اقرأ في هذا المقال
ثورة 1848 ميلادي في الإمبراطورية النمساوية:
في عام 1848 ميلادي بدأت الإمبراطورية النمساوية تعاني من صراعات داخلية وثورات في أراضيها، حيث كانت الإمبراطورية النمساوية في تلك الفترة يسكنها الكثير من الأقليات، والذين كانوا من ألمانيا وبولندا والمجر والتشيك، ودارت بين تلك القوميات الكثير من الصراعات والتي كانت تهدف في الحصول على الاستقلال أو السيطرة على الحكم، وكان لتلك الثورات دور كبير في التأثير على الإمبراطورية النمساوية.
بداية ثورة 1848 ميلادي في الإمبراطورية النمساوية:
بدأت الثورة في الإمبراطورية النمساوية بعد قيامها بإصدار قوانين تقيد فيها حرية التعبير، فقامت بإيقاف الصحف عن نشر الأخبار، وقد ابتعدت الإمبراطورية النمساوية في تلك الفترة عن عصر التنوير، الأمر الذي أدى إلى غضب السكان فيها وقيامهم بالتمرد ضد القرارات، كما بدأت في تلك الفترة الثورات بين السكان وأصحاب الديون، كان سبب الخلاف هو الصراع على الأراضي الزراعية والمنتوج الزراعي وأحقية كلاً منهم في حقه في تلك الأراضي، وكانت تلك الصراعات من أعنف الصراعات في الإمبراطورية النمساوية.
قامت الإمبراطورية النمساوية بالعمل على قمع تلك الثورات والتي كان لها دور كبير في الخسائر المالية في الإمبراطورية وخسارة الكثير من الجنود، فكانت الإمبراطورية النمساوية دائمة البحث عن الجنود لتجنيدهم للتصدي لتلك الصراعات، على الرغم من عمليات تقيد حرية التعبير، إلا أنّ كان هناك مجموعة من الطلاب الألمان الذين كانوا يقومون بعقد الندوات وإصدار الكتب للمطالبة بحرية التعبير والمطالبة بتعديل أجور الأمور والعمل على العدل بين طبقات المجتمع في الإمبراطورية النمساوية.
كانت طبقة النبلاء في النمسا هي أكثر الطبقات سيطرة وحظاً مقارنة بالطبقات الأخرى وخاصة الطبقات الوسطى التي كانت تشعر بالظلم وعدم حصولها على حقوقها، تميزت النمسا في تلك الفترة بارتفاع نسبة التعليم فيها، على الرغم من عدم وجود العمل للمتعلمين، وأخذت تلك الفئة بعملية الانتقاد للسياسة الاقتصادية للدولة، في تلك الفترة كانت الثورات قائمة في أوروبا والتي قام بها طبقة النبلاء وقامت طبقة الفلاحيين بالتصدي لها، وخاصة أنّ النبلاء في النمسا كانوا مستولين على جميع الموارد في الدولة.
بدأت النمسا في تلك الفترة تعاني من نقص الموارد ونقص في الغذاء، وأصبحت الأمراض والفقر منتشراً في جميع مناطق الدولة، الأمر الذي أدى إلى زيادة حجم الثورات، كانت الثورة في النمسا مثلها مثل باقي الثورات في الدول الأوربية، في ذلك الوقت انتصرت الثورة التي كانت قائمة في باريس، ومن ثم انتصرت ثورة مدينة فيينا؛ ممّا دفع الحكومة في النمسا إلى تقديم استقالتها، وبدأت الحكومة الليبرالية في حكم الإمبراطورية النمساوية، وتعرضت الإمبراطورية حينها إلى حكم الكثير من الحكومات.
مع استمرار تغير الحكومة بشكل متكرر في النمسا، أصبحت النمسا تعاني من الضعف وأصبحت تملك أضعف الجيوش؛ ممّا أدى إلى انهيار نظام الإمبراطورية، وأصبحت تعاني من صراعات سياسية واجتماعية، فقامت الحكومة الليبرالية بتولي الحكم في الإمبراطورية، لكن لم تتمكن الحكومة من إقامة دولة؛ ممّا دفع المجر المطالبة بالانفصال عن الإمبراطورية النمساوية، ومع ضعف النمسا بدأت الطبقات المتدنية المطالبة بالحصول على كافة حقوقها، وكانت تلك الطبقات تقوم بالأعمال العنيفة ضد الإمبراطورية.
في تلك الفترة كان هناك جزء من أراضي إيطاليا واقعاً تحت حكم الإمبراطورية النمساوية، وعند ضعف الإمبراطورية، قامت مملكة سردينيا بإعلان الحرب على النمسا ومحاولة السيطرة على تلك الأراضي، بدأت ألمانيا في التفكير ضم النمسا إليها وتشكيل اتحاد بين الدولتين، وافق القوميون النمساويون على إجراء انتخابات وطنية في أراضيهم ومشاركة ألمانيا فيها.
عند منتصف الثورة بدأت الحكومات الحاكمة للإمبراطورية بالانهيار وبدأت حرية التعبير والصحافة بالعودة مرة أخرى، وتم إجراء انتخابات والتي بدأت بإصدار دستور جديد، وكانت البرلمان يضم جميع أفراد الحركات القومية الموجودون في النمسا.
خلال تلك الفترة خسر الثوار المتحالفون مع الملك الثورات التي قاموا بها؛ ممّا دفع الحكومة الليبرالية إلى القيام بتقديم الاستقالة، وتم بعد ذلك تعيين المحافظين ليقوموا بحكم الدولة؛ ممّا أدى ذلك إلى غضب الثوار، كان الثوار في ألمانيا والتشيك موالين للإمبراطور النمساوي، وتمكنت النمسا من استعادة شمال إيطاليا وإعادته تحت سيطرتها، فقام الإمبراطور النمساوي إلى إصدار الأوامر للمتمردين بالقيام بإعمال الشغب في الشوارع النمساوية؛ وذلك من أجل قتل الثوار ضد حكمه.
تمكنت الإمبراطورية النمساوية من إعادة مدينة هابسبورغ تحت حكمها وإخراج الثوار منها، وقامت بوضع الأحكام في المدينة، وكما تم إلغاء وجود الحركات الوطنية في المدينة، في ذلك الوقت كانت التمردات قائمة في المجر ضد حكم الإمبراطورية النمساوية، وكان لتلك الثورة دور كبير في إضعاف الإمبراطورية؛ ممّا دفع الإمبراطور وحاشيته للفرار من فيينا، حيث كانت الثورة المجرية من أقوى الثورات التي بإمكانها التصدي للإمبراطور والقضاء على الحكم، وتمكن الثوار المجريين السيطرة على مدينة فيينا.
قامت الإمبراطورية النمساوية بالاستعانة بجنود بروسيا لاستعادة فيينا والتي كانت خسارتها تعتبر ضربة قوية للقومية الألمانية، وتمكنت الإمبراطورية النمساوية من هزيمة الثورة في التشيك وإيطاليا التي كانت قائمة ضدها، واستعادة مدينة براغ، وبدأ الدعم الشعبي للثورات بالضعف، فلم تتمكن طبقة النبلاء والطبقة الوسطى من الحصول على دعم الطبقة الدنيا للوقوف إلى جانبهم في الثورة ضد حكم الإمبراطورية النمساوية، حيث كانت الطبقات الدنيا غير مهتمة بحكم الإمبراطورية وراضية بالقرارات الجديدة.
بدأت المجر بإصدار القرارات التي تقوم بدعم المزارعين وقامت بتقديم الأموال لهم، بدأت في ذلك الوقت الثورة في فرنسا والتي كان لها دور كبير في التغير الاقتصادي والسياسي في المجر، بدأت المجر بإصدار الأوامر بحرية التعبير وأنهت دور الرقابة على الصحف فيها، كما أقرت قانون الانتخاب وكان البرلمان هو السلطة المسؤولة عن إصدار القوانين، كما طالبت المجر بعدم إرسال الجنود للقتال خارج أراضي الإمبراطورية، على الرغم من تلك القرارات لم تعجب الإمبراطورية، لكنها وافقت عليها.
قامت المجر بإصدار أومر بإيقاف عمل الأحزاب القومية الرومانية والكرواتية، لكن تلك القرارات لم تعجب رومانيا وكرواتيا؛ ممّا أدى إلى نشوب حرب بين بين المجر ورومانيا وكرواتيا؛ ممّا أدى إلى قيام بعد الدول إلى قطع علاقاتها مع المجر؛ ممّا دفع المجر إلى طلب الدعم من حكومة مملكة هابسبورغ، قامت المجر بإعلان الحرب على صربيا، اشتد الصراع بعد ذلك بين صربيا ورومانيا والمجر، الأمر الذي أدى إلى قيام الثورة في فيينا، وتمكن المتمردين مواليين الإمبراطورية من السيطرة على فيينا.
قامت الإمبراطورية النمساوية بإرسال جنودها والتحالف مع روسيا للقضاء على الثورة المجرية؛ ممّا أدى إلى تراجع القوات المجرية، في ذلك الوقت قامت سلوفاكيا بإعلان الثورة ضد المجر، وجرت صراعات كبيرة بين الدولتين، وبدأت سلوفاكيا بالمطالبة الحصول على حقوقها داخل أراضي الإمبراطورية، ومع بداية عام 1849 ميلادي قامت إيطاليا بإرجاع القوانين القومية إلى أراضيها؛ ممّا أدى إلى تجديد الصراع بينها وبين الإمبراطورية النمساوية، وكان لتلك الثورة تأثير كبير على اقتصاد الإمبراطورية النمساوية.
حاولت النمسا التفاوض مع المجر وإعادة اتحادهم مع بعضهم، لكن المجر كان لها شروط ولم توافق على الدستور النمساوي، فقامت النمسا بقمع الثورة المجرية بمساعدة روسيا، ولم تتمكن المجر من الصمود لفترة طويلة؛ ممّا دفعها في النهاية التحالف مع النمسا وتشكيل الإمبراطورية النمساوية المجرية، وكان في نهاية تلك الثورة تمكن الفلاحين من إلغاء نظام العبودية وتحسين أجورهم والحصول على حقوقهم.