معوقات تطور النظرية الاجتماعية في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


معوقات تطور النظرية الاجتماعية في علم الاجتماع:

إن اهتمامات المجتمعات بصفة عامة كانت تنصب على البيئة الطبيعية لكي يستطيع الإنسان أن يحافظ على بقائه، وأن يتغلب على العوامل التي تهدد هذا البقاء، وبالتالي فإن اهتمام الإنسان أنصب أولاً على دراسة البيئة الطبيعية، ولذلك تطورت العلوم الفيزيقية قبل تطور العلوم الاجتماعية، أن الحاجات الفعلية والمادية والمباشرة للمجتمعات الإنسانية أدت إلى أن تولي هذه المجتمعات اهتماماتها إلى السيطرة على البيئة الطبيعية أولاً.

وقد ظهرت العلوم الاجتماعية تباعاً واستقلت عن الفلسفة منذ أواخر القرن التاسع عشر، ولكنها في رأي الكثيرين، ظهرت منذ البداية كعلوم زائفة ليست مهمتها الحقيقية كشف الحقائق الاجتماعية، والوصول إلى فهم علمي لها بقدر ما كانت مهمتها إخفاء هذه الحقائق أو تشويهها لسبب بسيط هو، أن الرأسمالية الناشئة كانت ترى من مصلحتها كشف الحقائق فيما يتعلق بالكون المادي لاستغلالها في الإنتاج الرأسمالي وتطويره، ولكن لم يكن من مصلحتها كشف الحقائق الاجتماعية ﻷن من شأن ذلك أن يكشف أيضاً عن استغلالها للطبقات العاملة، ذلك الاستغلال البشع الذي صورة الكثير من الأدباء والمفكرين في ذلك الوقت.

فهناك علم الاجتماع الراديكالي وعلم النفس الراديكالي، وعلم الإجرام الراديكالي، ومثلما هاجمت العلوم الفيزيقية والبيولوجية الراديكالية في القرون الماضية الفكر الخرافي الذي كان يسود هذه العلوم ودعت إلى تغيير جذري فيه بناء على ما توفر لها من معلومات وحقائق عن الكون المادي، تدعو هذه العلوم الاجتماعية الراديكالية إلى إحداث تغيير جذري في مضمون ومسلمات العلوم الاجتماعية بل وإحداث تغيرات جذرية في بناء المجتمع بأسره.

وتلقي هذه التيارات العلمية الجديدة مقاومة شديدة من جانب الرأسمالية ومن جانب العلماء الذين يدافعون عنها، ولكن هذه المقاومة وذلك الاضطهاد الذين يتعرضون له يختلفان في أساليبهما عما كان سائداً في عصور ما قبل النهضة ويتخذ أشكالاً مختلفة منها استخدام المؤسسات العلمية ذاتها كوسيلة للضغط والإرهاب.

ونحن نعلم أن الباحث العلمي يحتاج لمصادر لتمويل بحوثه، وهذه المصادر أما تكون الحكومات أو المؤسسات الاقتصادية والصناعية التي تملك المال في المجتمعات الرأسمالية، وموقف الحكومات والمؤسسات في هذه البلدان موقف معروف ومحدد، فهي تقوم بتمويل البحوث العلمية وتشجيع العلماء الذين تؤدي جهودهم إلى فائدة سريعة ومباشرة لها، وعملية تمويل العلم أصبحت في العصر الحديث ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستثمار، بحيث نجد الآن في معظم البلدان الصناعية أقساماًً للأبحاث العلمية داخل الشركات الكبيرة والمصانع تستخدم العلماء وتتفق عليهم.


شارك المقالة: