من هم الخلفاء الراشدون؟

اقرأ في هذا المقال


رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثل رسل الله الأوائل، كان يدعو الناس إلى عبادة الإله الواحد الحقيقي والخضوع له، في الممارسة العملية يعني الخضوع لله إطاعة أوامره كما هو منصوص عليه في القرآن الكريم وكما يتجلى في السنة النبوية، كخليفة للنبي كان الخليفة هو رأس المجتمع المسلم وكانت مسؤوليته الأساسية هي الاستمرار في طريق النبي، بما أنّ الدين كان كامل وأغلق باب الوحي عند موت النبي، كان على الخليفة أن يسنّ جميع القوانين بما يتفق مع القرآن والسنة.

من هم الخلفاء الراشدون؟

الخلفاء الأربعة للمنظمة الإسلامية هم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب ويتلوه عثمان بن عفّان ثمّ علي بن أبي طالب، ما يشار إليها باسم المهتدون، خلال فترة حكمهم وحدت جيوش الإسلام شبه الجزيرة العربية تحت راية إيمانهم، ثمّ غزت أجزاء من الإمبراطورية البيزنطية وكل الإمبراطورية الساسانية هذه الفتوحات السريعة والدائمة في عهد آخر الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب، الذي قضى معظم فترة حكمه في الحرب الأهلية.

الخليفة أبو بكر الصديق (632-634 م):

كانت وفاة النبي محمد عام 632 م بمثابة خسارة مأساوية لأتباعه، حتى أنّ الكثيرين رفضوا قبول رحيله، منذ أن كان يتلقى النبي محمد وحي إلهي، كان أتباعه قلقين من أنّهم لن يعودوا قادرين على القوة الإلهية، ظهرت أيضاً قضايا أكثر عملية؛ لأنّ النبي محمد لم يعين وريث لمنصبه ولم يكن لديه وريث خاص به، بعد وقت قصير من وفاة محمد -عليه الصلاة والسلام- أعلن العديد من القبائل العربية أنّ اتفاقهم مع النبي محمد كان ذا طبيعة شخصية، كما أنّهم لا يشعرون بأيّ التزام تجاه الإسلام.

بدأ كثير من الناس يدعون لقب النبي، مع ذلك خلال حياته أوضح النبي محمد لأتباعه أنّه آخر نبي الله وبالتالي فإنّ هؤلاء الناس كانوا دجالين في نظر المسلمين، حشد أبو بكر الصديق تأييد غالبية الأمة الإسلامية وأخذ لقب الخليفة، أي خليفة الرسول، أبو بكر هو أحد المقربين من النبي محمد وأول من اعتنق لقب الصديق، حشد دعم غالبية الأمّة الإسلامية وتولى لقب الخليفة، لم يكن الخليفة بلا منازع، حيث دفعت مجموعة من المسلمين لصالح علي بن أبي طالب، لكنّّ سلطة أبو بكر الصديق قد سادت.

كان المرتدون والمدعون للنبوة يشكلون تهديداً وشيك لوجود الإسلام ذاته، كان أبرزهم مسيلمة الكذاب، لقد تشرذمت شبه الجزيرة العربية مرّة أخرى، فإذا تعاونت هذه الأحزاب ضد عدو مشترك (المدينة المنورة ومكة)، فإنّ إمبراطورية الإسلام ستُسحق في مهدها، أظهر أبو بكر قدرته كقائد بالفطرة، حيث دعا جميع المؤمنين الأصحاء إلى الجهاد، كان يعلم أنّه على الرغم من تفوق أعدائه عددياً، إلّا أنّهم انفصلوا واستخدم هذه الفرصة إلى أقصى حد.

قسّم أبو بكر الصديق الجيش الإسلامي إلى فيالق متعددة، كما أرسل كل منها لإخضاع جزء معين من شبه الجزيرة العربية، أصبحت هذه الحروب تُعرف باسم حروب الردة (632-633 م)، كان أبرز جنرالات هذه الحروب خالد بن الوليد الذي هزم قوات مسيلمة على الرّغم من تفوقها في العدد، ذلك كان في معركة اليمامة (632 م)، بحلول نهاية حروب الردة اتحدت شبه الجزيرة العربية بأكملها تحت راية الإسلام، لهذا يُشار إلى أبي بكر باسم “المؤسس الثاني للإسلام”.

مع العلم أنّ العرب عاشوا في ظل حكم القصاص وأنّ القبائل التي خضعت بالقوة تريد الانتقام، قرر أبو بكر توجيه طاقاتهم إلى أماكن أخرى، كان يعرف بالضبط أين تذهب بعد ذلك الأراضي المجاورة لسوريا والعراق، التي كانت تحت البيزنطية و الساسانية حكم على التوالي، نظراً لأنّ كلتا الإمبراطوريتين قد استنفدت ذواتهما تماماً في حربهما المستمرة، فقد كان الآن الوقت المثالي للهجوم، كان أبو بكر محظوظًا على الرّغم من أنّه ربما لم يكن يعرف ذلك بنفسه.

الخليفة عمر بن الخطاب (634-644 م):

كان أبو بكر الصديق قد حظي بتأييد كثير من أصحاب النفوذ، أحد هؤلاء الرجال كان عمر بن الخطاب أحد كبار الصحابة للنبي محمد، المعروف بمزاجه القوي وموقفه الثابت من العدالة، كان أبو بكر الصديق قد فضله خلفياً له وكان من الطبيعي أن يصبح عمر بعد وفاته الخليفة التالي، واصل عمر بن الخطّاب حملات أبو بكر وحقق عام 636 م انتصارين كبيرين للخلافة، حيث هزم الجيش الإسلامي بقيادة سعد بن أبي وقاص هجوم مضاد ساساني رئيسيً في معركة القادسية.

كنتيجة فورية جعلت هذه المعركة العراق تحت سيطرة المسلمين، بينما تمّ غزو بقية الإمبراطورية الساسانية في وقت لاحق، سحقت قوات خالد بن الوليد البيزنطيين في معركة اليرموك، حيث كان الجيش من الناحية الفنية تحت قيادة رجل كبير يُدعى أبو عبيدة، لكن خبرة خالد أنقذت الموقف.

في عهد عمر بن الخطاب الذي دام عشر سنوات حافظ على إحكام قبضته على إمبراطوريته، حتى يومنا هذا يُذكر بأنّه ربما أشهر الخلفاء الراشدين “المؤسس الحقيقي للإمبراطورية العربية”، قام عمر بحماية السكان المحليين الذين تمّ احتلالهم من النهب على أيدي جيوشه، من خلال إبقاء القوات المسلحة منفصلة عن بقية السكان في مدن الحامية، مثل الفسطاط في مصر والكوفة والبصرة في العراق، كما أدخل العديد من الإصلاحات والمؤسّسات التي لم يكن العرب قد تعرضوا لها من قبل، مثل الشرطة والمحاكم والبرلمانات.

حتى أنّه قدّم التقويم الإسلامي، لكن من بين جميع الصفات التي امتلكها، لا شيء يمتدح بقدر تقواه وحبه للعدالة، ممّا أكسبه لقب فاروق (الذي يميز بين الصواب والباطل)، القصة التي ترتبط به غالباً تملي أنّ أحد أبنائه قيل إنّه متهم بالزنا، الشاهد امرأة تدّعي أنّها من فعل ذلك معها، أمر عمر ابنه بالجلد لكنّ الصبي المسكين لم يستطع أن يأخذها ومات، في وقت لاحق ثبت خطأ الاتهام وسحق عمر من الحزن لكنّه لم ينتقم لابنه الحبيب.

الخليفة عثمان (644-656 م):

في أنفاس عمر بن الخطاب الأخيرة عيّن لجنة من ستة أعضاء (مجلس الشورى) لاختيار خليفته، قلصوا الخيارات إلى شخصين هما عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، في النهاية تمّ اختيار عثمان خليفاً له، كان من عشيرة أمية الثرية وصديق مقرب للنبي محمد، كما أنّه كان متزوج من اثنتين من بنات الرسول، أيضاً تمّ تكريمه بلقب “الكريم” لأعماله الخيرية، لم تكن فترة حكم عثمان خالية من النجاح العسكري.

حيث تمّ توحيد مصر بأكملها واكتسبت أراضي إضافية من بلاد فارس، كما تمّ هزيمة المحاولات البيزنطية لاستعادة الأراضي المفقودة، من المفارقات أنّ بمساعدة السكان المحليين معظمهم من ذوي الطبيعة الأحادية، الذين فضلوا أن يكونوا تحت حكم المسلمين يحكمون لأنّهم كانوا مضطهدين بشدة من قبل أسيادهم السابقين، على الرغم من كل نجاحاته لم يكن عثمان يتمتع بشعبية بين الناس كما كان أسلافه، عندما طغت تكلفة الحرب المستمرة على العرب، كانت الأسعار ترتفع وظهرت قضايا اجتماعية واقتصادية أخرى، ممّا أثار غضب عامة الناس.

الخليفة علي بن أبي طالب (656-661 م):

كان علي بن أبي طالب الذي لُقب بأسد الله ابن عم النبي محمد وثاني صحابة محمد بعد خديجة بنت خويلد يسلم، كان عمره 10 سنوات عندما أسلم، في سن ال 21 تزوج فاطمة ابنة النبي محمد الصغرى من خديجة بنت خويلد، كان لديه ثلاثة أبناء هم حسن وحسين و محسن  وابنتيه أم كلثوم و زينب، كان كاتب للقرآن واحتفظ بنسخة منه، حفظ آياته فور نزولها، بعد وفاة عثمان كانت المدينة المنورة في حالة من الفوضى السياسية لعدة أيام.

عندما شعر المتمردون الذين قاموا باغتيال عثمان أنه ضروري وضع خليفة جديد قبل أن يغادروا المدينة المنورة، حاول بعض الصحابة الاقتراب من علي بن أبي طالب لتولي دور الخليفة لكنّه رفض القيام به في البداية، عرض المتمردون الخلافة على طلحة والزبير واللذان رفضا أيضاُ، هكذا هدد المتمردون باتخاذ إجراءات جذرية إذا لم يتمّ اختبار الخليفة الجديد خلال 24 ساعة، لحل هذه المشكلة اجتمع جميع القادة المسلمين في المسجد النبوي، اتفقوا جميعاً على أنّ أفضل شخص يناسب جميع صفات الخليفة هو علي بن أبي طالب.

تمّ إقناع علي بتولي المنص، ثم قام طلحة والزبير وآخرون بأداء البيعة، بعد تعيينه خليفة أقال علي العديد من حكام المقاطعات بعضهم من أقارب عثمان، حيث استبدلهم بمساعدين موثوقين مثل مالك الأشتر، ثم نقل علي عاصمته من المدينة المنورة إلى الكوفة، المدينة الحامية الإسلامية في ما يعرف الآن بالعراق، كانت عاصمة محافظة سوريا أي دمشق، يحكمها معاوية أحد أقرباء عثمان سلف علي المقتول.

تزامنت خلافته مع الفتنة الأولى، هي الحرب الأهلية عندما انقسم المسلمون على من له الحق الشرعي في احتلال الخلافة، الذي انتهى بشكل عام بتولي معاوية الخلافة، اغتيل علي ومات في 21 من رمضان في مدينة الكوفة (العراق) عام 661 م من قبل الخوارج عبد الرحمن بن مُلج، نجح حسن بن علي لفترة وجيزة كخليفة قبل أن يتنازل عن الخلافة لصالح معاوية الأول من أجل إنهاء الحرب الأهلية.


شارك المقالة: