لعل من أهم المشكلات التي تواجه السن هو إحساسه باقتراب الأجل، فمع تقدم العمر يزداد الإحساس بقراب النهاية، إذ يشهد موت كثير من أقاربه أو أصدقائه، كما يدرك أنه أكثر عرضه ﻷمراض الوفاة أو الحوادث عن ذي قبل، لذا فإن فكرة الفناء مألوفة عند المسنين كما أنها ليست بغيضة على الذات كما كانت في الشباب أو أواسط العمر، وكذلك لنفاذ كل الأسباب القوية التي تدعوهم للاستمرار في الحياة، وربما كانت هذه الإحساسات تزداد مشاعره بالاستيلاء والغضب لضياع الفرصة أو لظلم الحياة والآخرين.
مشكلة قلق الموت عند كبار السن
من المعتاد أن يتقبل كبار السن احتمال الموت واقتراب النهاية بطريقة واقعية خالية من الانفعال، لكن رد الفعل الطبيعي للأقارب والأصدقاء هو معارضته ذلك الاتجاه محاولين اقناع كبير السن بأنه تفكير خطأ وما زالت أمامه سنوات بحياته ويجب الاستمتاع بها، ويبدو أن تحاشي الفناء والابتعاد عن كل حديث عنه عادة مستحكمة في تاريخ النوع البشري لو أن الفناء من الموضوعات المحظورة والسبب في ذلك هو ارتباط الفناء أو الهلاك بالخوف والقبح واليأس.
وكذلك فإن هاجس الموت يدل إلى اضطراب عام غير هائم أو حر والذي يتمحور حول موضوعات متصلة بالفناء أو الهلاك والاحتضار لدى الفرد أو ذويه، ووسواس الموت هو حالة من الموافقة الانفعالية تتمثل في مشاعر حقيقية من عدم الفرح والابتهاج والانشغال المستند على تأمل لوقوع أي مظهر من المظاهر العديدة المتصلة بالفناء.
وتواجه الرعاية الاجتماعية للمسنين العديد من المشكلات التي يمكن تؤثر على كبير السن، ومنها الجمود النفسي الذي يتسم به المسنون حيث يفتقرون إلى المرونة النفسية التي تجعلهم قابلين لتغير السلوك الذي انخرطوا فيه، وكذلك اختلاط الأعراض النفسية بالأعراض الأخلاقية وهي مسألة على جانب كبير من الصعوبة في التميز.
وحتى إذا أمكن الفصل بينهما فإن من الصعب اقناع المسن بالعدول عن السلوك إذا كان سلوكاً أخلاقياً، وأيضاً عدم القدرة على وضع خط فاصل بين الحالات النفسية الخفيفة التي يجدي معها اتباع طرق التوجيه النفسي وبين حالات الجنون الكاملة التي يجب أن تخضع للعلاج العقلي والنفسي.
إن أوجه الرعاية الاجتماعية التي يمكن تقديمها للمسنين لا تستطيع أن تؤتى ثمارها بطريقة بناءة دون مساعدة أسرة المسن لهذه الجهود، ﻷن الأسرة هي الجماعة الأولية التي يستمر تأثيرها على الإنسان في طفولته وشبابه وشيخوخته.