ما هي قيم الحداثة التي تشكل القوة الدافعة للتقدم؟
القيم بشكل عام تعتبر مقياس أو معيار يتم الحكم بمقتضاه، كذلك ونقيس به ويتم تحديد السلوك المحبب فيه والسلوك المنفور منه، لذلك فهي عبارة عن مجموعة من الضوابط والمحددات التي تم الاتفاق العام والجماعي عليها لتشكل السلوك المرغوب فيه لحركة المجتمع بكل نظمه ومكوناته المادية والبشرية.
ولأنه لا وجود لإنسان من غير قيم سواء كانت قيماً إيجابية أو متدنية، فبدونها لا يكون شيئاً حي، غير أن الإنسان يملك قيماً تجعله غارقاً في التخلف والجهل والحياة بين الزمن الماضي والزمن الحاضر، وإما أن يملك قيماً تدفعه إلى التقدم وتعويض الزمن الماضي والزمن الضائع.
أما الحداثة فهي:
حركة الانفصال المتواضعة عن كل المتغيرات والموروثات السلبية التي لها جذور في التراث والارتفاع إلى مستوى متغيرات الزمن الحالي. والأخذ بكل المفاهيم التي لا يمكن تأصيلها عند السلف، ويجب أن تكون المرجعية للعقل.
لا تعد لحظة في زمان ولا نقطة في مكان، بل إنها تعتبر حالة من التماس مع حركة الزمان وتغيرات المكان، فهي اللحظة التي يكون فيها الانفصال عن الواقع المتخلف أمر واقع لا رجوع فيه.
أما بالنسبة لشروط الحداثة فهي:
أولاً: أنه لا يمكن أن نستوعب الحداثة أو نقيم دولة تقوم عليها، إلا إذا كنا نؤمن فلكل بيئة ناسها وظروفها الجغرافية والطبيعية في أن الإنسان ليس نمطاً واحداً والتاريخية فما يتفق مع الإنسان في زمن مضى لا يتفق مع الإنسان في زمن آخر منعدل، فلكل زمان ظروفه ونظمه وطرقه وأساليبه ولا يوجد قياس للحاضر مع الماضي.
ثانياً: أن كل شخص في تفاعله مع حياته تتولد حاجاته، وأن حاجاته المتغيرة والمتزايدة والمتفدمة هي التي تدفعه للتغيير بوضع نظم وطرق وأساليب وأدوات جديدة تقدم نواتج مادية وفكرية تحقق له الاكتفاء، وأن ما كان يحقق له المنفعة والاكتفاء في أزمنه ونظم ماضيه لا يمكن أن يحقق المنفعة والاكتفاء في الوقت الحالي.
ثالثاً: إنسانية مشتركة لا اعتراض عليها تتصف بها الحضارة، أن هناك قيماً المعاصرة وتمثل الوجهة الإنسانية لها، وهي الديمقراطية وحقوق الإنسان ومعايير العمل العادل، وهي قيم عالمية مشتركة وهي دافعة للحداثة وليست معوقة لها.