نظرية التشابه أو التماثل العضوي عند إيميل دور كايم:
استخدم دور كايم أعمال العالم الإنجليزي “هربرت سبنسر” ليؤكد بأننا نستطيع أن نفهم وجود وخصائص أو ملامح البناءات الاجتماعية، من خلال مقارنتها بوظائف وأعمال الكائنات الحية، ومن خلال الاسم يتضح أن الكائن الحي، هو كيان حي يعتمد وجوده على كل الأعضاء المكونة له التي تجعله يؤدي وظائفه بشكل مناسب ومتوافق.
ففي الجسم البشري، على سبيل المثال تتوافق الأعضاء كلها مع بعضها البعض فالمخ البشري يعتمد على الوظائف التي تقوم بها الرئتان، وهي تعتمد بدورها على القلب وهكذا باقي الأعضاء، بالإضافة لذلك فإن لكل عضو وظيفته الفريده التي لا يستطيع أي عضو آخر القيام بها، فالقلب مثلاً يقوم بإشباع الحاجة للدم باستمرار، كذلك الكليتين تقومان بتنقية الشوائب باستمرار من الجسم.
وبمعنى آخر فإن وجود كل عضو من أعضاء الجسم البشري، يوجد بشكل مستقر حيث يؤدي وظائف معينة للنظام ككل، كما أن هذه الأعضاء لا بدّ أن تقوم بوظائفها بشكل متناسق مع بعضها، فذلك يؤدي في النهاية ﻷن يقوم الجسم البشري بوظائفه بشكل متكامل.
إن الفرق بين الرجوع للكليات التكاملة المندمجة كأنظمة أفضل من كونها بنيات يمكن فهمه بشكل بسيط، من خلال الفرق بين الصورة الثابتة للنظام الكلي كبنية أساسية، وما يمكن أن يبدو عليه هذا النظام عند عمله وقيامه بوظائفه المختلفة كنظام متوافق.
ففي علم الاجتماع فإن المصطلحات غالباً ما تستخدم بالترابط مع بعضها الآخر، ومن ثم فإن المجتمع يكون له بنيه وعمل كنظام وقد أكد دور كايم بأن النسق الاجتماعي يعمل كنسق عضوي، وتنشأ المجتمعات من مجموعة البناءات الخاصة بالقواعد الثقافية، والتي تشكل المعتقدات والممارسات، ويقوم علماء الاجتماع بوصف أي طريقة مؤسسة للتفكير، أو العمل في أي مجتمع، حيث يتم تجميع أعضاء هذا المجتمع كأنهم أعضاء مؤسسة أو مصلحة ما في هذا المجتمع.
وبالنسبة للموظفين فإن مؤسسات ومنظمات المجتمع، مثل النظام الأسري والسياسي والتربوي والديني، كلها تماثل أجزاء الكائن الحي وأعضائه، وتتكون المجتمعات من مجموعة من الأعضاء المترابطة المتداخلة، فكما هو الحال مع أعضاء الكائن البشري فإن سبب وجود أي شكل لطريقة التفكير أو العمل المؤسسي في المجتمع، هو أنها تلعب دوراً حيوياً فريداً، أو باستخدام عبارة وظيفية تمثل وظيفة حيوية في الصيانة، والحفاظ على المجتمع في وضع مستقر ثابت.