نظريات التطور الدوري في الفكر السوسيولوجي في علم الاجتماع:
هناك طائفة من النظريات يمكن إدراجها تحت النموذج التطوري، ولكنها تختلف عن النظريات أحادية الاتجاه، فالتطور هنا يتخذ طابعاً دائرياً، ومن أهم ممثلي هذا الاتجاه في النظر إلى التغير أو التطور ابن خلدون، في العالم القديم المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي، والفيلسوف الألماني شبنجلر، كذلك فإن هناك مجموعة كبيرة من علماء الاجتماع المحدثين والمعاصرين يتبنون هذا الاتجاه، من أبرزهم بيترم سوروكين العالم الأمريكي، وباريتو العالم الإيطالي، وسوف نعرض هنا ﻷهم ملامح نظرية كل من هذين العالمين الأخيرين.
ملامح نظرية بيتيريم سوروكين وباريتو في علم الاجتماع:
قدم بيتيريم سوروكين نظرية في التغير أطلق عليها نظرية التواتر المتحول، حاول من خلالها التوفيق بين التطور في خط مستقيم وبين فكرة التغير الدوري، وقد اعتمد في عرض هذه النظرية على معلوماته الغريزة عن مختلف الثقافات خاصة الغربية، وجاء عرضه لهذه النظرية داخل واحد من مؤلفاته الكبرى، الديناميات الاجتماعية والثقافية.
ويذهب سوروكين إلى أن كل مجتمع من المجتمعات البشرية يمر بمراحل يحكم كل منها نسق معين من الحقيقة أو من الثقافة، وهذه الثقافات هي الثقافة الذهنية والثقافة المثالية والثقافة الحسية، ولكل ثقافة من هذه الثقافات الثلاث عدة مراحل، بحيث يمر كل مجتمع خلال مراحل كل ثقافة في خط مستقيم حتى نهايتها، ثم يتحول المجتمع في اتجاه تبنى ثقافة مختلفة، ويظل في جميع مراحل حتى نهايتها، وأخيراً ينتقل المجتمع إلى الثقافة الثالثة، وبعد أن ينته المجتمع من جميع مراحل الثقافة الثالثة يتحول إلى الثقافة الأولى وكذلك تدور الدورة.
خصائص كل ثقافة في المجتمعات البشرية عند سوروكين وباريتو:
ولكل ثقافة من هذه الثقافات الثلاثة طابعها الخاص، ونعرض لأهم خصائص كل ثقافة فيما يلي:
1- الثقافة الفكرية:
وينظر خلالها إلى الحقيقة على إنهاء شيء غير محسوس أو لا مادي كما يسود نوع من الأدب الروحي، وتميل الحكومة إلى اتخاذ الطابع الثيوقراطي أو الديني، وتبرز أهمية العائلة في التنظيم الاجتماعي، ويسود الاتجاه الرمزي التجريدي في الفن.
2- الثقافة المادية أو الحسية:
وهنا تقوم الحقيقة على أساس واقعي تجريبي وتتخذ الحكومة الطابع الإوليجاركي، كما يميل الأدب إلى الواقعية وتسود فلسفة اللذة.
3- الثقافة الروحية أو المثالية:
وتتخذ الحقيقة هنا الطابع المثالي أو الأيديولوجي وتميل الحكومة إلى اتخاذ الطابع الديمقراطي، كما تميل المعرفة إلى اتخاذ الطابع العقلي.
ويشير سوروكين إلى أن الثقافة الغربية وصلت إلى آخر مراحل الثقافة الحسية، وأنها في سبيلها إلى التحول إلى الثقافة الروحية أو المثالية.