مهام الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود

اقرأ في هذا المقال


تولي الملك فيصل قيادة الجيش:

 لقد تولى الملك فيصل قيادة الجيش، حيث لم يمضِ على احتلال الرياض أربع سنوات، فقد تربى الملك فيصل في جو الخطط والمعارك، وتعلم البطولات والتضحيات، وعندما بلغ السابعة من عمره كان والده قد استولى على مقاطعة الإحساء المقابلة لإمارته من جهة الشرقية والتي كانت تقع تحت نفوذ والي بغداد العثماني، فقد قام والده في عام 1336 هجري في اصطحابه معه بأحد غزواته، التي هاجم فيها آل الرشيد في عفر دارهم، ولم يكن عمره في ذلك الوقت يتجاوز عن الثلاثة عشر عاماً.

معركة حائل:

 في ذلك الوقت ظهرت مواهب الملك فيصل الحربية في مواجهة تلك المواقف الصعبة، وفي عام 1339/ 1922 ميلادي كان الملك فيصل في السادسة عشر من عمره عندما تولى قيادة أحد الجيوش الثلاثة التي جمعها والده السلطان عبد العزيز للزحف على حائل، وكانت له في هذه الحملة انتصارات مشهودة، زادت في شجاعته ونباهته، حيث ظهرت نتائج تلك المشاركة في المعارك التي انتهت بعملية ضم جبل شمر إلى سلطنة نجد، وهكذا ضمت إلى المملكة العربية السعودية.

وبعد انتهاء معركة حائل بمدة قليلة عقد له والده في عام 1340/ 1922 ميلادي، بتسليمه القيادة العسكرية التي كانت موجهة إلى منطقة عسير؛ ليقوم على إخماد التمرد في ذلك الوقت، وكانت هذه الحملة تضم خمسة آلاف مقاتل نظامي وأربعة آلاف من عرب قحطان وزهران، التحقوا بالجيش السعودي بعد دخوله منطقة الجبال في عسير، ومع ذلك لم يتردد سلطان نجد في تولية القيادة للأمير فيصل، بعدما كان قد اختبر كفاءته في المعارك السابقة التي اشترك فيها إلى جانبه.

 في عام 1340/ 1922 ميلادي سار الأمير فيصل بهذا الجيش من الرياض، وتمكن من خلالها القضاء على بني شهر الذين شكلوا خط الدفاع الأول بوجه ذلك الجيش ثم واصل مسيرته بكل حكمة إلى أن وصل إلى أبها، فحاصرها ودخلها دون مقاومة؛ لأن ابن عائض كان قد انسحب منها والتجأ إلى حصن حرملة. ولكن قوات الأمير فيصل تمكنت من محاصرة ذلك الحصن.

بعد انتصار الملك فيصل في تلك المعركة، أصبحت العسير تحت الحكم السعودي في ذلك الوقت، وأسس في مدينة أبها هيئة إدارية وضع على رئاستها الملك فيصل باسم البيت السعودي، ثم عاد إلى الرياض، وأطلق عليه بعضهم لقب بطل أبها، وظهر للناس جميعاً أن الفيصل قائد شجاع وبطل، يجمع بين الحرب والسياسة وبين القوة واللباقة، وردد والده السلطان عبد العزيز أمام زواره عبارة: “لقد كنا على حق حين سميناه باسم جده”، وذلك تقديراً منه للإنجاز الذي قام به الفيصل في رحلته الأولى إلى الغرب، ولم تكن نباهة فيصل محصورة على الشؤون العسكرية، وإنما كانت متعددة الأبعاد؛ فبجانب الشجاعة المتميز، كان هناك الذكاء ورجاحة بالرأي.

وكان فيصل يحضر مجالس التشاور، يستمع إلى أقوالهم وحكمهم ويصغي إلى أحاديث كبار القوم الذين يفدون على سلطان نجد ويروون له الأخبار ويقيمون بما يقترح عليهم من آراء ومقترحات، بجانب تدريب ولده على فنون الحرب وإشراكه في الأعمال العسكرية، حيث كان عبد العزيز يرغب أيضاً في إعداده للانخراط في المجال السياسي ليكون له مساعداً في شؤون الحكم والإدارة وليهيأه لتسلم السلطة في يوم من الأيام.

أثر تولي الملك فيصل الحكم في الدولة السعودية:

لقد كان لتولي فيصل الملك في البلاد السعودية، أثر كبير على سير الأمور فيها، بالرغم من أن قواعده كملك كانت امتداداً للدور الكبير الذي لعبه في الدولة السعودية، منذ أن اهتم بقضايا القطاع العام وهو صغيراً لم يتجاوز السادسة عشر من عمره؛ فوجوده في بداية الدولة، حيث قام بنقلها إلى مرحلة الاستقرار والهدوء الدائم، بعد فترة من التفكك، فقد تركت تلك الفترة آثارها السلبية على شؤون الحكم، وعلى مختلف مؤسسات الدولة ومشاريعها وأوجه النشاط فيها.

استطاع الملك فيصل في الفترة الأولى من حكمه أن يزيل الانحراف والشوائب والأخطاء التي نتجت عن تلك الفترة، وتمكن من النهوض بالمملكة العربية السعودية، وتمكن من تصحيح مسيرتها مما جعلها قادرة على لعب دور كبير على الجانبين الإقليمي والدولي.

فإذا أردنا القيام بتحديد سياسة الملك فيصل في الحكم، وشرح معظم مواقفه وقراراته التي اتخذها على الصعيد الداخلي والخارجي، يظهر لنا بوضوح أنها نمط وطريق واحد متکامل وشامل، بدأ بخطواته الأولى في الحكم، مروراً بكل المناصب التي تولاها، وانتهاء بمبايعته ملكاً على البلاد.


شارك المقالة: