مفهوم القوة في النظرية البنائية الوظيفية عند بارسونز:
يبيّن جي روشيه في كتابه علم الاجتماع الأمريكي: أن بارسونز واجه كثيرين من علماء السياسة، عندما أعاد معنى القوة بنفس معنى النقود، وجعلها وسيلة للتبادل في النسق السياسي، وبين النسق السياسي والأنساق الفرعية الأخرى في المجتمع، لقد تطّلع بارسونز إلى علم الاقتصاد على أنه ظهر وازدهر حول فكرة النقود، كوسيلة للتبادل ورمز لقيمة الأشياء، وبنفس الأسلوب ينبغي أن يتشكل علم السياسة حول فكرة القوة التي تناظر فكرة النقود.
ويقدم روشيه العناصر الأساسية لفكرة القوة عند بارسونز:
- إن القوة ذات غريزه متحركة ونشطة، ولذلك فهي رائجه في تفاعلات الأفراد وفي الأنساق، وتؤدي إلى التغير وإعادة التوزيع، فالشخص الذي يمتلك السلطة يستند على رصيد من القوة، يتبادله مقابل السلع والخدمات التي تحتاجها الجماعة التي يحكمها.
- القوة تملك طابعاً رمزياً، حيث أن قيمتها يمكن الحصول عليها عن طريق تبادلها، وهي تعمل كمقياس للسطلة، فرصيد القوة الذي يمكن تبادله يزداد بازدياد التدرج في وضع السلطة.
- كما هو بالنسبة للنقود، فإن القوة تتعرض لتزايد أو تناقص، للتضخم أو الانكماش، حيث تزداد كمية القوة عليه.
- إن القوة أداة لإنجاز أهداف الجميع وليس الخاص، ولذلك اقترن بارسونز بين مفهوم القوة والأهداف الجمعية وفكرة الفاعلية.
- وضحّ بارسونز بين مفهوم السلطة والقوة، فالسلطة تعني ذلك الجانب المترتبط بمكانه ما في نسق التنظيم الاجتماعي، وبالتحديد في صورته الجمعية، حيث يشغل الشخص مكانه تمكنه شرعياً من اتخاذ القرارات التي لا تلزمه هو وحده، إنما تتكفل بها الجماعة ككل، وكذلك الوحدات المكونة لها، أما القوة: فهي الجهود العامة هدفها ضمان أداء الوحدات المكونة لنسق معين ذي تنظيم جمعي للمسؤوليات المنوطة بها، هذه المسؤوليات تكتسب الشرعية، من خلال اتصالها باﻷهداف الجمعية.
وفي حالة المخالفة عليها، يكون هناك افتراض مسبق لفرضها بالقوة عن طريق أساليب العقاب السلبية، أي كانت الهيئة الحقيقية التي تفرض هذه الأساليب.
يتبيّن من شروحات روشيه السالفة، أن القوة تتضمن استخدام القسر، ولكن حسب ما يبيّن بارسونز، لا يتم اللجوء إلى هذا النوع من القوة إلا في أوقات الضرورة، وغالباً ما لا يتم ذلك، ﻷن السلطة تعتمد على أسس شرعية، ويشبه استخدام القسر استخدام النقود والمعادن النفيسة، كالذهب، التي لا يتم اللجوء إليها إلا في أوقات الأزمات.