يمكن تعريف الشيخوخة بأنها مجموعة التحوّلات الطبيعية المعتادة التي تطرأ على الفرد البالغ كلما تقدم به العمر الزمني، ويقصد بالتحوّلات الطبيعية والمعتادة التي تنجم عن خلل طارئ عضوياً كان أو نفسياً أو اجتماعياً، أو تلك التحوّلات التي تنجم عن الإصابة بأمراض تؤدي إلى بروز مظهر أو أكثر من مظاهر الشيخوخة، ويجب أن نؤكد أن هذه التحوّلات لا تقف فقط عند ما يصيب الجسم وأعضاءه في بنائه أو وظائفه، بل يتجاوز ذلك إلى سلوك الفرد ومواقفه وعواطفه وعلاقاته الاجتماعية.
متى تبدأ مرحلة الشيخوخة
على الرغم من أن مفهوم الشيخوخة كثير التداول في استعمالاتنا اليومية إلا أنه مفهوم لا يمكن تحديده بسهوله، فليس هناك حدود فاصلة لبداية هذه المرحلة من العمر، والتي يمكن أن تفصلها عن سابقاتها من المراحل العمرية، وإذا أخذنا العمر الزمني بصفته محكاً لتحديد مفهوم الشيخوخة.
فإن هذا المحك يفتقد الدقة في تحديد مرحلة الشيخوخة، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار الفروق الفردية الكبيرة بين المسنين، فبينما نجد بعض الأفراد يعاني من ضعف جسمي ووهن عقلي وإدراكي، وهم لم يتجاوزوا من العمر الخمسين عاماً نجد أفراداً آخرين تتجاوز أعمارهم السبعين عاماً.
وما زالوا يتمتعون بقدرات عقلية وجسمية وحسية جيدة، فكبر السن أو الشيخوخة ليس حدثاً يأتي دفعة واحدة، ولكنه عملية مستمرة لا تأتي في عمر زمني محدد، فليس هناك حد فاصل بين مرحلة الشيخوخة ومرحلة الكهولة.
وتشير المقارنة بين عدة تصنيفات للأعمار أن مرحلة الشيخوخة تتراوح بداياتها ما بين 45 سنة إلى 65 سنة، فعلى سبيل المثال بينما تعتبر 55 سنة هي بداية مرحلة الشيخوخة في بعض المجتمعات، وتعتبر 65 سنة هي البداية الرسمية لمرحلة الشيخوخة في بعض المجتمعات الأخرى.
إذا أخذنا العمر الزمني محكاً لتحديد مرحلة الشيخوخة وفئاتها، أمكن تقسيم المسنين إلى ثلاث فئات، الفئة الأولى وهي ما يمكن أن نطلق عليها المسنين، وهم الذين تتراوح أعمارهم بين 65 و74 سنة، والفئة الثانية والتي يمكن تسميتها بكبار المسنين وهي التي تتراوح أعمارهم بين 75 و84 سنة، والفئة الثالثة يمكن أن يطلق عليها الطاعنين في السن وهم الذين تتجاوز أعمارهم 84 سنة.
التقسيم السابق لتحديد وتقسيم مرحلة الشيخوخة، يستخدم عادة في المجتمعات المتقدمة التي ترتفع فيها الأعمار المتوقعة عند الميلاد، أما المجتمعات التي تنخفض فيها الأعمار المتوقعة عند الميلاد فعادة ما يستخدم تصنيف بعض المجتمعات والذي يقسم المسنين إلى فئتين الفئة الأولى هم المسنون، وهم الذين تتراوح أعمارهم بين 60 سنة و74 سنة، والفئة الثانية هم كبار المسنين وهم الذين تبلغ أعمارهم 75 سنة فأكثر.
على الرغم من فائدة هذه التصنيفات إلا أنه يجب أن ندرك أن هناك فروقاً كبيرة بين الأفراد الواقعين في الفئة الواحدة في الحالة الصحية، وفي قدراتهم الحسية والعقلية وفي نشاطاتهم الاجتماعية والمهنية وفي علاقاتهم الأسرية.
عمليات الشيخوخة عند علماء الشيخوخة الاجتماعي
ينظر علماء الشيخوخة الاجتماعي إلى الشيخوخة من خلال أربع عمليات مستقلة يمكن على أساسها تعريف الشيخوخة وهي:
1- الشيخوخة الزمنية
وتعرف الشيخوخة على أساس عدد السنوات التي عاشها الفرد منذ ميلاده، لذلك فإن الفرد الذي يبلغ عمره 70 عاماً أكبر زمنياً من الفرد الذي يبلغ عمره 55 عاماً، العمر الزمني بطبيعة الحال لا يعكس بالضرورة العمر البيولوجي أو النفسي أو الاجتماعي للفرد.
2- الشيخوخة البيولوجية
وتعني التغيرات التي تقلل من كفاءة أجهزة الجسم مثل جهاز التنفس وجهاز الدورة الدموية، والجهاز الهضمي والجهاز العصبي، ويعتبر العامل الرئيسي لحدوث الشيخوخة البيولوجية هو انخفاض عملية تعويض الخلايا كلما تقدم بالكائن الحي العمر، والعامل الآخر هو فقدان بعض الخلايا التي لا يمكن تعويضها، ويمكن تحديد هذا النوع من الشيخوخة من خلال قياس وظائف الأجهزة العضوية.
3- الشيخوخة النفسية
والتي تتضمن التغيرات التي تصيب الأجهزة الحسية والوظائق العقلية كالذكاء والتذكر والقدرة على التعلم، وكذلك الدوافع والصفات الشخصية، والقدرة على التوافق، مثالاً على ذلك يعتبر الشخص القادر على التوافق مع أوضاع جديدة أصغر بالمعنى السيكولوجي من شخص آخر لا يستطيع أن يتوافق مع هذه الأوضاع.
4- الشيخوخة الاجتماعية
وتعني الشيخوخة الاجتماعية مجموعة التغيرات التي تصيب أدوار الفرد وعلاقاته مع أنساق البناء الاجتماعي كالأسرة وجماعات الأصدقاء وجماعات العمل والتنظيمات الاجتماعية الرسمية، فالأفراد عند ما يشيخون زمنياً وعضوياً ونفسياً تتغير منظومة أدوارهم وعلاقاتهم الاجتماعية، ويحدد المحيط الاجتماعي الذي يختلف بطبيعة الحال بين الأفراد معنى الشيخوخة بالنسبة للفرد الذي يعيشها، وإذا ما كانت هذه الخبرة إيجابية أو سلبية.