الحملة الإسبانية على المغرب:
في عام 1859 ميلادي قامت إسبانيا بإعلان الحرب على المغرب، وبدأ الصراع بين الدولتين في مدينة تطوان المغربية، وتمكنت إسبانيا من الانتصار في تلك الحرب؛ ممّا دفع المغرب إلى طلب عقد السلام معها.
بداية الحملة الإسبانية على المغرب:
منذ القرون القديمة لنشأة دولة المغرب وهي تعاني من الصراعات بين دول للاستيلاء عليها، ففي القرن التاسع عشر ميلادي تعرض المغرب لغزو وفرنسا ودارت بينهم حرب وتمكنت فرنسا من هزيمتها والاستيلاء عليها، ومن ثم تعرضت بعد ذلك لغزو بريطانيا، وتمكنت بريطانيا السيطرة على التجارة في المغرب وعلى الجمرك وفيها، وخلال تلك الفترة رأت إسبانيا بأنها الأحق في السيطرة على المغرب؛ وذلك بسبب الحدود الجغرافية بين الدولتين، وكانت إسبانيا تقول بأنّ لها أراضي في المغرب ويجب استرجاعها، فتمكنت المغرب من السيطرة على بعض الجزر المغربية جون استخدام القوة.
عند بداية إعلان إسبانيا الحرب على المغرب كان لها عدة أسباب من وراء تلك الحرب حسب ادعائها، حيث كانت تقول بأنّ بعض مدنها المحاذية للمغرب كانت تتعرض للغزو من قِبل بعض القبائل المغربية، فكلن تم من قبل توقيع اتفاقية بين المغرب وإسبانيا للمحافظة على الحدود بين الدولتين، فرأت إسبانيا بأنّ تلك الاتفاقية فيها تعدي على مدنها؛ ممّا دفعها إلى بناء الحواجز لحماية مدنها، ورأت المغرب في ذلك تحدياً لها، فقامت القبائل المغربية بغزو المدن الإسبانية، فقررت إسبانيا بالتصدي لتلك الغزوات وإعلان الحرب على المغرب، والعمل على الاستيلاء على مزيد من الأراضي المغربية.
خلال فترة تخطيط إسبانيا لغزو المغرب، كانت إسبانيا تخوض حرباً في أفريقيا، فرأت من خلال إعلانها الحرب على المغرب، بأنها سوف تصرف نظر الشعب الإسباني عن المشاكل الاقتصادية والسياسية التي تتعرض لها الدولة، فقامت بإخبار الشعب بوجود الكثير من الخيرات في المغرب، لكن هناك بعض الآراء كانت تقول بأنّ السبب الحقيقي للحملة الإسبانية على المغرب؛ هو أبعاد الأنظار عن المشاكل التي كان يتعرض لها البلاط الملكي الإسباني، حاولت المغرب وبمساعدة من إنجلترا الاتفاق مع إسبانيا وإعطائها الأموال كتعويض لها، لكن الحكومة الإسبانية رفضت الطلب المغربي، وأعلنت الحرب في عام 1859 ميلادي.
خلال فترة الحرب كانت إسبانيا تخوض الصراعات الداخلية والعنصرية بين أفراد شعبها، وأدت تلك الصراعات إلى إضعافها وفقدانها هيبتها في الداخل والخارج، فقررت العمل على استعادة سيطرتها العسكرية بين دول العالم من خلال السيطرة على المغرب، فقد تم اعتبار تلك الحرب بالحرب الظالمة، ومع انتصار إسبانيا في الحرب زادت شعبية الحكومة فيها وزادت روح الوطنية لدى الشعب الإسباني، عند بداية الحملة الإسبانية على المغرب، لم تقوم إسبانيا بالتجهيزات العسكرية المطلوبة لتلك الحرب ولم يكن لديها المواد الغذائية الكافية للجنود الذين مات الكثير منهم؛ بسبب مرض الكوليرا.
على الرغم من التجهيزات السيئة لإسبانيا، لكنها تمكنت من تحقيق انتصارات كبيرة في معظم المعارك التي خاضتها ضد المغرب، قامت المغرب أيضاً بعملية التجهيزات العسكرية وعَملت على تجنيد الكثير من مواطنيها للمشاركة في الحرب، لكنهم لم تكن أعدادهم تضاهي اعداد القوات العسكرية الإسبانية، سعت إسبانيا من خلال حملتها العسكرية السيطرة على ميناء طنجة، وبدأت بعد ذلك الصراعات بين القوتين العسكريتين، وتمكنت إسبانيا منذ البداية من تحقيق النصر والاستيلاء على بعض المدن المغربية، وقام الكثير من المتطوعين المغاربة وبعض القبائل بالانضمام إلى الحرب.
تمكنت إسبانيا في النهاية من تحقيق النصر وتم توقيع اتفاقية بين الدولتين، ومن بين شروط تلك الاتفاقية؛ هي توسيع أراضي بعض المدن الإسبانية التي ترتبط حدودها مع المغرب، والعمل على إيقاف الغزوات التي تقوم بها القبائل المغربية على المدن الإسبانية، بالإضافة إلى اعتراف المغرب بحكم إسبانيا على الجُزر الجعفرية والعمل على دفع التعويضات المالية لإسبانيا، وأنّ تبقى مدينة تطوان تحت سيطرة إسبانيا حتى تتمكن المغرب من سداد الديون، في الوقت نفسه تم الاتفاق بين إسبانيا وبريطانيا بعدم تعرض إسبانيا لأراضي بريطانيا الموجود في المغرب، وتم إيقاف التجارة بين المغرب وفرنسا.
اعتبرت الصحافة الإسبانية بأنّ تلك المعاهدة لم تكن في صالح إسبانيا ولم تمكنها بالمستوى الذي كانت تحلم فيها، لكنها لم تكن تعلم عن الأوضاع السيئة التي تعرض لها الجيش الإسباني في تلك الحرب، فقد أرادت إسبانيا الإسراع في إنهاء الحرب، حتى تتمكن من المحافظة على ما تبقى من جنودها، لكن تمكنت إسبانيا من خلال تلك الحرب العمل على تحسين المستوى العسكري والاقتصادي في أراضيها والحصول على الكثير من أراضي المغرب.