ما هي حدود علم الاجتماع؟
لعلم الاجتماع دوائر مشتركة مع العلوم الإنسانية الأخرى، فكلما تزايدت كثافة البحث في علم ما زاد تطوره من خلال الحدود التي تجمعه بالعلوم الأخرى وهي:
1- الحدود مع العلوم الاجتماعية:
فالعلوم الإنسانية بشكل عام تطمح إلى أن تكون علمية في طرحها دون أن تكون طبيعية في منهجها كالفيزياء والكيمياء والبيولوجيا، التي تخضع موضوعها للتجريب المتكرر، وإنسانية في مجالها دون أن تكون معيارية في أحكامها كما هو الحال في علم الأخلاق والقانون والجماليات والسياسة والتسيير، التي تقيس طروحاتها وفقاً لمعنى الأحسن والأصح والأجمل والأكثر فعالية.
ومن أهم العلوم التي يحتك بها علم الاجتماع في ظل العلوم الاجتماعية، علم النفس الذي يدرس العمليات الداخلية للإنسان، كالوجدانية والذكاء والإرادة، والتاريخ الذي يتناول الأحداث كما وقعت في الماضي أكثر من الاهتمام باستمراريتها، والايثنولوجيا بدارسة الاختلافات بين المجموعات أكثر من دراسة ما هو مشترك، والديموغرافيا التي تدرس الخصوبة والوفيات وتجدد التجمعات عددياً.
المشترك بين كل هذه النشاطات معالجة الإنسان باعتباره كائن ذو ثقافة، وليس معطى طبيعياً فقط، فهو يدخل باستمرار في علاقات مع الآخرين، يتحدث ويفكر خاصة، وهي تهتم كلها بفهمه أولاً قبل أن تطمح إلى تغيير سلوكه، لكن خلال هذا المسار، قد تقدم الأبحاث الإمبريقية لعلماء الاجتماع أحياناً إجابات عن تساؤلات فلسفية،تعتمد غالباً على التحليل الرياضي من أجل التدقيق في برهنتها.
2- حركية الحدود:
يرى الباحثان دوغان وباهر في مجال الاكتشاف العلمي الاجتماعي، أن تطور هذه التخصصات يسير وفقاً للعملية التالية، التخصصية حيث يشكل نواة صلبة لمشاكل معينة، يقترحون حلولاً لها، والتجزئة حيث ينقسم التابعون وفقاً لمجالات التطبيق إلى عدة اتجاهات، والتهجينية وهي خرق المكتشفين والمبدعين العلميين لحدود نشاطهم تخصصهم قصد إيجاد حل للمشاكل التي يستعصي فكها في الداخل، بذلك يحققون ابداعيتهم على الهامش، وضمن التوفيقية بين مجالهم ومجالات أخرى.
نجد هذه المراحل الثلاث بالنسبة لعلم الاجتماع أيضاً قد مرّ بالمشروع الأساسي للمؤسسين، وهي اتخاذ مرجعيته ضمن العلم ذاته، وعارض بقوة علم النفس، مشتغلاً عن الأحداث التاريخية، ومقترحاً نماذج قريبة من علم الاقتصاد، وأيضاً انفجار المدارس والتطبيقات والتي ظهرت وتزايدت مع المعاصرين.
وكذلك التوفيقات المتعددة حيث تم تشكيل توفيقات اخترقت حدود هذا العلم ذاته، مثل السوسيولوجية الاقتصادية، والارتباط بالتاريخ مع مدرسة الحوليات في فرنسا، وبعلم النفس مع إلتون مايو ولوين في الولايات المتحدة الأمريكية، أو بنائية سنوات الخمسينيات والستينيات التي نقلت نماذج عدة من اللسانيات إلى دراسة العلاقات الاجتماعية (علم الاجتماع اللساني).