اقرأ في هذا المقال
- نظرية الدفاع الاجتماعي عند فيليبو جراماتيكا في علم الاجتماع
- نظرية الدفاع الاجتماعي عند مارك انسل في علم الاجتماع
نظرية الدفاع الاجتماعي عند فيليبو جراماتيكا في علم الاجتماع:
هو باحث ومفكر إيطالي، قام بتأسيس دراسات الدفاع الاجتماعي في جنوب إيطاليا سنة 1945، وهو أول رئيس للجمعية الدولية للدفاع الاجتماعي التي أنشئت سنة 1949، وقد تأثر بظروف إيطاليا السيئة أثناء الحرب العالمية الثانية ومناظر القتل والدماء التي كانت مألوفة مشاهدة هذه الظروف هي ما جعلت جراماتيكا يستنكر بشكل متطرف كل العقوبات وينادي بإلغائها تماماً من أي رد فعل حتى ولو كان الشخص مجرماً خطيراً.
وقد نادى بشكل قوي بإلغاء عقوبة الإعدام بالذات تكريماً للذات الإنسانية، التي يجب احترامها حتى ولو كان صاحبها مجرماً، والباحث لا يتحدث عن المجرم وإنما يتحدث عن الشخص صاحب السلوك اللاجتماعي، بدلاً من المسؤولية الجنائية يتكلم عن إصلاح الفرد وإعادة تأهيله اجتماعياً وإعادة تكييفه مع المجتمع.
وهذا الأمر لا يقتضي توقيع العقوبة، وإنما يتطلب اتخاذ التدابير الاجتماعية ويشبهها بالتدابير الطيبة بالنسبة للمريض ويشير إلى ضرورة تطبيق سياسة اجتماعية شاملة تتناول الأسرة والاقتصاد والسياسة والثقافة والصحة.
ويثير جراماتيكا قضية العلاقة بين الفرد والمجتمع، وحق الدولة في فرض العقاب أو توقيعه على الفرد، كما ناقش مبدأ المسؤولية الجنائية التي تلحق الجاني عندما ينتهك القانون الممثل ﻹرادة المجتمع، وهل يجب أن يوقع العقاب على حسب الضرر الناجم عن الفعل، أم على حسب شخصية وظروف الشخص الذي قام بالعمل الانحرافي؟ وهو يرى أن قوانين العقوبات تخطىء كذلك عندما تحدد العقوبات على حسب نتائج الفعل الإجرامي، وتخطىء كذلك عندما تضع مركز الثقل في النظام الجنائي في الحماية الموضوعية للأموال والأنفس والمصالح.
ويرى الباحث أن عمل الدولة لا يعد مشروعاً إلا إذا أخذ في اعتباره شخصية الفرد الذي يرتكب الفعل الخارج على القانون من حيث الدوافع والظروف والمحركات التي دفعته إلى هذا الفعل، ويذهب إلى نظام المسؤولية يجب أن يقوم على الإرادة أو أن تحميل الإنسان للمسؤولية يجب أن يستند إلى العنصر الذي يجعل الفرد مناهضاً للمجتمع أو مضاداً له، وليس على مجرد حماية الأموال أو الأنفس أو المصالح.
ويشير هذا إلى أن جراماتيما يجعل من الشخصية في ذاتها بكل جوانبها الاجتماعية والحيوية والنفسية محوراً لنظريته عن الدفاع الاجتماعي، فهو يرى أنه يجب وضع اعتبار للفاعل أو الذات المنحرفة من المنظور القانوني، كقيمة في حد ذاتها، وهذا يعني ضرورة تعديل القوانين الجنائية والعقابية بشكل يستعبد تحميل الإنسان المسؤولية على أساس الفعل الإجرامي أو نتائجه، أو بشكل يسقط ربط المسؤولية الجنائية بالفعل، واستبدالها بمفهوم أعم وأقرب إلى الواقع الإنساني والاجتماعي ويقوم على فكرة عدم التوافق الاجتماعي أو مناهضة المجتمع من جانب الجاني.
نظرية الدفاع الاجتماعي عند مارك انسل في علم الاجتماع:
حركة الدفاع الاجتماعي الجديد أثارت نظرية جراماتيكا مخاوف العلماء لما نادت به من ضرورة وضع تدابير اجتماعية ضد أي عمل يكشف عن الانحراف حتى قبل ارتكابه طالما أنه صدر شخصية لا اجتماعية وهذا ما جعل أنصار حركة الدفاع الاجتماعي يحاولون تصحيح المسار في إطار الشرعية من خلال حركة الدفاع الاجتماعي الجديدة.
يعتبر وانسل مفكر فرنسي عمل مستشاراً بمحكمة النقض الفرنسية، كما عمل رئيساً للجمعية الدولية في الدفاع الاجتماعي، وقد قدم نظرية أطلق عليها النظرية الجديدة في الدفاع الاجتماعي أو الدفاع الاجتماعي الجديد، ويقر وانسل وجود المسؤولية الشخصية وإن كان يصوغها بأسلوب جديد، فهو يرفض المسؤولية المادية القائمة على السببية بين الفعل والنتيجة، ويرفض فكرة حرية الاختيار كما صاغتها المدرسة التقليدية.
ويرفض فكرة الحتمية كما قدمتها المدرسة الوضعية، وهو يؤكد المعنى الفردي للمسؤولية بأنها شعور الفرد بشخصيته كما تبدو في فعله أو كما يفصح عنها سلوكه، هي معيار الأهلية الجنائية، وهذا يعني أنه لا يجب تركيز الاهتمام على الجريمة واهمال شخصية المجرم، كما يفعل أنصار المدرسة الكلاسيكية، ولا يجب التركيز على شخصية المجرم وظروفه واهمال الواقعة الإجرامية ونتيجة الفعل، كما يفعل أنصار المدرسة الوضعية، ويرى انسل أن المسؤولية والخطورة يمكن أن تجمعنا في شخص واحد، فالمسؤولية هي أساس حكم القاضي بالعقوبة، والخطورة هي التي يحكم على أساسها بالتدابير الوقائية أو الاحترازية، ويعترف انسل بوظائف العقوبة من حيث الردع العام والخاص والإصلاح.
ويؤكد انسل ضرورة الاستعانة بنتائج الأبحاث النفسية والاجتماعية عند التعامل مع المحترفين وذهب إلى ضرورة عمل ملف خاص بكل مجرم، يقوم بإعداده أخصائية اجتماعية ونفسيين وأطباء وعلماء إجرام يستعين به القاضي في الحكم على المجرم، وانسل لا يقر فكرة جراماتيكا بشأن التدابير السابقة على الحرية الفرضية لكل إنسان حتى ولو كان خطيراً على المجتمع، وهذا يعني الالتزام بالإجراءات القانونية تحت إشراف القضاء، ويذهب انسل إلى أنه يجب اتخاذ إجراءات وقائية مع بعض الناس الذين هم على أعتاب الانحراف الإجرامي.