المهن الثانوية في العهد الفرعوني
كان النشاط المرتبط بمختلف المنتجات القائمة على الزراعة وتربية الحيوانات تولّد عنها العديد من المهن الثانوية التي ترتكز على صناعة المواد الاستهلاكية ومنها الخبازة وصناعة الجعة والنساجة والقصابة والجِزارة، فكان الخبز والجعة من أهم احتياجات المصريون القدماء.
صناعة الخبز
انتشرت المخابز على نطاق واسع وقد خُصصت بعض الأماكن لصناعة الخبز المتعدد الأشكال فمنه المخروطي أو الفطائر المستديرة، وكان للخبز اهتمام كبير وملحوظ فيحتاج للطحانين والخبازين المتخصصين، ومر صناعته في العديد من المراحل ففي البداية تطحن الحبوب في جرن كبير للحصول على دقيق خشن، وبعد ذلك تتولّى الطحّانات العمل فيسحق على حجر بواسطة حجر آخر أكثر صلابة.
بعد ذلك يتم إعداد العجين المكون من دقيق الحنطة أو البرى أو الشعير بعد أن يضاف له اللبن المخلوط بالعسل أو الزبدة أو البيض، ومن ثم يتم تسخين القوالب الفخارية على النار مع تأجيج سعيرها بواسطة منفاخ، وأخيراً يتم وضع العجين في القوالب لإعداد الخبز، واعتباراً من الأسرة الخامسة بدأ استخدام الفرن مما سهل ذلك على الخبازين مهنتهم.
النِساجة
كانت النساجة من أهم الصناعات الوطنية واشتهر العديد منهم بصناعة العديد من أشكال الثياب باستخدام قماش الكتان بالإضافة إلى الأشرعة واللفائف، فكانت تقتلع السيقان قبل أن يزول ازهرارها الأزرق وهذا العمل موكول للنساء في أغلب الأحيان، فهكذا كان يحصد الكتان وهو في أوج نموه للحصول على النسيج وبذور الكتان التي كانت تعتبر إحدى الأغذية كما استخدمت للطب.
بعد أن يتم اقتلاع السيقان تجمع في هيئة أضاميم ومن تمشط بممشطة مائلة مثبتة على الأرض، فيقوم الرجل بدفع الأضاميم بقوة يديه عبر أسنان الممشطة فتنفصل البذور عنها، وبعد ذلك تعالج السيقان بمتخلف أساليب النقع فتوضع فوق البيدر وتنقع في حفرة وتسلق على البخار، وللقيام بعملية الفتل لم تكن المغزلة معروفة فتكوم الألياف في وعاء موضوع على الأرض وتفرد بواسطة الغزّالة المرفوعة إلى أعلى باليد اليسرى، ثم تتدلى وتلتف باليد اليمنى بمهارة مذهلة.
الجِزارة
كان الجزارون أصحاب مهنة بالغة الأهمية فهم يمتلكون ناصية أساليب تكنيكية مؤكدة في الذبح والتقصيب على حد سواء، فكان الذبح عندهم يحتاج لأربعة جزارين على الأقل وخصوصاً في ذبح الثور، فكان الحيوان يساق من الحظيرة فتربط قائمتاه الخلفيتان ربطاً محكماً بحبل وتوضع إحدى قائمتيه الأماميتين في أنشوطة ويتعلق أحد الرجال بهذا الحبل الذي ألقي بطرفه الآخر فوق جسد الحيوان وتجمد حركة الرأس ليتم نحره، وبعد أن يلفظ أنفاسه الأخيرة تبدأ عملية التقصيب.
ذكرنا في هذا المقال أهم المهن التي اشتهرت في العهد الفرعوني والتي لم يكن لها غنى فقد كان المصريون القدماء يقومون بكامل أعمالهم بدقة كبيرة.