نشأة تطور علم الاجتماع عند أوجست كونت

اقرأ في هذا المقال


نشأة تطور علم الاجتماع عند أوجست كونت:

عاصر أوجست كونت أحداثاً سياسية جسيمة تمثلت في الثورة الفرنسية، وفي الحركات السياسية المضادة التي قلبت النظام الاجتماعي القديم في فرنسا بشكل خاص، وفي أوروبا بشكل عام رأساً على عقب، وتأثر كونت بهذه الأحداث، وبدا ذلك واضحاً في رفضه للفوضى السياسية، وتركيزه على النظام والاستقرار.
وارتبطت هذه التطورات في النظام الاجتماعي القديم أيضاً بتعاليم المدرسة النفعية، التي تطورت على يد جيرمي بنتام وجون ستيورات مل، فهذه التعاليم نظرت للمجتمع نظرة فردية، وجعلت القيم الفردية محور العلاقات الاجتماعية، وهو ما رفضه سان سيمون وأتباعه، ومنهم كونت، ودور كايم من بعده.
فقد ركز كونت، وكذلك دور كايم، على ما هو مشترك بين الأفراد من قيم وعادات وأخلاق وتقاليد لصياغة تعاليم جديدة تدعو إلى التوازن والاستقرار، ونبذ الفردية والتنافسية.
وسار كونت في هذا الاتجاه بإخلاص شديد، فاستعمل أساليب يمكن أن يقال أنها تبشيرية، لنشر التفكير الوضعي الذي يجسده علم الاجتماع، الذي يمكن أن يؤدي دوراً مهماً في إعادة التماسك إلى البناء الاجتماعي.
ويؤكد كونت أن أساس العلم الاجتماعي يقوم بوضوح على تأكيد مصداقية نظرية التطور هذه، ونحن نفعل ذلك من خلال دمج القانون الدينامكي الذي يشكل أحد مميزات هذه النظرية مع مبدأ الثبات، مما يعطي النظرية مزيداً من التماسك، وبعد ذلك ندعم النظرية بتطبيقها على أمور الحياة الواقعية.

مكونات بناء المجتمع عند أوجست كونت:

أوضح كونت أن بناء المجتمع يتكون من ثلاث وحدات رئيسية وهي: الأسرة، الجماعات الوسيطة والدولة، كما أن علاقات التساند بين هذه الوحدات، تعطي البناء تماسكه واتساقه، حيث تؤدي الجماعات الوسيطة دوراً مهماً في هذا التماسك، فهذه الجماعات تتوسط بين الأسر والدولة رابطة هذه الأسر بالدولة، وناقلة في الوقت نفسه وجهات نظر الدولة وتوجهاتها إلى الأسر، وما التفكك الذي أصاب المجتمع إلا نتيجة لضعف هذه الجماعات الوسيطة أو اختفائها بفعل ظروف الثورة الفرنسية.
وبالتالي فقد اقترح كونت أن إصلاح المجتمع يتم من خلال إعادة الدور المفقود لهذه الجماعات، وبالرغم من أهمية هذه الجماعات في مشروع كونت الإصلاحي، إلّا أنه لم يحدد المقصود بها بدقة، والتحديد الدقيق لهذه الجماعات نجده في كتابات دور كايم التي توضح أن هذه الجماعات تشمل بشكل خاص الجماعات المهنية التي تنتشر في المجتمع الحديث، وتحقق تماسكاً عضوياً تكاملياً في هذا المجتمع.


شارك المقالة: