نقد علم العمران عند ابن خلدون في علم الاجتماع

اقرأ في هذا المقال


على الرغم من تطور أفكار عبد الرحمن ابن خلدون بمقياس عصره إلا أن الأمر لا يسلم من توجيه بعض الإنتقادات لاسهاماته في مجال علم العمران، وهذا أمر طبيعي في مجال الدراسات الإنسانية ومن بين الانتقادات التي وجهت إليه ما يلي:

نقد علم العمران عند ابن خلدون في علم الاجتماع:

  • أولاً: ادعى البعض أن فكرة المجتمع لم تمكن واضحة لدى ابن خلدون الأمر الذي جعله يرجع الكثير من الظواهر المؤثرة في المجتمع إلى عوامل بيولوجية، ومع ذلك فإنه يمكن الرد على هذه الدعاوى بأن الرجل اجتهد لتقريب أفكاره بأمثلة حية استقرأها من رحلاته العديدة ومشاهداته المتنوعة، ومع هذا فإن الرواد المحدثين لعلم الاجتماع قد عادوا لكثير من هذه الأفكار وردودها بعده، بما يصل إلى خمسة قرون.
  • ثانياً: في مجال السلطة السياسية، يرى البعض أنه قد شغل بها إلى حد كبير، وجعل منها عاملاً أساسياً في تطور المجتمع الإنساني، وانتقاله من حالة ﻷخرى، ولعل ذلك كان مدخلاً لاتهامه بالميل للمحافظة على الأوضاع السائدة، وتسخير العلم الجديد لهذه المهمة، بدلاً من جعله علماً يسهم في التغير الاجتماعي.
  • ثالثاً: من الانتقادات التي وجهت لابن خلدون أنه وضع قانوناً ثابتاً للتطور، وهذا القانون شبيه بقوانين الكائنات الحية في العالم العربي الطبيعي، ومن هنا قيل أنه كان حسى النزعة، ومع ذلك فإن هناك آخرون يردون على ذلك بأن الرجل باعتباره عالماً مسلماً رأى أن كافة الكائنات الحية تولد وتنشأ وتنضج، ثم تضحمل وتفني، وكان يدرك أن قانون الفناء أزلي وأبدي، فنقله إلى مجال العمران البشري متأثراً في ذلك بما أصاب بعض الإمبراطوريات السابقة من ظهور فازدهار فاضمحلال، فضلاً على أنه عاصر بداية انكماش الإمراطورية الإسلامية، وهذه كلها كان لا بدّ أن تترك تأثيرها على أفكاره.
  • رابعاً: على أن النقد ينطوي على كثير من الصدق يتمثل في أن ابن خلدون لم يحسن استغلال وتطبيق قواعده المنهجية، فقد اقتصر استقراؤه على الأمم التي لاحظها، وهي شعوب العرب والبربر، خاصة في شمال أفريقيا، وما كان يسود هذه الدويلات في هذا لا يصلح للتعميم أو استخلاص قانون عام ثابت ينطبق على المجتمعات الإنسانية بأسرها.

ولعل هذه الانتقادات جميعاً سواء ما تم تنفيده منها، أو ما وافقنا عليه، لا تقلل من شأن هذا الرائد العظيم، كما لا تقلل من دوره الرائد في تأسيس علم جديد، ووضعه على الطريق الصحيح، كما أن الانتقادات التي وجهت إلى مسلكه الشخصي فيما يتصل بعلاقاته بالسلطة، وطموحه السياسي لا تقلل أيضاً من شأنه كمفكر موسوعي تناول جميع جوانب الحياة الإنسانية وظواهرها الاجتماعية.


شارك المقالة: