مملكة داقية:
تعتبر مملكة داقية أحد المناطق التي تقع في شرق أوروبا، والتي يحدها من الجنوب نهر الدانوب ومن الشمال يحدها جبال كارباثيان، وتعد شعوب القوط الشرقيين، هم أول الشعوب التي سكنت فيها، وكانت خلال فترة العصور الوسطى تعتبر جزء من أراضي إمبراطورية روما ومن ثم تمكنت من الحصول على الاستقلال وتكوين مملكة مستقلة، وتعتبر الآن جزء من أراضي دولة رومانيا.
تاريخ مملكة داقية:
تشير الدراسات بأنّ تاريخ مملكة داقية يعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وكانت الشعوب الجرمانية أول الشعوب التي سكنت فيها، ودارت هناك عدة صراعات بين القبائل الجرمانية؛ من أجل السيطرة على الحكم فيها، قامت بعد الصراعات قبائل الباستارنيين بحكمهم، فأصبحت في تلك الفترة تتمتع بفترة من الحضارة والتقدم، أصبحت أراضيها أكثر اتساعاً، حتى كانت أراضيها تشمل أراضي المدن الإغريقية، وكما كانت تتمتع بالقوة، على الرغم من تعرضها للكثير من الغزوات، فقد كانت تتصدى لها.
بعد تعرض مملكة داقية للكثير من الغزوات، قامت روما بغزوها، وتمت عملية تقسيمها إلى أربعة أقسام، رفض شعبها قبول الحكم الروماني، وقام الإمبراطور “أغسطس” بإجبارهم بقبول حكم روما لهم، لكنهم رفضوا وقاموا بعبور نهر الدانوب وشاركوا بالكثير من الحروب مع الرومان، ولم تتمكن روما من خوض المزيد من الصراعات مع الداقيين؛ ممّا دفعها إلى عقد السلام معهم، وتم الاتفاق بأن تبقى ضمن أراضي إمبراطورية روما، لم تصمد مملكة داقية كثيراً حتى أصبحت جزء من أراضي روما.
عانت مملكة داقية الكثير من الدمار؛ بسبب الصراعات والحروب، فعادت خلال فترة حكم الإمبراطورية الرومانية إلى القيام بعملية إعادة بناء القصور والقلاع، وذهب سكانها للعمل في المناجم، وقاموا بجلب الأموال حتى تمكنوا من بناء مملكتهم، ومن ثم قاموا بإعادة نظام الضرائب، كما كانت الأقاليم التي تشكلت منها يتم حكمها بشكل مستقل من قِبل القناصل، وكان للإمبراطورية الرومانية تأثير كبير عليهم من حيث اللغة، فقد كانت اللغة الرومانية هي اللغة المتداولة في مملكة داقية.
على الرغم من وقوع مملكة داقية تحت حكم الرومان، إلا أنّ الإمبراطورية الرومانية لم تتمكن من السيطرة بشكل كامل على كافة أقاليم المملكة، حيث كانت تقوم الكثير من التمردات ضد الحكم الروماني، ومن ثم قام القوط الشرقيين بالقدوم إليها وتمكنوا من السيطرة عليها وحكمها وقاموا بسك العملات فيها، ودامت تحت حكمهم لفترة طويلة، وتم تقسيمها بعد ذلك إلى عدة أقسام.
مملكة داقية في ظل حكم الملك ديسيبالوس:
عند بداية تأسيس مملكة داقية، تم حكمها من قِبل حكام القبائل الجرمانية الذين كانوا يقيمون فيها، وتمتعت في بداية عهدها بحالة من الاستقرار والتجانس وكان الملك بوريبيستا من أوائل الملوك الذين حكموها، واعتمد خلال فترة حكمه على اتخاذ الاتحاد القبائلي والذي لم يكون يشكل اتحاداً قوياً، إلا أنّه ساعد في تقدمها وتحسين اقتصادها، وأصبحت أراضي المملكة تشمل البحر الأسود ونهر الدانوب وأراضي البلقان، حيث كانت تتصف في تلك الفترة بأنها من أكبر الممالك.
لم تدم فترة حكم الملك بوريبيستا طويلاً وبعد وفاته، وتم تقسيم المملكة إلى عدة أقسام، وعندما تولى الملك ديسيبالوس قام بإعادة تشكيل الجيش في المملكة والذين قاموا بإعادة تنظيم المملكة وإعادة السيطرة عليها، وقام بشن الكثير من الغارات على الإمبراطورية الرومانية وتمكن من استعادة بعض الأقاليم التي استولى عليها الرومان؛ ممّا أدى ذلك إلى غضب الإمبراطورية الرومانية وقيامها بشن غارات معاكسة على سكانها ومعاقبتهم على تمردهم على الحكم الروماني.
خلال فترة الصراع بين الإمبراطورية الرومانية وبين مملكة داقية، كانت الإمبراطورية الرومانية تعاني من الثورة الألمانية على الأراضي، الأمر الذي استنفذ الكثير من طاقتها وأموالها؛ ممّا جعلها لا تصمد كثيراً وتمت هزيمتهم خلال بداية سلالة الصراعات بينهم، لكن الرومان تمكنوا من استعادة قوتهم وتمكنوا بعد ذلك بفترة قصيرة من إعادة السيطرة عليها ووضعها تحت حكمهم.
يعتبر الملك ديسيبالوس من أهم وأقوى الملوك الذين حكموا مملكة داقية والذي قام بحكمها لفترة طويلة، وخلال فترة توليه الحكم خاض الكثير من الحروب ضد الإمبراطورية الرومانية، كما قام بعقد الكثير من معاهدات السلام مع الإمبراطورية الرومانية، وخلال فترة حكمه أصبحت تتمتع بحالة من التقدم والازدهار، كما اعتبر الملك ديسيبالوس قائداً عظيماً في رومانيا، حيث تم إنتاج الكثير من الأفلام عنها.
