تاريخ إيطاليا في الفترة الحديثة المبكرة: هي فترة حكم إسبانيا هابسبورغ والنمسا هابسبورغ لإيطاليا وقد تميزت تلك الفترة في إيطاليا بالهدوء، ومن ثم وقعت إيطاليا خلال تلك الفترة تحت الحكم الفرنسي، وخلال تلك الفترة بدأت عملية توحيد إيطاليا ومن ثم بدأت النهضة الإيطالية، لكن سرعان ما خرجت إيطاليا من عصر النهضة وأصبحت حينها تعاني من سوء الأوضاع الاقتصادية فيها، وعلى الرغم من ذلك بقيت إيطاليا هي مركز الحضارة في أوروبا.
تاريخ إيطاليا في الفترة الحديثة المبكرة:
خلال حرب الخلافة الإسبانية تم نقل الأملاك الإيطالية من إسبانيا إلى النمسا، قامت إسبانيا بعد عقد “معاهدة أوترخت” بحصولها على إسبانيا على مملكة نابولي ومملكة صقلية، في ظل حكم إسبانيا والنمسا لم تخضع جميع الولايات الإيطالية لحكمها، حيث كانت الدولة البابوية البندقية واقعات تحت الحكم الإسباني والنمساوي بشكل كامل، مع بداية القرن السادس عشر ميلادي عانت إيطاليا في مشاكل اقتصادية واجتماعية، حيث كانت تلك الفترة هي عصر الاستكشاف والتجارة في أوروبا.
وقد تحول الاهتمام في أوروبا من البحر المتوسط إلى المحيط الأطلسي؛ ممّا أدى ذلك إلى فقدان الكثير من المدن الإيطالية أهميتها في إيطاليا، في تلك الفترة كانت البندقية تقاتل ضد الإمبراطورية العثمانية على مركزها التجاري في البحر المتوسط، ودخلت حينها بعدة صراعات مع الإمبراطورية العثمانية وقد استمرت لمدة خمسة وعشرون عاماً والتي نتج عنها في النهاية انتصار البندقية على الإمبراطورية العثمانية.
مع بداية القرن الثامن عشر ميلادي بدأت البندقية تعاني من مشاكل اقتصادية والتي أدت تلك المشاكل إلى انحسار النشاط الاقتصادي للبندقية في أوروبا؛ ممّا جعلها ذلك فريسة سهلة لفرنسا أثناء فترة الثورة الفرنسية، أما بالنسبة للدولة البابوية في تلك الفترة فقد كانت لا تملك أية سلطة في المنطقة وخاصة بعد أن تم تقسيم أوروبا إلى قسمين من قِبل الإصلاح البروتستانتي وقام حينها الكاثوليك بفرض سيطرتهم على أراضي الدولة البابوية، وقد كان هناك صراع قام في تلك الفترة بين إسبانيا وفرنسا فقامت الدولة البابوية بالتدخل بينهم وحل المشاكل فيما بينهم.
ساءت علاقة الدولة البابوية بعد ذلك مع فرنسا؛ ممّا أدى ذلك إلى فقدان الدولة البابوية سيطرتها في المنطقة، بعد ذلك سعت الدولة البابوية إلى عمليات الإصلاح الديني والسياسي في الدولة وقاموا بملاحقة عمليات السرقة في الدولة، كما قاموا ببناء المباني والعمارات فيها، كما قاموا أيضاً بعملية إصلاح النظام القضائي وإصلاح دور الكنيسة في الدولة، إلا أن الكنيسة في القرن الثامن ميلادي ومع بداية عصر التنوير فقدت الكثير من سلطاتها؛ ممّا أدى ذلك إلى تعرضها للكثير من الهجمات.
مع بداية القرن السابع عشر ميلادي بدأت الأوضاع تسوء في إسبانيا وقد كانت كلاً من مملكة صقلية وميلان وسردينيا تابعة الحكم الإسباني حينها؛ ممّا أدى ذلك إلى سوء الأوضاع فيها أيضاً وأصبحت حينها تعاني من الفقر والبطالة والأمراض، في تلك الفترة كانت مملكة نابولي من أكثر الممالك الإيطالية التي تعاني من سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، حيث كانت تشتهر نابولي حينها بالكثافة السكانية وانتشار نسبة الجرائم فيها؛ ممّا أدى ذلك إلى غضب الارستقراطية النابولية من الحكم الإسباني في الدولة وكانت منظرة الحكم النمساوي لها لكي تتخلص من سوء الحكم الإسباني فيها.
مع بداية الحكم النمساوي في نابولي كانت منتظرة بأنها سوف تتمتع بالحكم الذاتي لنفسها، إلا أن كل تلك الآمال قد خابت عند رفض النمسا منحها الحكم الذاتي وقيامها بفرض ضرائب كبيرة على المدينة، في تلك الفترة قام حاكم نابولي بالسعي لتحسين الأوضاع والإصلاح في نابولي، إلا أنه دخل في صراعات مريرة مع الكنيسة، خلال تلك الفترة تمكن حاكم نابولي من عقد السلام مع روما، قام الأباطرة النمساويين بفرض ضرائب جديدة على نابولي وقاموا بإهمالها؛ وذلك بسبب بدء حصول الصراعات الدولية في أوروبا.
عانت طبقة النبلاء والطبقة الوسطى خلال فترة حكم النمسا في نابولي بشكل كبير من الضرائب التي تم فرضها عليهم من قِبل الإمبراطورية النمساوية، وقد قامت الإمبراطورية النمساوية بتأسيس بنك خاص في نابولي لصالح النمسا؛ وذلك من أجل أن يتم جمع الأموال فيه من طبقة النبلاء وأصحاب الأراضي والأملاك في نابولي ووضعها في في خزينة الإمبراطورية النمساوية؛ ممّا أدت تلك الأمور إلى انتشار الفقر والمجاعات والمشاكل الاجتماعية في نابولي، وقد أدت كل تلك الأمور إلى صعوبة عملية الإصلاح في نابولي.
عاد بعد ذلك الحكم الإسباني في نابولي خلال ذلك العصر وكانت حينها قد تخلصت مملكة نابولي من حكم النمسا، أملةً في الحكم النمساوي لها مع ملكها الجديد، مع بداية حكم إسبانيا قامت بعدة إصلاحات في الدولة، إلا أنها لم تكن تهتم لأمور الحكومة فب نابولي، في تلك الفترة برزت الثورة الفرنسية؛ ممّا أدى ذلك إلى تخوف النمسا وبريطانيا من تلك قوة الثورة الفرنسية، فقامت كلا الدولتين بالتحالف ضد فرنسا.
في تلك الفترة كانت شبه جزيرة صقلية تتمتع بعلاقات مميزة مع مدينة مدريد الإسبانية؛ ممّا أدى ذلك إلى قيام إسبانيا بمنح جزيرة صقلية الحكم الذاتي؛ وذلك بسبب علاقتها التجارية المميزة مع إسبانيا، بالإضافة إلى موقعها المميز في البحر المتوسط، قامت النمسا بعد ذلك بحكم صقلية، وقامت النمسا حينها بفرض قواتها العسكرية في جزيرة صقلية؛ ممّا أدى ذلك إلى قيام صراعات بين سكان جزيرة صقلية وبين القوات العسكرية.
وقد أصبحت صقلية بعد ذلك تعاني من الفقر والفساد، ولم تتمكن في ضوء وضعها الحالي السيء من تشكيل حكومة في دولتها وأصبحت أيضاً تقوم بدفع الضرائب إلى الإمبراطورية النمساوية مثلها مثل مملكة نابولي، في تلك الفترة سعى الإمبراطور “تشارلز السادس” في تحسين الأوضاع الاقتصادية في صقلية والعمل على جذب التجارة الخارجية، فتم حينها تنشيط تجارة الحبوب والحرير في صقلية، إلا أن الإمبراطور “تشارلز السادس” لم يتمكن من تحسين الأوضاع الاقتصادية في صقلية؛ ممّا أدى ذلك إلى انهيار الأوضاع الاقتصادية في جزيرة صقلية.
في تلك الفترة لم يكن للحكم النمساوي دور كبير في صقلية، فقد كانت إسبانيا تحكم بشكل في جزيرة صقلية، في تلك كان يسكن صقلية الكثير من الشعب الإسباني، وقد كانت صقلية تعتمد في اقتصادها في تربية المواشي، عادت إيطاليا إلى أوضاعها السياسية مع نهاية القرن الثامن عشر ميلادي، فقد أصبحت إيطاليا في تلك الفترة واقعة تحت الحكم النمساوية وخاصة بعد ضعف إسبانيا خلال تعرضها لحرب الخلافة الإسبانية.
قامت مملكة سردينيا بعد ذلك بضم الأجزاء الشمالية والغربية في إيطاليا وعَملت على زيادة ممتلكاتها، عند قيام الثورة الفرنسية كان لها دور كبير في إيطاليا، حيث سَعت إيطاليا في تلك الفترة في تحسين الأوضاع فيها والقيام بعمليات إصلاح في الدولة، على الرغم من المؤسسات في إيطاليا كانت مستاءة جداً من الحكم الفرنسي وعمليات القمع والظلم التي تقوم بها الحكومات الفرنسية.
في تلك الفترة بدأت فرنسا في التوغل في الأراضي الإيطالية وأصبح فلاحو إيطاليا يعانون من ذلك التوغل وطالبوا ملوكهم بالحد من عمليات القمع والتوغل التي يتعرضون لها وطالبوا بالعدل بالحكم من قِبل ملكهم، إلا أنه لم يتم الاستماع إلى مطالبهم؛ ممّا أدى ذلك إلى قيام الطبقة الوسطى في روما في الثورة ضد حكم الكنيسة الكاثوليكية، في عام 1796 ميلادي قامت القوات العسكرية الفرنسية التي كانت متمركزة على الحدود الإيطالية بغزو إيطاليا؛ وذلك من أجل إجبار دول التحالف التنازل عن مملكة سردينيا والعمل على إجبار الإمبراطورية النمساوية على الخروج من إيطاليا.
جَرت بعد ذلك عدة صراعات بين مملكة سردينيا مع فرنسا، بعد ذلك قامت سردينيا بعقد هدنة مع فرنسا، بعد تلك الهدنة واصلت فرنسا هجومها ضد النمسا لكي تقوم بإخراجها من إيطاليا، جَرت بعد ذلك عدة ثورات في إيطاليا ضد حكم فرنسا، قام نابليون بعد ذلك بتوقيع معاهدة هدنة مع النمسا وقام بتسليمها جمهورية البندقية، والذي أدى ذلك إلى غضب إيطاليا والتي كانت تأمل في حصول البندقية على حكمها الذاتي.
قامت فرنسا بعد ذلك بتأسيس دولة عملية لها في إيطاليا تضم مجموعة من الممالك الإيطالية وقد تحولت تلك الجمهورية فيما بعد إلى جمهورية إيطالية والتي يحكمها نابليون، إلا أن تلك الجمهورية لم تلقَ ترحيب في إيطاليا، فقد قامت بعد ذلك عدة ثورات من قِبل الفلاحين في إيطاليا مطالبة بحل تلك الجمهورية وحَل نظامها، واصلت فرنسا توسعة أراضيها في إيطاليا بعد انتهاء حرب الائتلاف، فأصبحت فرنسا حينها تسيطر على مدينة روما وقامت بنفي البابا إلى خارج البلاد وعَملت على تأسيس جمهورية خاصة بها.
في تلك الفترة قاد نابليون قواته العسكرية لغزو مسطر، فقام حينها ملك مملكة صقلية الملك “فرديناند السادس” باستغلال فرصة غياب نابليون وعَمل على استعادة الدولة البابوية وروما، إلا أن القوات الفرنسية عادت مرةً أخرى وقامت بالسيطرة على مملكة نابولي، تمكنت فرنسا بعد ذلك من السيطرة على المدن في شمال إيطاليا، إلا أن ذلك الحكم لم يدم كثيراً حيث واجهة فرنسا الكثير من الحروب والذي أدى ذلك إلى سقوطها، وتم حينها انهيار الممالك الإيطالية.