نظرية الصراع عند رالف دارندورف:
يبيّن داندورف في كتابه الأكثر شهرة، الطبقة والصراع الطبقي في المجتمع الصناعي، أنه لا ينكر للطروحات الوظيفية سواء تلك التي وضعها بارسونز أم غيره من البنائيين الوظيفيين، فهي كما يبيّن، تساعدنا في فهم العديد من مشكلات الواقع الاجتماعي، ويطرح الافتراضات الأساسية للوظيفية على النحو التالي:
- إن المجتمع يحتوي على بناء قائم نسبياً من العناصر.
- هذه العناصر متكاملة مع بعضها.
- كل عنصر يؤدي وظيفة تدعم بقاء النسق.
- كل بناء اجتماعي يرتكز على إجماع قيمي بين أعضائه.
ولكن ﻷن النموذج الوظيفي يبلغنا بشكل سهل جداً، عن وجود القسر في النسق، فإن دارندورف يوضح مشكلات من هذا النوع إلى نموذج معارض هو نظرية القهر، ويضع افتراضاتها على النحو التالي: “كل مجتمع عرضه لعمليات التغيير، كل مجتمع يحتوي على الصراع واللااتفاق وهي عملية شمولية، كل عنصر يساهم في عدم التكامل داخل النسق ويؤدي إلى التغيير، كل مجتمع يعتمد على قهر بعض أعضائه للبعض الآخر”.
يبدو أن دارندورف ليس من دعاة الإطار النظري الموحد والعام، وفي تصريح له يثبت أن توحيد النظرية غير عملي إلى درجة حيرت المفكرين منذ بداية مسيرة الفلسفة الغربية، ولذلك فإنه يحتفظ بالوظيفية إلى جانب الصراع، ويعتبر إن إحداهما قادرة على تفسير ظواهر لا تستطيع الأخرى تفسيرها.
ولكن كما هو مبيّن من عنوان كتابه، يهتم بتوضيح الصراع، ﻷن التأكيد المستمر على التوازن والاستقرار يفضي إلى اليوتوبيا، وهكذا يتبين أن دارندورف لا يُكنّ عداءً للوظيفية، كما يزعم جوناثان تيرنز، بل يعتبرها مفسرة لظواهر بعينها في المجتمع.
لقد أراد دارندورف متابعة طروحات ماركس، في إطار التحولات التي طرأت على النسق الرأسمالي، وبصورة خاصة وحدة الطبقة الرأسمالية، والدور الثوري الذي تم التعويل على الطبقة العاملة القيام به.
ويوضح دارندورف بهذا الخصوص، “أعتقد أنه بإمكاننا اتباع ماركس في تفسير الراديكالي لهذه الظاهرة، إن انفصال الملكية عن السيطرة قد استبدل جماعة واحدة بجماعتين، موقعهما، وأدوارهما، ونظراتهما بعيدة عن التطابق”، ويرفض رارندورف، اعبتبار ماركس هذا الانفصال شكل انتقالي من التطور التاريخي.
يلاحظ دارندورف أن الرأسمالية قد كثرت وتقسمت وتنافست، ولكنها لم تفقد خاصيتها الوجودية المرتبطة بالقوة، فالإداري قد يستمد شرعية التحكم والسيطرة من حقه في الملكية، التي تبرز على شكل مساهمة، بصرف النظر عن طبيعة الإدارة، وفي الوقت ذاته فإن الشرعية تصدر من خلال الاتفاق بين المرتبطين بالمشروع، وإجماعهم على طاقة الأوامر، ولذلك فإن الإداري يتوقع الطاعة والإذعان، وتبرز قوته في ضوء المتغيرين أو المرتكزين السابقين، وهما رأس المال المساهم، والإجماع المتمثل بالمعايير المؤسسية.