوسي، حيث باشر معه شرح السيوطي، وذلك لم يستمر لأسباب مجهولة، حيث أكملها الشيخ عبد العزيز على يد ابن عمه علي علاء الدين الآلوسي، وقد شجع الشيخ محمود الألوسي عبد العزيز الرشيد على البحث عن مسألة الحجاب والرد على دعاة سفور المرأة، وكان من أهمهم تلميذ الشيخ محمود الألوسي الشاعر معروف الرصافي، وقام الرشيد بكتابة كتابه الأول تحذير المسلمين عن اتباع غير سبيل المؤمنين، وجاء في هذا الكتاب لزوم المرأة لبيتها وذم خروجها إلى المدارس.