غطى الفن المصري مرحلة تمتد لأكر من أربعة آلاف سنة فهو أطول تاريخ للفن على الصعيد العالمي، وعلى الرغم من امتداده لهذه الفترة الزمنية الطويلة ظلّت مبادئه الأساسية ثابته ولم تتغير وخصوصاً في مجال فن الرسومات، وهذه استمراريه جوهرية ونموذجية لم يقوضها أي تدخل وطني أو أجنبي.
دوافع الفن المصري وأساليبه في العهد الفرعوني
ذهب الفكر المصري إلى الإنسان يتكون من عناصر مختلفة بعضها مادية كالجسد والظل وأخرى ذهنية، كل ذلك يحتاج إلى منشط ومحرك وهي مهمة الكا الذي كان مصدراً للطاقة وقدرة كامنة الغرض منها المحافظة على الحياة، عند الوفاة تتفكك هذه العناصر فيصبح من الضروري إعادة توحيدها في كلٍ متجانس ونشط.
كان لا بد من الحفاظ على الجسد بحمايته من التحلل خلال عملية التحنيط فتتم إزالة المخ في البداية وتستخرج الأحشاء عن طريق الخاصرة وتوضع في آنية لأنها أكثر العناصر المعرضة للفساد، وبعدها يصب نبيذ البلح وبعص المنتوجات العطرية على الجسد بعد أن تتم إزالة كامل الماء من الجسد برش كميات كبيرة من الملح عليه، ويتم نقع الجسد في النطرون لمدة سبعين يوماً ليمتص رطوبة الجسد وآخراً يتم لفه بشرائط من الكتان الناعم ويدهن بمادة صمغية.
البقاء على قيد الحياة في جسد وحد له حدود ضيقة حسب تفكير ومعتقدات المصريون القدماء، فخرجوا بفكرة الأجساد البديلة فتم تشكيل التماثيل ورسمها على صورة الشخص المتوفى وأبدع الصور المنحوتة أو المرسومة تجسيداً لمشاهد الحياة اليومية، وتأسيساً على ذلك فإن الفن المصري فن نفعي فهو يلعب دور الوسيط بتطلعه للخلود وهذا ما يفسر وجود عدد كبير من التماثيل والاهتمام بتشابهها فيما يتعلق بالوجه على الأقل.
لم يتم إيجاد فن أكثر من الفن المصري؛ لأنه استطاع أن يدمج في الواقع العملي فنون الرسم والنحت سوياً، وبهذا تكون الرسومات والنقوشات واضحة فيقبلها العقل ويتصورها بشكل أوضح، وتعتبر النصوص المنحوتة بالعلامات الهيروغليفية إضافة مكملة للتماثيل والنقوش والرسومات وتتوزع على هيئة أعمدة أو سطور فلا يترك أي فراغ يصدم عين المشاهد الذي يهتم بالتناسق والتناغم، وبهذا تكون إحدى نتائج هذا الفن بأساليبه السحرية ترتبط بشخصية الفنان.
استعرضنا في هذا المقال أهمية الفن المصري بالنسبة للمصريون القدماء والعالم بكل عام فهم من بدأوا هذا العمل وعلموه فجمال هذا الفن لا زال حاضراً إلى يومنا هذا.