بدأ اهتمام الدفاع الاجتماعي من خلال برامج رعاية الأحداث المنحرفين الذين يقضون فترة محكوميتهم في إطار الجهود الإصلاحية التأهيلية تمهيداََ لإعادة إدماجهم في المجتمع.
نشأة وتطور الدفاع الاجتماعي كمجال للعمل الاجتماعي:
كان الدفاع الاجتماعي مجالاً خصباً للعمل الاجتماعي لدراسة أسباب الانحراف عند الأحداث، ودوافعه ليساعد فهمها في معالجة ظاهرة انحراف الأحداث بشكل عام.
انتقلت الفكرة إلى أروبا بدايةً من بريطانيا، ثمَّ أخذت دول العالم الثالث بأخذ الفكرة للتعامل مع الأحداث المنحرفين بموجبها، فكان دخول العمل الاجتماعي على الصعيد العربي في مجال رعاية الأحداث عام 1940، وفي مصر بالتحديد عندما أَنشأت الجمعية للدراسات الاجتماعية أول مكتب للعمل الاجتماعي في محكمة الأحداث.
أقرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بوجود الدفاع الاجتاعي وفوائده عام 1949، وعيَّنت فيه عدداََ من الأخصائيين الاجتماعيين، وامتد الاهتمام إلى جهاز الشرطة بتعيين أخصائيات اجتماعيات كباحثات اجتماعيات في جهاز شرطة الأحداث عام 1956، واستعانت محكمة الأحداث ودور الملاحظة والإيداع ومكاتب المراقبة بالأخصائيين الاجتماعيين بشكل اكتملت الصورة فيه عام 1996، عند صدور قرار بضرورة وجود مثل هؤلاء الأخصائيين.
وتأخذ الممارسة المهنية المتخصصة للعمل الاجتماعي شكلها الواقعي الآن في مؤسسات رعاية الأحداث، وتطورت لتغزو مجالات الدفاع الاجتماعي كالسجون والتشرد والتسول ورعاية الأيتام ومجهولي النسب والتبني والحضانة عند غياب الأم الأصلية الحاضنة.
يشكل الانحراف مشكلة اجتماعية هامة وبارزة، تواجه مختلف المجتمعات المتقدمة والمتخلفة، وعلى الرَّغم من الجهود التي تُبذَل لمواجهتها إلا أنَّها لا تزال ماثلة بوضوح وفي تزايد مستمر، وتشير الإحصائيات الخاصة بالانحراف والجريمة إلى الزيادة الكبيرة في عدد حالات السلوك المنحرف بأنواعه المختلفة بين الصغار والكبار.
لذلك أدركت المجتمعات المعاصرة أهمية وخطورة تلك المشكلات، وواصلت الجهود لمواجهتها، والتي كان من نتيجتها ظهور التشريعات المتقدمة في مجال الأحداث الجانحين، والتي تقضي برعاية الأحداث المنحرفين أو الجانحين لا بمعاقبتهم.
أما الهدف الأساسي لرعاية المنحرفين فهو تحقيق نموهم الاجتماعي، عن طريق ما تُكسِبَه لهم من خبرات، وما تُنميه من مهارات، وما تستثمره من قدرات، بما يساعدهم على التَّكيف الناجح في المواقف الحياتية المتعددة. وتسعى المجتمعات في وقتنا الحاضر إلى العمل على مكافحة الجريمة بشتى صورها وأشكالها، وذلك بِتَلمّس أسبابها وبداياتها للعمل على القضاء عليها في مهدها، بل وقبل حدوثها بوسائل وقائية احترازية.