نظرية الصراع البنائي الاجتماعية:
أحد الاحتجاجات التي قدمها بعض علماء الاجتماع تجاه نظرية التوافق التركيبي البنائي، هو أنه حينما تكون المجتمعات جائرة لا يكون البشر محصورين فقط بالمعايير والقيم التي قد تعلموها، عن طريق الترابط الاجتماعي، ولكنهم محصورين كذلك بالمزايا التي يمتلكوها، وكذلك بأشكال عدم المساواة الموجودة داخل مجتمعهم.
وهذا التأكيد على مؤثرات السلوك الخاص بالتوزيع الجائر للمميزات في المجتمع، عادة ما يكون مرتبطاً بنظرية الصراع التركيبي، فلماذا إذاً تسمى مثل هذه النظريات بنظريات الصراع؟
وتختلف أشكال وأنواع عدم المساواة في مجتمع ما، حيث يمكن أن تكون الجماعات العرقية جائرة، فالأطفال والكبار يمكن أن يكونوا جائرين، وكذلك الرجال والنساء، والأشخاص الذين يقومون بوظائف متنوعة وذوي الأديان المختلفة، وهكذا يمكن أن تتنوع أنواع المميزات التي يمتلكها تلك الجماعات بشكل غير متساوي، فالجماعات المختلفة يمكن أن تمتلك كميات غير متساوية من القوة والسُّلطة والاعتبار أو الثورة، أو كل هذه الأشياء ومميزات أخرى.
وعلى الرغم من أشكال عدم المساواة التي تركز عليها نظريات الصراع، وكذلك أنواع المزايا التي تعتبرها النظريات موزعة بصورة غير متساوية، فإن مثل تلك النظريات تشترك في حقيقة ثابتة، وهي أن أساس عدم المساواة يكمن في سيطرة الجماعات ذوي المزايا على الجماعات التي لا تمتلك مثل هذه المزايا.
ونظريات الصراع تعتبر نظريات مزعومة؛ ﻷنه من وجهة نظر هذه النظريات يكون الصراع على الحقوق بين الأثرياء والفقراء متأصل في المجتمع الجائر.
هناك اعتراض من قبل نظرية الصراع ضد نظرية التوافق، أن أصحاب نظرية الصراع يتهمون أصحاب نظرية التوافق بالتركيز الشديد على المعايير والقيم كمحددات للسلوك على حساب مؤثرات أخرى، كما أنهم يقولون أن نظرية التوافق تسيء فهم دور اهتمامها الرئيسي، وهو الارتباط الذي يحدث عن طريق الثقافة.
فنظرية التوافق تقول أن الناس يتصرفون عن طريق ارتباطهم بالقواعد الثقافية، وتكون النتيجة هي وجود توافق حول كيفية التصرف، والسلوك الذي يوضع نفسه في شكل أنماط منتظمة للسلوك، ويقول أصحاب نظرية الصراع أننا ينبغي علينا أن ننظر إلى دور القواعد الثقافية، وعملية الارتباط في ضوء مختلف تماماً، إن المحددات الفعلية للسلوك، هي المنح والمزايا التي تمتلكها الجماعات المختلفة في المجتمع بشكل غير متساوي.
لذا فإن من وجهة نظر أصحاب نظرية الصراع من المحتمل أن يكون الترابط أداة تنتج نظام اجتماعي، عن طريق القوة والهيمنة والتحكم، بدلاً من أن يكون وسيلة للنظام الاجتماعي من خلال التوافق.