مفهوم الهابيتوس السوسيولوجي عند بيير بورديو في علم الاجتماع:
يتخذ مفهوم الهابيتوس أو الآبيتوس معاني فلسفية وسوسيولوجية متنوعة، ويكون بمعنى وسيلة وطرق في الوجود، أو المظهر العام، أو الزي أو حالة ذهنية أو عقلية، ويعني هذا أن الهابيتوس ثقافة، وحضارة وصنف من أصناف الوجود والعيش والحضور في العالم.
وقد استعمل مفهوم الهابيتوس أو الآبيتوس قديماً عند الفلاسفة اليونانيين بمفهوم hexis- العرافة، وبالأخص عند أفلاطون وسقراط، وأرسطو ومن ورائهم هيغل وهوسرل، وماكس فيبر وإميل دور كايم، بيّن أن مصطلح hexis قد استبدل، إبان الفترة الوسيطة، بمفهوم الهابيتوس للإشارة على الحالة أو الوضعية أو أسلوب العيش.
وقد اتخذ بيير بورديو مفهوم توجيه السلوك من المفكر السكولائي توماس أكين، الذي استخدم مفهوم توجيه السلوك لتفسير المفهوم الأرسطي الهيكسيس، وقد اتخذ أيضاً من إرفين بانوفسكي الذي تكلم عن جماليات الاتجاه المدرسي في العصور الوسطى، فتوجيه السلوك هو التطبيع الاجتماعي في مجتمع تقليدي، أو هو بمثابة نظام من الإيتوس القيمي المتعالي، يتمكن الإنسان من خلاله أن يتنقل في العالم المجتمعي، من أجل إدراكه بأسلوبه الخاص، أو يأسلوبه المشترك مع المستويات الاجتماعية الأخرى التي يتكيف معها.
وقد واهتم بروديو على بنية توجيه السلوك الداخلي، ومكوناته ووظيفته، فمن حيث البنية ينشأ توجيه السلوك من سلسلة من الميول والافتراضات والتصورات، ورؤى العالم، ومبادئ التصنيف، يساهم توجيه السلوك الذي يمتلكه الإنسان في الأسرة والمدرسة على تمثل المجتمع واستيعابه بصورة جيدة.
وتقوم المجتمعات الأولية الطفولة والمراهقة والتجمعات الثانوية بدورها في تكون توجيه السلوك، ويتمكن المواطنين من خلال الرأسمال الاجتماعي المحصل عليه، بفعل التنشئة الاجتماعية أن يكوّنوا توجيه السلوك الطبقي، بسبب تشاركهم في سلسلة من الأفعال والتعاملات والأداءات المشتركة.
وبذلك يكون توجيه السلوك هو مصدر أداء المواطنين في المجتمع، وهو الذي يسيطر على توجهاتهم القيمية والأخلاقية، أي إنه بمثابة الأنا الأعلى في عل النفس لتجاربهم الحاضرة في العالم، ومن هنا فتوجيه السلوك هو بمعنى قالب أخلاقي قيمي للشخصية المنفردة، بل هو بمعنى أهمية أو حتمية تسيطر في أفعال الفرد، فيما يخص غذائه ومعرفته ونشاطه وهوايته، ويبدو أن مفهوم الهابيتوس مفهوم يتسم الغموض والتعقيد وغير مبين.